في غفلة من الجميع أشبه بخلسة المختلس، غادرنا المفكر المغربي الكبير(محمد عابد الجابري) يوم الاثنين الماضي،مخلفا صدمة قصوى للعقل العربي الذي لما يزل أحوج لأمثال هذا الرجل العظيم للايغال بحفرياته الفكرية في دياميس وعينا الثقافي التواق لأكثر من سراج. و قد أفاض هذا الرحيل الجلل ، غزيرا من الشهادات و بلاغات النعي المؤثرة في المغرب و العالم العربي و الأوروبي أيضا. و الراحل محمد عابد الجابري ، المزداد عام 1935،حاصل على دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، التي عمل بها أستاذا للفلسفة والفكر العربي والإسلامي. انخرط الجابري في خلايا العمل الوطني في بداية خمسينيات القرن الماضي، كما كان قياديا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ظل يشغل لفترة طويلة عضوية مكتبه السياسي، قبل أن يعتزل العمل السياسي ليتفرغ لمشاغله الأكاديمية والفكرية. وخلف المفكر الراحل العديد من المؤلفات من بينها «نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي» (1980)، و»العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي» (1971)، و(نقد العقل العربي) الذي صدر في ثلاثة أجزاء هي (تكوين العقل العربي) و(بنية العقل العربي) و(العقل السياسي العربي). كما أصدر «مدخل إلى فلسفة العلوم : العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي» (1982)، و»معرفة القرآن الحكيم أو التفسير الواضح حسب أسباب النزول» في ثلاثة أجزاء، و»مدخل إلى القرآن الكريم» إلى جانب العديد من الدراسات والمؤلفات في مجالات مختلفة. المفكر السوري «صادق جلال العظم»: الجابري أحدث حراكا كبيرا في الفكر العربي المعاصر قال المفكر السوري صادق جلال العظم إن محمد عابد الجابري، الذي وافته المنية الإثنين الماضي عن سن 75 سنة، «أحدث حراكا كبيرا في الفكر العربي المعاصر». وأضاف المفكر السوري، في حديث مع إذاعة (دويتشه فيله) الألمانية أن الجابري «أوجد توازناً في الفكر العربي بين المشرق والمغرب» العربيين، مذكرا بالمساجلات الحيوية التي دارت بين الجابري وجورج طرابيشي، والتي قال إنها ذكرته بالمناظرة التاريخية التي جرت بين الغزالي في المشرق وابن رشد في المغرب. وقال إن المفكر والفيلسوف محمد عابد الجابري كان «مالئ الدنيا وشاغل الناس على مستوى النقاش والفكر والبحث التراثي»، مضيفا أن وفاته «خسارة كبرى للفكر العربي وخاصة الفكر النقدي الذي يعيد النظر في قضايا التراث». وأثار صدور كتاب الجابري «نقد العقل العربي» باللغة الألمانية، سنة 2009، نقاشا هاما في الأوساط الإعلامية والثقافية والفكرية الألمانية، واحتضنت «دار ثقافات العالم» في برلين، خلال يوليوز الماضي، إحدى جلسات هذا النقاش. إسهامات مشرقة للجابري في الحقل السياسي والفكري والجامعي والتربوي والإعلامي أكد مسؤولون وفاعلون سياسيون ومفكرون، يوم الثلاثاء الماضي بالدار البيضاء، أن المغرب والعالم العربي فقدا بوفاة محمد عابد الجابري شخصية متكاملة ومفكرا خارقا للعادة. وأبرزت هذه الفعاليات التي حضرت تشييع جثمان المفكر الراحل، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، الإسهامات المشرقة للجابري في الحقل السياسي والفكري والجامعي والتربوي والإعلامي. وفي هذا السياق، أكد السيد خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الوطن العربي من المحيط إلى الخليج يشارك المغرب حزنه على فقدان رجل من وزن محمد عابد الجابري الذي تجاوز بإبداعه الفكري العظيم حدود البلد الذي نشأ فيه. وأضاف السيد الناصري أن الفكر العربي سيظل يذكر الفقيد، كمعلمة شامخة ساهمت في إشعاع الدور الفكري للمغرب وكذلك المفكر الذي أكد أن «المغرب قادر على إنتاج الفطاحل والإسهام في الفكر العربي الذي يلامس القضايا المؤرقة والصعبة جدا». وقال السيد محمد بن سعيد أيت يدر العضو المؤسس للحزب الاشتراكي الموحد، إن الجابري الذي جمعته به علاقات وطيدة، اضطلع بأدوار هامة في أكثر من محطة، مشيرا بشكل خاص إلى الدور الذي لعبه في المجال الإعلامي خاصة في جريدة (التحرير) التي كانت قد شرعت في الصدور خلال خمسينيات القرن الماضي. وأبرز أهمية منجزات المفكر الراحل في الميدان الثقافي والفكري خاصة من خلال تناول الجانب المتعلق بنقد العقل العربي، مبرزا أن الجابري، الذي يعتبر أحد الأسماء المثقفة المرتبطة بالحياة السياسية، يعد من الوجوه التي ولجت الحقل الفكري لتحرير العقل العربي من جوانب متخلفة. ومن جهتها، أبرزت الأستاذة رشيدة بن مسعود عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الجابري يعد علامة بارزة ومضيئة في المشهد الثقافي المغربي والعربي والعالمي، ومفكرا ذا شخصية متعددة الأبعاد، مضيفة أن الفقيد كان رجلا وطنيا بامتياز ومؤسسا للجامعة المغربية. وبعد أن أشارت إلى أن الجابري سيظل الغائب الحاضر بين المثقفين، أضافت أن الراحل ترك مجموعة هامة من المؤلفات يفخر بها المغرب والمثقفون. من جهته، أبرز السيد محمد الأشعري وزير الثقافة الأسبق، أن المغرب فقد في شخص محمد عابد الجابري رجلا أثر بعمق في الحركة السياسية والحركة الثقافية على حد سواء، مشيرا إلى أن الفقيد كان أحد أهم المثقفين الذين ساهموا في تحديث العمل السياسي بالمغرب وفي بلورة خط سياسي واضح مرتبط بالنضال من أجل الديمقراطية. وأضاف أن الراحل كان له دور حاسم في التطورات التي عرفها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في عدد من المحطات المهمة في مساره السياسي، كما ساهم في التفكير حول المدرسة المغربية وقضايا التعليم داعيا إلى فهم الحاضر من خلال فهم الرصيد الثقافي ككل. ومن جانبه، أبرز الجامعي محمد وقيدي، أن رحيل الجابري يعتبر خسارة كبرى للثقافة والفكر بالمغرب والعالم العربي، مشيرا إلى أن الراحل ترك تراثا كبيرا، فضلا عن انخراطه لسنوات طوال في ميدان التدريس وإشرافه على العديد من البحوث الجامعية. وأضاف أن تراث الراحل يشكل أمانة بين أيدي زملائه وتلاميذه في الفلسفة، لأن ما أنجزه الجابري يستحق أن يكون موضع دراسة. محمد العربي المساري: الجابري أنجز مشروعا ترك محمد عابد الجابري بصمة واضحة في سجل الفكر المغربي، كمؤسس ورائد. إن المجتمع الثقافي في المغرب يحيي فيه مفكر وطنيا صاحب مشروع هام. وتكمن أهمية عطاء الجابري في جرأته المتبصرة في نقد للفكر العربي وقراءته المتمعنة للتراث. وهو بذلك قد أضاف مساهمة مشهودة لفكر النهضة الوطنية بالمغرب. وقد كانت مساهمته إغناء لذلك الفكر وربطا له في آن واحد بالتراث العربي و جعله متفاعلا مع الفكر العالمي. إن مجموع أعماله تشكل إضافة هامة للبناء الذي شيدته حركة النهضة الوطنية المغربية، المنبثقة من إرادة التحرر والحداثة. وتضمنت تلك الأعمال تأملات معمقة في الأسئلة المطروحة على الفكر العربي المعاصر، وسبرا لجذورها الممتدة في التراث. وهو مسعى اتسم دائما بأن منبعه مغربي ومغاربي وأفقه عربي وعالمي. وبطبيعة الحال ما زالت تلك التأملات والأسئلة كتابا مفتوحا سيضيف إليه آخرون ما يبلور النبوغ المغربي في معانقته لتطور الفكر العالمي. وقد قام الجابري بدوره المتميز بموهبة المفكر والمؤطر والرائد، ونجح في توطيد الأسس المتينة لفكر النهضة في المغرب، وأنجز مشروعا سيخلد اسمه وسيعتبر بكل تأكيد محطة جوهرية ومرجعا ضروريا في الحياة الفكرية لمغرب القرن العشرين. محمد سبيلا: سيظل محمد عابد الجابري علامة فارقة مميزة ومتميزة في تاريخ الفكر الرباط : عبد الله البشواري (و م ع) لا يمكن أن يمر حدث جلل كوفاة المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري دون تعزية نظرائه من المفكرين المغاربة، وفي الآن ذاته مشاطرتهم ألمهم لفقدانه اعتبارا لما يكنونه له من تقدير واحترام. ومن بين هؤلاء المفكر محمد سبيلا، الذي قال إن الراحل جدد الثقافة العربية والمغربية وخصص للقضايا الكونية كالعولمة والحداثة حيزا كبيرا في دراساته، ولا شك أن الجابري سيظل علامة فارقة في تاريخ الفكر العربي وفي تاريخ الثقافة المغربية . وبخصوص الثقافة المغربية، يؤكد سبيلا في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إسهامات الفقيد شكلت تحولا نوعيا في الفكر المغربي، الذي ظل تقليديا مرتبطا بالدين والفقه والنحو وبمنظومته التقليدية في موادها ورؤيتها، كما شكلت تحولا نوعيا نحو آفاق الثقافة الحديثة موضعا ومنهجا. ففي ما يخص موضوع هذه الثقافة، أوضح سبيلا، أن الجابري «اهتم بالتعريف بمقومات الثقافة الغربية في العديد من المجالات كعلم الاجتماع وعلم النفس واللسانيات إلى التيارات الفكرية الكبرى كالوجودية والوضعية والماركسية والعقلانية والتجريبية والبنيوية»، مبرزا أن تدخل الجابري لم يقتصر على عرض مكونات الثقافة الحديثة والتعريف بها بل استعملها من الزاوية المنهجية في دراسة التراث العربي الإسلامي. ووفقا لسبيلا، نتج عن احتكاك محمد عابد الجابري بالثقافة الغربية وتملكه لها من انتقاء مفاهيم ومصطلحات ومناهج استعملها في دراسة التراث العربي الإسلامي، معتبرا أن أبرز اجتهاداته في هذا الباب دراسة العقل العربي، أي الطريقة التي فكر بها العرب في العديد من القضايا. فأبرز الجابري بنيات ثلاثا تؤطر الفكر العربي وتوجهه، وهي «البيان والبرهان والعرفان أي البنية الأدبية والبرهانية والصوفية». وأشار الأستاذ سبيلا إلى أنه «سواء اتفقنا مع الراحل كليا أو جزئيا في هذه الاجتهادات، فإن ذلك لا يلغي أبدا الإسهام المتميز لهذا المفكر في تشريح مكونات الفكر العربي الإسلامي والثقافة العربية الاسلامية على وجه العموم». وأضاف في السياق أن «اجتهادات الراحل وتجديداته المنهجية والابستيمواجية الفكرية عامة لم تجد نفس الصدى في كل الأقطار العربية»، ففي الوقت الذي استقبلت فيه بحماس في بلدان المغرب العربي، فقد تمت بلورة ردود فعل سلبية تجاه هذه الاجتهادات في بعض الساحات الثقافية العربية وبخاصة من بعض المثقفين من أمثال الطيب تيزيني وجورج طرابيشي ويحيى محمد وآخرين. يشار إلى أن الراحل الجابري كان قد دخل في حوار نهاية الثمانينيات على صفحات مجلة «اليوم السابع» التي كانت تصدر بباريس تحت عنوان «حوار المشرق والمغرب» نوقشت فيه عدد من القضايا العربية المركزية. وقد نشر هذا الحوار في المجلة على مرحلتين خلال الفترة الواقعة بين شهر مارس ونونبر من 1989. ففي المرحلة الأولى ناقش المفكران محمد عابد الجابري وحسن حنفي (مصر) وعلى امتداد عشرة أسابيع مسائل متصلة باللبيرالية والأصولية والوحدة العربية وغيرها فيما نشرت المجلة ذاتها في المرحلة الثانية، وعلى امتداد 14 أسبوعاً مداخلات حول الموضوعات نفسها لمثقفين وكتاب وقراء مهتمين أدلوا بآرائهم ووجهات نظرهم فيما كتبه الجابري وحنفي. الصحافة اللبنانية تبرز المكانة المتميزة والإسهام الكبير للراحل «محمد عابد الجابري» في تطوير الفكر والعقل العربيين مشروع بحجم دولة بيروت خصصت أغلب الصحف اللبنانية الصادرة يوم الثلاثاء الماضي، حيزا هاما من صفحاتها الثقافية للحديث عن المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري الذي رحل الاثنين الماضي إلى دار البقاء عن عمر ال75 سنة والتي كانت مليئة بالعطاء وإثراء الفكر والعقل العربيين تاركا وراءه إرثا فكريا واجتهاديا قل نظيره في تاريخ النهضة العربية الحديثة. فتحت عنوان «مشروع بحجم دولة» كتب الشاعر والأديب اللبناني عباس بيضون المشرف على القسم الثقافي بصحيفة (السفير) ، أن الجابري الرجل العصامي» صار له في كل جامعة وبلد مريدون بقدر ما صار له من خصوم ومخالفين. كثرة هؤلاء وأولئك تشي بدوران النقاش حوله وبقوة حضوره وانتشاره. لا نبالغ إذا قلنا إن فكره ساد على حقبة كاملة وإن كلا من مثقفي الثمانينيات كانت له حقبة جابرية، وأن الرجل غدا منذ ذلك الحين أحد معلمي الفكر العربي وسلطة فكرية وثقافية راسخة». واستطرد قائلا «يرجع جزء من ذلك إلى أن الجابري انبرى لتشييد مشروع فكري عربي متكامل أجاب ذلك الحين عن جملة الأسئلة المعلقة: أين نحن من الغرب، وما هي هويتنا الفكرية، ومن أين نبدأ(..) كان للجابري من الجرأة والمجازفة أن بكر إلى اكتشاف هذه الحاجة المتأزمة وتلبيتها. حين كان الجابري ينقد العقل العربي كان يؤسس هذا العقل ويشعر بوجوده (..) «. واعتبر بيضون أن مشروع الجابري الفكري كان تقريبا النظير الإيديولوجي للدولة القومية حيث امتلك تقريبا تكاملها وأرضيتها التاريخية والمستقبلية، وهو بالتأكيد كان مصالحة كبرى بين الغرب والعرب وبين التراث والحاضر وبين الواقع والتاريخ. وبنفس الصحيفة نشرت شهادات لعدد من كبار المفكرين العرب حيث كتب المفكر السوري الطيب تيزيني بعنوان (صفحة طويت) أن خبر رحيل الجابري شكل له « فعلا صدمة كبيرة وعميقة»، مشيرا إلى علاقته الأولى به تكونت في تونس « وقد نشأت بيننا علاقة جيدة ما فتئت أن انتهت بعد فترة قصيرة(..) لكن العلاقة الفكرية ظلت قائمة وشكلت حافزا لي في الكتابة في المسائل التي اشتغل عليها». واستطرد أن الجابري « مفكر كبير أثرى الفكر العربي، إيجابا وسلبا، كان حافزا لي ولغيري في التوغل في القضايا التي طرحها، وكنت طرفا في طرحها. وبهذا المعنى أشعر أن صفحة هامة من الفكر العربي طويت، أو لعلها نشأت مجددا لتبقى حافزا في الفكر العربي. أشعر الآن أن مكانا هاما قد فرغ بوفاة الأستاذ الجابري. لقد اشتغل وأثار مسائل كبرى، نبقى دائما مدعووين للبحث فيها». وأضاف أن الراحل الكبير اشتغل بطاقة كبيرة وبجهد بحيث «دخل في معظم حياة المثقفين والمفكرين العرب، ومهمتهم الآن تكمن في المتابعة، بكل أنواع المتابعة، وبهذا نكون قد حققنا شيئا من الأمانة في متابعته . أما المفكر اللبناني علي حرب فكتب بدوره أنه مع الجابري بدأت مرحلة أو موجة جديدة في الفكر الفلسفي بالعالم العربي، من محطاتها البارزة انفجار المشاريع النقدية وكما تمثل ذلك بنوع خاص، في رباعية الجابري حول (نقد العقل العربي). وقال إن هذه الرباعية قرئت على نطاق واسع مع بقية أعمال الرجل، ليس فقط من جانب المختصين وطلاب الفلسفة، بل لدى عموم المثقفين، وربما تعدت ذلك إلى عموم القراء. أما الكاتب والمترجم التونسي المقيم في بيروت (مسؤول المنظمة العربية للترجمة) الطاهر لبيب، فقد كتب من جهته أن الجابري رحل وترك وراءه «جيلا يتآكل، ترك خوفا من فراغ يتسع. كان علمنا الجمع بين المعرفة والتواضع والتعلق بالأمل بغد يأتي. كان من أوائل من حول النص إلى (خطاب) واقترح بنية للعقل العربي فخط مسارب جديدة أخذته، نهاية المطاف، إلى القرآن». واستطرد أن «سي محمد الخلدوني الأصل كان أيضا من أكثر المغاربة حرصا وتأثيرا في الربط المعرفي بين المشرق والمغرب. ولقد تبين اليوم أن تأثيره يتجاوز طلابه إلى فضاءات عربية بعيدة، منها ما لم يكن منتظرا وصول عقلانيته إليها». ومن جهته كتب المحرر الثقافي لصحيفة (المستقبل) يقظان التقي أن الجابري رحل بعد « مسيرة حافلة بالعطاء وهو المفكر صاحب المنزلة بهمومه الفكرية، وبرؤاه القلقة وفي دراسته للتراث ونقد العقل العربي عبر ذلك الحيز من الحضور الفكري والثقافي الطويل». واستطرد أن الجابري هو العقلاني الكبير الذي جعل من الجدلية الفكرية منهجية وجوهر ممارسته للكتابة والبحث فاحتل موقعا بين الكتاب الكبار، وبعض من نتاج عصر مجد ومجتهد في نتاجاته وأسئلته تتداخل فيما بينها ومع ما قبلها وما بعدها من نتاجات فكرية.شخصية تعاملت مع كم من الأفكار التنويرية ومع أفكار إيديولوجية مركبة وأحيانا معقدة ومختلف عليها- يضيف التقي- من تلك الثنائية المتنابذة والمتنافرة التي جمعته والمفكر جورج طرابيشي وآخرين، بنزعات فكرية مختلفة حول المواصفات التاريخية للأبحاث وخلاصاتها فيما يتعلق بعقل الجماعة والأفكار وما وراءها من نقد العقل العربي ونقد النقد والهويات الساكنة وتلك المتعثرة. أما صحيفة (الأخبار) فقد خصصت صفحتيها (ثقافة وناس) للحديث عن الراحل الكبير ونشرت عدة مقالات تحدث فيها أصحابها عن الجابري وفكره وإسهاماته وما قدمه للثقافة العربية والجدل الذي كان يثيره في اجتهاداته ومشروعه الفكري الذي انكب لسنوات طوال لإنجازه على أسس علمية متطورة تليق بمكانة في قامة وحجم الجابري.