في حادث مأساوي جديد، لقي خمس عمال في مصنع للزيتون بمدينة تاوريرت حتفهم، عندما كانوا يشتغلون في أحد الصهاريج في ظروف غامضة، حيث يرجح أن يكون سبب الوفاة هو الاختناق. وعاشت المدينة الصغيرة ،القريبة من وجدة شرق المغرب، على إيقاع الصدمة مساء أول أمس، بعدما انتشر خبر وفاة ثلاث سيدات ورجلين، تتراوح أعمارهم بين 19 و36 سنة، خاصة أن عددا كبيرا من سكان المدينة الهامشية يشتغلون في مجال تصبير الزيتون. ووقع الحادث مساء أول أمس الاثنين على الساعة الخامسة مساء في المنطقة الصناعية لتاوريرت، عندما كان الضحايا يشتغلون داخل المعمل، وتحديدا في صهريج لتخزين الزيتون. وحسب مصادر من عين المكان، فإن هذا النوع من الصهاريج يوضع فيه الزيتون والماء والملح، ويبقى كذلك مدة من الزمن، قبل أن يتم وضع الزيتون من جديد في البراميل، ويصل عمق الصهريج إلى أربعة أمتار، لكن عندما وقع الحادث لم يكن الصهريج ممتلئا، حيث اضطرت إحدى العاملات إلى النزول باستعمال سلم لكنها ما لبثت أن سقطت مغشيا عليها قبل أن تفارق الحياة، فلحق بها أحد العمال في محاولة منه لإنقاذها، لكنه بدوره سقط مغشيا عليه بمجرد نزوله إلى الصهريج، وهكذا تتابع العمال وراءهما محاولين إنقاذهما إلى أن وصل العدد إلى خمسة قتلى. وعلمت «أخبار اليوم» أن السلطات المحلية، التي هرعت إلى مكان الحادث، قامت بتشميع المكان الذي وقع فيه الحادث، وفتحت تحقيقا حول أسباب وفاة العمال، وتم الاستماع إلى شقيق صاحب المعمل، الذي كان حينها يشرف على العمل فيما يرجح أنه تم الاستماع إلى صاحب المعمل الذي كان وقت وقوع الحادث في مدينة وجدة. كما قامت مصالح الطب الشرعي بإجراء تشريح لجثث الضحايا، حيث من المفترض أن يتم الإعلان عن نتائجه اليوم. وفي انتظار بروز نتائج التحقيق، ترجح مصادر مطلعة أن يكون الاختناق تم بسبب غازات سامة يفرزها الزيتون، خاصة أن الصهريج الذي وقع فيه الحادث لا يتوفر على تهوية مناسبة. ولم تتمكن «أخبار اليوم» من الحصول على توضيحات من وزارة التشغيل، حول هذا الحادث، حيث علمت الجريدة أن وزير التشغيل يوجد في مهمة خارج المغرب. ويأتي هذا الحادث ليعيد إلى الأذهان فاجعة مصنع «روزامور» بالدارالبيضاء الذي راح ضحيته 55 عاملا احتراقا واختناقا، فضلا عن عدد كبير من الجرحى. ومنذ ذلك الحادث اتخذت الحكومة عدة إجراءات من أجل ضمان السلامة في أماكن العمل، لكن يبدو أن هذه الإجراءات تبقى محدودة، وكان آخرها إحداث «المعهد الوطني للحياة المهنية»، الذي سيكون مركزه في الدارالبيضاء، والذي تشارك فيها كل من وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الجديدة ووزارة التشغيل، وتنظيم تظاهرة تحت شعار «اليوم الوطني للصحة والسلامة المهنية»، وذلك في إطار تطبيق خطة العمل، التي سبق أن سطرتها اللجنة الوزارية للوقاية من الأخطار والسلامة بوحدات الصناعة والخدمات، والتي عينها الملك محمد السادس إثر حادث الحريق بليساسفة يوم 26 أبريل 2008، من أجل إعداد دراسة وطنية حول الصحة والسلامة المهنية، وخلصت نتائجها إلى ضعف التغطية في ما يخص طب الشغل وعدم ملاءمة تفعيل النصوص القانونية وضعف التنسيق القطاعي. ومن بين المهام التي أوكلت إلى هذا المعهد النهوض بظروف العمل والحياة المهنية وتطوير الإمكانيات والوسائل المتعلقة بالوقاية من الأخطار المهنية، علاوة على المشاركة في وضع قوانين وأنظمة ومعايير للوقاية من الأخطار المهنية. كما سيقوم هذا المعهد بتقديم الاستشارة لجميع الجهات في ما يخص الصحة والسلامة المهنية، وتقديم الخبرة لكل الهيئات المتدخلة في مجال الوقاية من الأخطار المهنية. من جهة أخرى، سيشرف المعهد، الذي يوجد تحت وصاية الوزير الأول، على إحداث آليات للتواصل في ما يتعلق بالأخطار المهنية، والتعاون الخارجي مع الهيئات المهتمة بالحياة المهنية. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب لم يصادق بعد على الاتفاقيات الثلاث لمنظمة العمل الدولي، التي تهتم بالنهوض بمجال الصحة والسلامة المهنية.