إسبان وفرنسيون وإيطاليون وروس يتعلمون الدارجة في أقسام خاصة الطلبة الأجانب في المغرب وحاجز الدارجة جوازات سفرهم عليها أسماء دول متعددة. ثقافاتهم ولغاتهم ودياناتهم مختلفة. ما يجمعهم هو الدراسة في الجامعات المغربية. تمكن البعض منهم من الاندماج والتأقلم ومتابعة الدراسة بسهولة، لكن البعض كانت لديه صعوبات في ذلك خاصة اللغوية منها. يتشكل هذا الحاجز اللغوي من لهجة مغربية دارجة في الشارع وفي معظم الفصول الدراسية ولغة فرنسية تدرس بها التخصصات العلمية. يقول ماكسيم، روسي الجنسية، بلغة عربية فصحى: "عندما جئت لأول مرة إلى المغرب واجهتني صعوبة في التواصل لأن المغاربة لا يتحدثون باللغة العربية الفصحى التي أعرفها ولكن بلهجة دارجة محلية. احتجت إلى كثير من الوقت حتى بدأت أفهم بعض الكلمات بالدارجة". ولعل اللغة الدارجة تشكل تحديا حقيقيا لاندماج هؤلاء تواصليا في مجتمع لا يتحدث لغتهم، وذلك بالرغم من كون العديد منهم يحملون جوازات سفر عربية ويتحدثون بلهجات مشرقية تعد نظريا قريبة من الدارجة المغربية واللغة العربية الفصحى. "عندما أتحدث مع المغاربة فهم يفهمون تقريبا كل ما أقول، لكن المشكلة هي عندما يتحدثون معي لأنني لم أكن أفهم ما يقولون"، يضحك محمد، سوداني الجنسية، ثم يضيف: "كنت أظن قبل مجيئي للدراسة هنا أن جميع التخصصات تدرس باللغة العربية، لكنني اصطدمت بحقيقة أن التخصصات العلمية تدرس باللغة الفرنسية فقط. ولكوني لا أجيد هذه اللغة اضطررت إلى تغيير مخططاتي ودراسة القانون العام باللغة العربية". يرسم ابتسامة ساخرة على شفتيه قبل أن يضيف: "لكن حتى هذا التخصص لا يدرسونه بالعربية الفصحى لكن بالدارجة المغربية". اللهجات العربية مألوفة لدى أسماع معظم المغاربة، ويرجع الفضل في ذلك إلى وسائل الإعلام العربية والمغربية أيضا، فالمسلسلات والأفلام المصرية منذ سنوات والمسلسلات السورية والخليجية حديثا إضافة إلى الأغاني والفيديوكليبات كان لها الأثر الأكبر في تعود جمهور العالم العربي على هذه اللهجات المشرقية. أما بالنسبة إلى اللهجات المغاربية فهي لهجات مغمورة لا يستطيع فك رموزها سوى سكان المنطقة، فلا وجود لمسلسلات وأفلام باللهجة المغربية أو الجزائرية مثلا يتابعها المشاهد العربي من المحيط إلى الخليج، وتنافس بشدة مثيلاتها المشرقية من حيث حبكة السيناريو وبراعة التمثيل والإخراج.