حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    قيوح يشرف على تدشين المركز اللوجيستيكي "BLS Casa Hub" بتيط مليل    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطلاق هل هو نهاية للعلاقة الزوجية أم بداية لأزمات نفسية؟
نشر في شبكة طنجة الإخبارية يوم 11 - 03 - 2010

أضحت ظاهرة الطلاق ظاهرة خطيرة ،تؤرق كواهل مجتمعاتنا العربية والمغرب بشكل خاص، وذلك لما تعرفه من من تطورات ومشاكل ،وتخلفه من أضرار نفسية واجتماعية، لأنها تستهدف كيان الأسر، وتعصف باستقرارها، فهذا (الحلال البغيض) والذي يلجا إليه المرء كآخر محطة عندما تنعدم سبل التفاهم ، وتتراجع إمكانيات التواصل، ويصبح الحوار مفقودا بين الشريكين في مؤسسة الزواج، يأتي الطلاق هنا كحل نهائي ليضع نهاية لبعض من المعاناة ،لكنه بالمقابل يرسم مسارا آخر لمحنة جديدة يؤدي فاتورتها كل من الزوج والزوجة والأبناء.
فالطلاق كحالة اجتماعية يصبح أزمة ترافق المطلقين وأبنائهم مدى الحياة ،وتبقى آثاره عالقة في أذهانهم بشكل دائم.
آثارالطلاق بالنسبة للمرأة
أثبتت التجارب بأن المرأة في هذه الحالة تكون أكثر ضررا من الرجل من الناحية النفسية، لأنها تصبح في نظر المجتمع امراة فاشلة،لأنها لم تستطع أن تحافظ على زوجها، ولم تستطع أن تتواصل معه، و تجنب أسرتها ويلات هذه النهاية المحتومة ، وبه تصير منبوذة من طرف الجميع و مذنبة، لتضحي لقمة صائغة تلوكها الأفواه وتنعتها بكل النعوت السلبية ،وربما يصير ترتيبها في تصنيف أفراد المجتمع في رتبة دونية.
وهكذا تصبح المطلقة حبيسة داخل سجنها الأبدي الذي فرضته عليها التقاليد والأعراف التي تطبع سمات المجتمع الذي تنتمي إليه وتبقى على هذا الحال إلى أن ترتبط برجل ثاني يعفو عليها ويعطيها الأمل من جديد لتبدأ حياة أخرى هشة، يترصد لها شبح الماضي وغول التجربة الفاشلة السابقة.
أثار الطلاق بالنسبة للرجل
جاء في دراسة علمية حديثة بأن الرجال هم المتضررون الأكثر من الطلاق ، وليست النساء كما يزعم البعض وأشارت الدراسة التي شملت 10 آلاف رجل إلى تزايد نسبة الرجال المطلقين الذين يعانون أمراض جسدية ونفسية، وهذه الأضرار تسبب الكثير من الأزمات القلبية التي تؤدي بحياة هؤلاء المطلقين، كما أفادت الدراسة أيضاً أن الإقبال على الانتحار لدى هؤلاء يفوق مرتين ونصف معدل الرجال المتزوجين.
لأن الرجل بطبعه يكتم في قلبه أشجانه بعكس المراة، وهذا ما يضاعف محنته ويرفع درجة تأزمه.
والحالة تكون أكثر وجعا بالنسبة إليه إذا جاء الطلاق من الزوجة إذ يعتبر الأمر إهانة وطعنا لرجولته، إذا علمنا أن مجتمعنا العربي مجتمعا أبيسيا، يتفرد فيه الرجل بالسلطة وباتخاذ القرار.
أثار الطلاق بالنسبة للأطفال
اثبت جل الداسات أن الأطفال هم الخاسرون الأكبر في دائرة الصراع بين كل من الأب والأم(الزوج والزوجة)وأن الإحتكام إلى الطلاق لإنهاء هذه العلاقة الزوجية يخلف أثارا سلبية كبيرة في نفسية الأطفال ويحطم معنوياتهم ويدفعهم إلى العزلة والخوف،خاصة إذا كانوا في أصاغر سنهم.وعملية صراع كل من الأب والأم ،في طريقة امتلاك الطفل واختضانه بعد الطلاق يؤثر سلبا على صحته ومراحل نموه ،ويجعله يشعر بأنه مختلف عن اقرانه بطريقة جد متباينة فلا يدرك تفسيرها، مما يدخله في عالم من التساؤلات الغربية التي لا يجد لها جوابا شافيا،حتى أنه قد يفهم أحيانا بانه هو السبب في كل هذه المشاكل مما يغرقه في الصمت والإنطوائية.
وفي دراسة أجريت على حوالي 2067 تلميذا ممن تفككت أسرهم بالطلاق أعطت 600 حالة منهم، يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة مطبوعة بالسلوك العدواني بالإضافة إلى عدم الانضباط واحترام القوانينن، أما من الناحية الصحية فقد اثبتت الفحوصات الطبية بأنهم متضررون بشكل ملموس مقارنة بأترابهم الذين يعيشون في أسر سوية مستقرة.
قراءة في الطلاق
- وعلاقة بالموضوع وفي لمحة سريعة لتطور ظاهرة الطلاق في بلادنا فإن الأرقام أخذت تتقافز و تتسارع بوثيرة مرتفعة وأعداد المطلقين والمطلقات تتزايد يوما بعد يوم ،فمدونة الأسرة التي علقت عليها الأمال من أجل الحد من هذه الأزمة ،فبالرغم من أركانها الإجابية إلا أنها أثبتت عجزها في معالجة بعض المشاكل الأساسية المؤدية إلى انفصال كل من الزوج والزوجة عن بعضهما البعض، وقد علق وزير العدل الأسبق، عبد الواحد الراضي على المدونة ،بانها مشروع غير مكتمل ،وأنه مازال في قيد التجربة، والأيام كفيلة بأن ترينا مكامن الخلل في هذه المدونة، وبواطن النقص فيها ،من أجل معالجتها، فالمدونة ليس شيئا منزلا، فهي من وضع البشر.
وفي قراءة لبعض النسب حتى ولو كانت بتواريخ قديمة في غياب إحصاءات جديدة تحين هذه الارقام إلا أنها كفيلة في تجعلنا ندرك جميعا حجم هذه المحنة.وذلك من خلال إجراء مقارنة بسيطة لوضعنا من خلال قراءة لنسب بعض أشقائنا العرب.
تناولت بعض الدراسات التي أقيمت على بعض دولنا العربية والتي نشرت على صفحات الانترنيت في الشبكات العنكبوتية أنه مثلا في دولة الإمارات العربية المتحدة توجد حالة طلاق في كل 4 ساعات تقريبا، و في المملكة السعودية، جاء في تقرير لوكالة رويتر أن نسبة الطلاق تساوي 35% من عدد حالات الزواج،لكن هذه النسبة تجاوزت اليوم 40 في المائة ، وفي مملكة البحرين كانت النسبة 20%، وهذا بناء على إحصاءات جلبت من المحاكم ،و في دولة الكويت بلغ 2000حالة سنويا، وقد ارتفعت النسبة لتصل الى 3096 حالة طلاق، وفي دولة قطر، وصلت إلى 38% من حالات الزواج وفي مصر في سنة واحدة تم تطليق 75 ألف امرأة، وفي الأردن تفيد بعض الدراسات بأن من اصل56561حالة زواج خلال سنة واحدة هناك 211 مطلقة من الفئة العمرية ما دون 18 عاما، و397 مطلقة من عمر 18 الى 20 عاما و678 مطلقة من عمر 26 الى 29 عاما .
أما بالعودة إلى المملكة المغربية فقد بلغ عدد عقود الزواج في الرباط وحدها (نموذجا )خلال سنة واحدة (8569) عقد، في حين بلغت حالات الطلاق (2721) حالة، وشكل الطلاق الخلعي النسبة الكبرى من الحالات، كما أن عدد حالات الزواج والطلاق، لا يشهد تغيرا كبيرا بين سنة وأخرى، لكن مع وصول مدونة الاسرة صار هناك إقبالا كبيرا على الطلاق كما أوضح مصدر قضائي، مفيدا أنه مند دخول مدونة الأسرة حيز التنفيد أصبح واضحا ان هناك إقبالا كبيرا على مسطرة الطلاق للشقاق من طرف المتقاضين بنسبة56.25 في المائة عوض اللجوء إلى باقي الانواع الاخرى من الطلاق ومنها الخلعي والاتفاقي والتطليق بسبب الاخلال بشرط في عقد او والتطليق للضرر والتطليق لعدم الانفاق وللغيبة والتطليق للعيب أو بسبب الايلاء والهجربنسبة 35 في المائة
ومن خلال هذه القراءة السريعة نلمس بأن أعلى نسبة للطلاق تبقى في دول الخليج العربي وتحتل فيها كل من الإمارات والسعودية حصة الأسد بأزيد من 40 في المائة وقبل الخروج من دائرة هذه الأرقام السلبية وجب االتوقف عند الدولة التونسية التي سجلت الدراسات فيها بأن الإقبال على الزواج في ارتفاع كبير ونسبة الطلاق تراجعت بشكل ملموس لأنهم سنوا لأنفسهم قانونا يحرم تعدد الزوجات ويبيح العشيقات إسوة بالغرب.
أسباب الطلاق
إذن ما هي أسباب الطلاق التي عجزت المدونة في المغرب أن تتصدى لها وتجد لها الحلول القمينة من أجل التخفيف من هذه الأزمة؟
عندما نحاول الكلام عن الأسباب المؤدية إلا الطلاق نجد أنفسنا امام فيض من الأمور التي تتداخل فيما بينها في علاقات تمفصلية يعجز المرء في الفصل بينها بحيث نجدها متشابكة، تربط بينها مجموعة من القواسم المشتركة تنطلق من عاملين أساسيين مهمين هما المشكل الإقتصادي والمشكل الإجتماعي.
وتبقى أهم هذه الأسباب هي التي تؤدي إلى وقوع المشاجرات التي تحدث بين الزوجين باستمرار، وتحول دون تفاهمها، ودوام العشرة خلال الحياة الزوجية، والزوجان يتحملان المسؤولية معا في تطور هذه الخصامات لأنهما برفضهما التنازل قليلا وثني الرأس للعاصفة والسماح لها بالمرور، يتعنثان ويعتبران التنازل للطرف الأخر مذلة وضعفا ومسا بالكرامة، ويحمل بعد الدارسين لعلم الإجتماع أن الرجل يكون في أغلب الحالات الأكتر تصلبا في مواقفه بحيث يتمادى في مشاكسته لزوجته ،ويحصر المتتبعون لحالة الطلاق أن أهم الأسباب تتلخص في عدم وجود توافق جسمي وفكري وثقافي بين الزوجين، وإهمال الزوج لزوجته ولأسرته، وعدم الانفاق عليها، أو انعدام اخلاقيات الزوج، ولجوئه الى اعمال مشينة، كمعاقرة الخمرة والحشيش، ولعب القمار، والسهر خارج المنزل، لأوقات متأخرة من الليل، وعدم قيامه بالواجبات الزوجية ، وقد يكون أيضا السبب هو عدم قدرة أحد الزوجين على الإنجاب، وفي حالات اخرى وجود فارق في السن كبير جدا بين الزوجين يحول دون تفهم كل منهما للآخر، وقد ويؤدي إلا اختلافات حادة في الطباع بينهما، وفي مجال آخر ياتي الطلاق لحدوث الخيانة الزوجية من أحد الزوجين ،وكذلك ظاهرة تعنيف الزوجة و وضربها بشكل عنيف ومؤلم ومتكرر، وايذائها في جسدها، كما أن للغيرة دورها في تفتيت الأسر وأيضا تدخل بعض افراد الاسرة سواء من طرف الزوج أوالزوجة في حياة الازواج و للفقر والحاجة الدور الكبير في التعجيل بالطلاقن ولائحة المشاكل طويلة.
هذا باختصار شديد بعض المسببات و من أجل الوقوف على حقيقة الأمر، ولتناول الحالة من جانبها العملي الميداني كان لزاما علينا الدخول في حوارات مع مجموعة من الناس ممن عاشوا تجربة الطلاق واكتووا بنار الفراق.وكانت هذه بعض الشهادات.
أريد أن اسجل أنه لم يكن الأمر عسيرا علينا من خلال القيام بجولة ميدانية فلم يكن هناك تحفظ أو نفور ممن استجوبناهم وكأنهم وجدوا في حديثنا معهم فرصة للتفريغ والترويح عن النفس وإخراج هذه الأزمة من بين صدورهم علهم بذلك يقللون من وطأة الوجع.
- تحكي فتيحة وهي فاعلة جمعوية ومراقبة إجتماعية
قام أهلي بتزويجي من شخص لا أعرفه ولم أسمع عنه قط، وقد أرغمت على هذا الزواج وأنا في سن مبكرة جدا ،أي مازلت طفلة . وهذا الزواج حرمني أيضا من فرصتي في التعلم،وممارسة حقي في اللعب، على العموم انتقلت إلى بيت زوجي في جو من الرهبة والخوف لأنني دخلت تجربة جديدة لم أتهيأ لهامن قبل .فشعرت في البيئة الجديدة بانني سجينة أكثر منها زوجة.
لقد كنت أفتقد إلى الكثير من أبجديات الزواج.وبناء على هذا فقد كنت ارتكب اخطاء كثيرة في تسير بيتي لكنني كنت دائما أكد واجتهد من أجل تخطي هذه المرحلة ،أما زوجي الإنسان الراشد والذي كان يكبرني بأزيد من 15 سنة فإنه لم يغفر لي صغر سني، ولم يضع في الإعتبار أنه يلزمني بعض من الوقت لانسجم مع الظروف التي وضعت فيها.
لقد كان دائما ينهرني ويشتمني ويشتم أهلي ،وبالرغم من ذلك كنت دائما أتحمل وأصبر ،واقول مع نفسي إن الأيام كفيلة بأن تصلح هذه الأمور.
استمرت الحياة بيننا 3 سنوات، وقد عملت جهدي من أجل أن أكون امرأة صالحة كاملة في نظره ،لكن زوجي لم يتغير،وأصبح دائما ينظر إلي كامرأة فاشلة ،لكن في يوم من الأيام شعرت بأنه صار واجبا على زوجي بان يعترف بي كشريكة معه في مؤسسة الزواج ،ويعاملني كإنسانة لها مشاعر وعواطف وأحاسيس مثله تماما.فوقفت أمامه الند للند، وأخبرته بانني لم أعد تلك الطفلة المنهزمة القليلة التجربة والحيلة،رفض زوجي جرأتي وصراحتي هذه، فتحول إلى وحش كاسر ثم انهال علي بالضرب والرفس كالمجنون لتضع هذه الحادثة نقطة النهاية لحياتنا الزوجية.
لست نادمة على هذا الزواج بقدر ما أنا سعيدة اليوم، فهذا الطلاق سمح لي بالعودة للدراسة والتحصيل من جديد وانا الآن موظفة وأعول نفسي ولا أحتاج لرجل يهينني من جديد .وأحمد الله لانني لم أخلف منه أطفالا.
- تحكي سميرة وهي أستاذة بالتعليم الإبتدائي
تجربة الزواج بالنسبة لي في البداية كانت تجربة ناجحة ،فزوجي الرجل الموظف في نفس القطاع الذي اشتغل فيه كان يحبني كثيرا ويعاملني بلطف كإنسان مثقف يتعامل مع إنسانة مثقفة مثله. وقد اثمر هذا الزواج وهذا الحب الذي كان سائدا بيننا بإنجاب طفلين رائعين.
بمجيئهما ازدادت أواصر المحبة بيننا وصارت للحياة معنى آخر لكن هذه النعمة لم تدم كثيرا ،إذ توفي والده وبه انتقلت أمه لتعيش معنا في المنزل .مرت الايام الأولى بسلام وكنت أعاملها كأم لي بأدب واحترام.لكنها بدأت تتدخل في حياتي وفي تسيير بيتي، الأمر الذي بدأ يضايقني بعض الشيء، فطلبت من زوجي بأن يتدخل بيننا لأن أمه أخذت تتصرف في أشياء جد خاصة في حياتي، لتكون هذه الشكوى هي بداية المعاناة.
كنت أنتظر من زوجي أن يستمع لي وينصفني، لكنه نهرني لأول مرة في حياته وانحاز لأمه التي استغلت الفرصة لتبدأ في سلسلة من الكيد لي وتحريض ابنها علي.انقلبت حياتنا ظهرا على عقب وصار زوجي غريبا علي.تحول إلى شخص مزاجي عصبي.
غابت الفرحة في عينه وتلاشى كل الكلام الطيب ليحل محله كلام غليظ عنيف،تعرضت لكل اشكال الإهانة والعنف وكنت دائما أتحلى بالصبر من أجل ولدي الصغيرين.لكن طاقة الإنسان في التحمل محدودة فجاء اليوم الذي وصلنا فيه إلى الطريق المسدود، ليتوقف كل شيء.انفصلنا عن بعضنا لكنني مازلت احب زوجي بالرغم من كل ما صار بيننا لأنه اب ولدي .
- يحكي عبد السلام الميكانيكي
تأخرت كثيرا قبل خوض تجربة الزواج، وكنت لا أكف عن مساءلة اصدقائي المتزوجين عن هذه التجربة .كنت اجمع المعلومات لكي أدخل هذه التجربة الحياتية، وأنا أتوفر على المعلومات الكافية.وجاء اليوم الموعود فوجدت نفسي ادخل هذا القفص الذهبي كما يحلو للبعض تسميته.تزوجت من فتاة جميلة ،وبالرغم من أنها كانت لا تعرف القراءة ولا الكتابة فلم يكن هذا حاجزا بيننا.
كنت اعاملها معاملة طيبة ولم يسبق لي يوما ان تصرفت معها بتصرف سيء، كل ما كانت تحتاج إليه أوفره لها، لأنني في مهنتي كنت أكسب جيدا.لكن معاناتي بدأت في اليوم الذي طلبت مني السماح لها بالتعلم في إطار البرنامج الذي اطلقته الدولة من اجل محاربة الأمية، فسمحت لها بذلك لأنني أصلا لم أكن ارفض لها طلبا.
مضت زوجتي تتعلم وقد ابدت تفوقا كبيرا في التحصيل، وقد افرحني هذا لأنني أومن بأن المراة المتعلمة تكون ناجحة في تربية الأبناء والإشراف على دروسهم ومتابعة نتائجهم .
بدأت زوجتي تتأخر كثيرا بحجة أنها تذهب عند جاراتها لمراجعة دروسها.صار التأخر أمرا مزعجا ، وصار التفكير في هذا الأمر يؤثر علي في عملي ،لأنني صرت مشغول البال باستمرار فقررت مراقبتها عن بعد للتاكد من اقوالها .
لاقف في النهاية على مصيبة.اكتشفت أن زوجتي تستغل غيابي الطويل عن البيت لتخونني مع رجل آخر.اسودت الحياة في عيني ففكرت في قتلها لكنني أحمد الله لأنه الهمني الحكمة والصبر فاكتفيت بتطليقها.
وهكذا تستمر مآسي الطلاق لتستمر معها المزيد من الأسر التي تتمزق والاطفال الذين يتشردون.
كنا نود الاستمرار في تقديم المزيد من الشهادات لكن الحيز على صفحات الموقع لا يسع لكل ماجمعناه من تصريحات المطلقين، لكنني اظن ان الرسالة وصلت، وأن الفائدة من كل هذا هو أنه قبل التفكير في الطلاق وجب أن نوضع نصب الأعين بأن هذا الحلال الأبغض وإن كان راحة لبعض من الأزواج المنفصلين عن بعض، إلا أنه بداية لأزمات نفسية واجتماعية خطيرة، هذا إذا علمنا بأننا نعيش في مجتمع تحكمه التقاليد والأعراف والخزعبلات أكثر مما يحكمه المنطق.
عادات ظالمة في مجملها، فالجنوح إلى نهاية كهذه في المجتمعات الغربية التي لا تعترف بالمعتقدات التي تحكم مجتمعاتنا العربية يعني بداية رحلة جديدة بمنطق جديد وأهبة اخرى غير مقيدة بأوهام مجتمعية واهية.
لكنني اقول بأنه قبل الدخول في تجربة الزواج يجب من الأجدر أن يأخذ المرء فرصة للتفكير وأن يكون اختياره لشريك حياته اختيارا مبنيا على التوافق والإنسجام ومجموعة من التقاطعات إن على مستوى التفكير والتكوين ،وللعمر له دوره في نجاح الحياة الأسرية ولعل اعظم وصفة للإستمرار في هذه التجربة الحياتية تتلخص في تقوى الله والصبر واعتماد لغة الحوار بنوع من الليونة وحسن الاستماع البعيدة عن التصلب والتشبت بالرأي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.