ترى مصادر إعلامية أنه لا يغيب عن الزيارة التي يقوم بها عاهل المملكة الإسبانية خوان كارلوس الأول ، الطابع الإنساني والديني ، ذلك أنها تجري في شهر رمضان المخصص للعبادة والراحة الذهنية ، وبالتالي لا يستقبل المغرب رجال السياسة إلا في حالات نادرة ، كما أن الأجانب غير المسلمين يحترمون هذا الشهر ويؤجلون زياراتهم الرسمية إلى ما بعد. لكن لماذا اختار العاهل الإسباني الشهر الفضيل للقدوم إلى المغرب وفي عز الصيف ؟يتساءل صحافي من جريدة الشرق الأوسط قبل أن يجيب " لا يوجد سبب سياسي عاجل سوى أن ضيف المغرب قرر أن يهدي المغرب وملكه هدية معنوية مفادها الرغبة في تجاوز مشاكل الماضي وعثراته والمراهنة على المستقبل من أجل مواجهة تحديات مشتركة كثيرة سياسية وأمنية واقتصادية وبيئية ، وهذه الزيارة هي الأكثر إثارة من تلك التي قام بها ملك اسبانيا إلى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين قبل سنوات ، والتي أغضبت ملك المغرب ، فأمر بسحب سفيره من مدريد عمر عزيمان أحد مستشاريه الحاليين". هل يمكن اعتبار الزيارة الحالية تكفيرا عن زيارة سبتة ومليلية المحتلتين في شمال البلاد؟ مهما كانت النوايا والمقاصد ، فإنه يجب الاتفاق مع رئيس المقاولات ورجال الأعمال الإسبان على أن الهدف من الزيارة الحالية هو بناء " جسر دائم بين البلدين"بعد أن تعثرت محاولات إنجاز مشروع الربط القاري عبر المضيق بين المغرب وجارته الأوروبية . هذا ما يقوله رجال المال والأعمال ، ويجب تصديقهم، وحث السياسيين على دعمهم للانخراط في تشييد الجسر المأمول. قبل أن يضيف نفس المصدر " يبقى السؤال الذي يتردد على كثير من الألسنة:هل تكون زيارة ملك اسبانيا للمغرب الأخيرة والوداعية ؟ في ضوء تقارير تحدثت من قبل عن رغبته في التنازل عن الملك لصالح نجله الأمير فيليبي بسبب متاعبه الصحية؟ ومن جهة أخرى ، يعتبر اصطحاب ملك اسبانيا كل وزراء الخارجية الأحياء الذين توالوا على المنصب ، منذ توليه الملك عقب وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو عام 1975 ، حدثا استثنائيا في حد ذاته ، محملا بالإشارات السياسية والإنسانية ، أولها أن الملك يريد أن يبرهن لمضيفيه أن بلادهم مهمة بالنسبة لإسبانيا ملكا وشعبا وطبقة سياسية ، ولذلك فإن اختيار الوزراء الذين يعرفون دقائق وأسرار ومصاعب العلاقات مع المغرب ، أي وزراء الخارجية وليس زملاءهم في الداخلية أو الدفاع على سبيل المثال ، يعني أن الحوار السلمي هو الذي يجب أن يسود مستقبلا بين البلدين الجارين لتجاوز الملفات والمشاكل المعقدة العالقة والموروثة من الماضي البعيد. وتتجلى أهمية الإلتفاتة الدبلوماسية لملك اسبانيا في كون وزراء الخارجية الإسبان السابقين وافقوا على مرافقة الملك الى الرباط ويكونوا جميعهم ضيوفا على الملك محمد السادس في مأدبة عشاء ، ضمنهم خافيير سولانا ، جوزيب بيكي، ابيل ماتوتيس ، ميغل انخيل موراتينوس ، انا بلاثيو ، ترينيدا خمينيث ، وتجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء كانوا في قلب العاصفة الدبلوماسية مع المغرب في السنوات الماضية.