استطاعت الجزائر أخيرا إقناع موريتانيا بالسماح بنقل جزء من ساكنة مخيمات تندوف عبر أراضيها إلى محيط منطقة الكركرات التي تدخل ضمن نطاق المنطقة الدولية العازلة والمنزوعة السلاح، ضمن مخطط جزائري لخلق توتر دائم على الحدود الجنوبية للمملكة المغربية، ينتهي بتوريطها في حرب استنزافية تقودها البوليساريو بالوكالة في حين تبقى الجزائر بعيدة عن أي مشاكل بعدما صدرت الحرب خارج أراضيها، وفي نفس الوقت حققت مرادها بضرب المغرب بالبوليساريو تجسيدا للدور الحقيقي الذي من أجله تبنتها قبل أزيد من أربعين سنة. المخطط الجزائري الغاشم يرمي ضمن فصوله ترحيل جزء من الصحراويين إلى الحدود المغربية، والمعنيون بالترحيل ليسوا سوى الصحراويين ذوي الأصول المغربية والمنتمين إلى الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ولن تخرج دائرة المرحلين عن هذا الشرط الأساسي الذي سيقصي تلقائيا الصحراويين من أصول جزائرية تريدهم الجزائر لإعمار المخيمات بتندوف وإكمال أسطوانة اللجوء بحثا الاستقلال المزعوم، ومن هنا تتخلص الجزائر من الصحراويين الأصليين المعنيين بقضية الصحراء وتبقي على الصحراويين الجزائريين القادرة على التحكم بهم، ومجابهة المجتمع الدولي بهم، كما ستعمل من جهة أخرى على نقل الميليشيات المسلحة التابعة للبوليساريو ومعداتها ضمن قوافل الصحراويين المدنيين المرحلين بغرض التمويه. على صعيد آخر يسعى المغرب بشكل ملفت للنظر للتغاضي عما سبق، ويلتزم بهدوء منقطع النظير أمام الاستفزازات المتتالية والخطيرة التي يتلقاها في كل مرة بغية جره للقيام بخطوة غير محسوبة في لحظة غضب ستستخدمها الجزائر عبر البوليساريو لإطلاق صفارة الحرب، وهو الأمر الذي يعيه المغرب ويحاول بشتى الوسائل تجنبه والتحلي قدر الإمكان بضبط النفس. ورغم القدرة الكبيرة للمغرب على خوض حرب مشروعة بأريحية بالغة للدفاع عن حوزته، إلا أنه يحاول تجنبها قدر الإمكان بسبب إطلاعه على خبايا المخطط الجزائري الخبيث الذي يتضمن جعل أبناء الصحراء ذوي الأصول المغربية المستقدمين من المخيمات دروعا بشرية في حرب البوليساريو مع المغرب، حيث تعول الجزائر على ضرب عصفورين بحجر واحد عبر توريط المغرب في تصفية أبناءه، ومن جهة تأجيج ساكنة الأقاليم الجنوبية بالمغرب للتحرك انتقاما لذويهم المفترض حسب المخطط الجزائري أن يعمد المغرب إلى إبادتهم وهم عزل خلال حربه على ميليشيات البوليساريو. من هنا نفهم صعوبة الوضع، ونعرف حق المعرفة أهمية التريث المغربي في التعامل مع المستجدات على الشريط الحدودي الجنوبي ، النابع من فهم عميق للوضع والحرص على سلامة رعاياه التي تسعى الجزائر لاستقدامهم للمنطقة الدولية العازلة تمهيدا لتوريطهم دون علمهم في المشاركة في استهداف الحوزة الترابية للمملكة والتوغل إلى منطقة الكويرة المغربية بحثا عن نصر مزيف، لن يكون سوى تفعيلا لمخطط جزائري لعرقلة المغرب اقتصاديا وإحراجه سياسيا واتهامه بإبادة "شعب الصحراء".