في حوار أجراه معه مركز الجزيرة للدراسات، قال جورج طرابيشي بخصوص القراءة التي كان يمارسها على أعمال الجابري، إنها كانت حوارا بلا حوار، وقال في هذا الصدد: "فنقد النقد الذي أمارسه على كتابات الجابري ربما يكون أثره أكبر لو كان الجابري لايزال على قيد الحياة، وكم كنت أتمنى طول عمري -وقد صارحته بذلك- أن أكون أنجزت كل ما كنت أريد أن أكتبه عن مشروعه في نقد العقد العربي وهو لايزال على قيد الحياة". ويضيف قائلا: "لقد قلت له هذا الكلام منذ نحو ربع قرن عندما بدأت بالكتابة عنه، وقد كانت بيننا زمالة وصداقة ثم انفصام بعد إصدار الجزء الأول من مشروعي المضاد في نقد نقد العقل العربي". وقد أفصح طرابيشي عن الأسى الذي أصابه جراء رحيل محمد عابد الجابري، حيث إنه كان يتمنى إصدار الجزء الخامس من مشروعه وهو لا يزال على قيد الحياة، يقول: "فمن المزعج للإنسان أن يناقش إنسانا قد رحل عن هذه الحياة، وقد كنت أتمنى أن يصدر الجزء الخامس والأخير من مشروعي في نقد نقد العقل العربي، أي في نقد مشروع الراحل الجابري وهو على قيد الحياة، وهكذا نكون قد وقفنا على أرضية متكافئة. أما أن ينقد الحي الميت فهذا أمر في منتهى الصعوبة. ومع الأسف، فإن ربع القرن الذي قضيته في نقد الجابري وهو لايزال على قيد الحياة، كانت وكما أطلقت عليها بمثابة حوار بلا حوار، لأنه سكت عن هذا النقد".