أثارت التصريحات "النارية" التي صدرت عن الوزير الأول، عباس الفاسي، خلال لقائه بوفد من قيادات الأصالة والمعاصرة، في سياق المشاورات التي يجريها مع الأحزاب قبيل موعد التصريح الحكومي، جدلا واسعا في صفوف بعض الأحزاب، خصوصا العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري، وأيضا حزب الاستقلال الذي فوجئ بتصريحات أمينه العام. واعتبرت مصادر من داخل الاستقلال أن ما ورد من تصريحات تمس العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري "سهام غير محسوبة صوبها عباس الفاسي تجاه هذين الحزبين"، مشيرة إلى أن "مثل هدا النوع من التصريحات من شأنه أن يدخل الحزب في مواجهات هو في غنى عنها". وأضافت مصادر حزبية، فضلت عدم ذكر اسمها، أن "تبرؤ الأمين العام لحزب الاستقلال واستنكاره لتصريحات شباط ضد الأصالة والمعاصرة ورقة أخرى غير محسوبة لعبها الفاسي". ولم تخف مصادر "أخبار اليوم" أن "شباط انزعج جدا من تصريحات عباس ضده، خاصة أن قياديين في الأصالة والمعاصرة ممن حضروا اللقاء أكدوا الأمر علانية". وأضافت المصادر ذاتها أن "شباط اتصل بعباس الفاسي وطلب توضيحا في الموضوع"، خاصة أن مهمة التصدي للبام، تضيف المصادر ذاتها، "أوكلت إليه شخصيا بعد إعطاء عباس الفاسي الضوء لبرلمانيي حزبه من أجل الرد على الهجومات المتكررة لبرلمانيي البام وعدم الاستمرار في الحياد والسكوت". وأجلت مشاغل حميد شباط، الذي يعد لذكرى رحيل علال الفاسي، خوضه بتفصيل في هذا الموضوع، ولم تستبعد مصادر "أخبار اليوم" أن تكون هده التصريحات نقطة أساسية ضمن جدول أعمال اجتماع فريق الحزب بداية الأسبوع المقبل. إلى ذلك، لم يحسم حزب العدالة والتنمية بعد في رده على تصريحات الوزير الأول عباس الفاسي. وفي هذا السياق، قال مصطفى الرميد، رئيس فريق الحزب بمجلس النواب، إنه "لم يتأكد إلى حد الآن من صحة ما ورد على لسان عباس الفاسي ضد العدالة والتنمية"، مشيرا إلى أن الحزب "سيتأكد أولا من صحة هذه المعلومات قبل الرد عليها". وتعكف قيادات من حزب العدالة والتنمية على ربط اتصالات بعدد من الذين حضروا الاجتماع، خصوصا إدريس لشكر، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، لنسج رواية متكاملة عن تصريحات الفاسي. وتوقعت بعض المصادر أن تكون لهذه التصريحات، التي يسعى رفاق بنكيران إلى التأكد منها، تداعيات كبرى وأزمة جديدة بين الاستقلال والعدالة والتنمية. وكان عباس الفاسي، الوزير الأول، أعرب في لقاء بقياديين من حزب الأصالة والمعاصرة، يتزعمهم الأمين العام محمد الشيخ بيد الله بمقر الوزارة الأولى، عن "امتعاضه من استهداف حزب الاستقلال، والتصعيد الذي يمارسه ضده حزب الأصالة والمعاصرة". وظل الوزير الأول خلال ساعة و20 دقيقة، في إطار المشاورات التي يجريها مع الأحزاب قبيل التصريح الحكومي، يحاول إقناع قياديي حزب التراكتور ب"تهدئة الأوضاع والمواقف"، خصوصا أن حزب الاستقلال، يقول الوزير الأول، "من الأوائل الذين رحبوا بمشروع البام منذ تأسيس حركة لكل الديمقراطيين". واستنادا إلى مصادر مطلعة، فإن الوزير الأول خاطب قياديي الأصالة والمعاصرة الثلاثة، وهم محمد الشيخ بيد الله وحكيم بنشماس وأحمد التهامي، قائلا: "إن البام في استهدافه لحزب الاستقلال قد نسي وظيفته الأصلية: مواجهة العدالة والتنمية". وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذا التصريح أخرج الشيخ بيد الله عن تحفظه، حيث عبر عن استيائه من مثل هذا التصريح، مشيرا إلى أن "حزب الأصالة والمعاصرة لم يأت ليعوض أحدا ولا ليواجه أحدا، وإنما هو مشروع غير موجه إلى أي كان ولا تدخل ضمن أهدافه مواجهة أي حزب، بل يمارس معارضة للسياسات الحكومية المتبعة". كما تبرأ عباس الفاسي، خلال اللقاء، من تصريحات حميد شباط، حيث قال "أستنكر كل ما ورد على لسان شباط ورأيه لا يلزم مؤسسة الحزب"، وهو ما أكده رئيس فريق البام بمجلس النواب، أحمد التهامي، الذي قال إن الوزير الأول "تبرأ كليا من تصريحات شباط". ولم يسلم الاتحاد الدستوري من "قذائف" عباس الفاسي، الذي أكد لقياديي البام أنهم "أصحاب المعارضة البناءة"، قبل أن يصوب سهامه صوب أحزاب المعارضة الأخرى، معتبرا إياها غير مجدية. وفي هذا الصدد، علق محمد الأبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، على تصريحات الفاسي قائلا: "يبدو أن الوزير الأول فهم الاتفاقية التي عقدناها مع حزب الأحرار على أنها بمثابة اندماج في الأغلبية، لذلك أطلق مثل هذه التصريحات". وأضاف الأبيض، في اتصال مع "أخبار اليوم"ك "الاتفاق مع الأحرار هو اتفاق ثنائي ولا علاقة له بالأغلبية، ونحن مازلنا في المعارضة ومعارضتنا هي معارضة مؤسساتية وبناءة، وإذا أراد الوزير الأول أن يفهمها فليفهمها، وإذا لم يرد فذلك شأنه"، وأردف: "نحن نستغرب مثل هذه التصريحات".