أكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في تقريرها السنوي بعنوان "شبكة اجتماعية واحدة، ذات رسالة متمردة"، أن سنة 2009 في المغرب عرفت تحقيق بعض الإنجازات، إلا أنها شهدت "إخفاقات في مجالات حيوية"، موضحة أن عهد الملك محمد السادس تميز في بدايته بشيء من الانفراج بالإفراج عن المعتقلين وتوسيع هامش الحرية السياسية، وتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة وكذلك إفساح حرية أكبر لوسائل الإعلام، "بيد أن جذرا، تضيف الشبكة، ينتاب تلك الإصلاحات قد بدأ منذ نحو عامين، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى أو حقوق مسلوبة لم تتم معالجتها". وفي تعدادها لهذه الانتهاكات والتراجعات التي مست حريات في المغرب، أوضحت الشبكة أنه في مجال الحرية السياسية الحزبية حلت السلطات حزب "البديل الحضاري" ب"تهم لم تثبت حتى الآن"، وفاز حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي وصفته الشبكة بكونه "حزب صديق الملك"، ب 80% من الأصوات في انتخابات 2009، مضيفة أن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير شهدت "تدهورا دراماتيكيا وارتفاعا غير متوقع في الانتهاكات وإغلاق ومصادرة الصحف والقنوات، والقضايا المرفوعة ضد الصحفيين والمدونين". وعلى الصعيد الاجتماعي، تضيف الشبكة: "طفت على السطح مشاكل عالقة منذ سنوات، دلت عليها مظاهرات غير حزبية كتلك التي قام بها أهالي مدينة سيدي أفني، وكذلك تظاهرات واعتصامات خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا الذين يعانون البطالة". الرقابة والحجب اعتبرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن المغرب يعد واحدا من الدول العربية المنفتحة على الإنترنت، والتي لا تمارس الحجب بشكل منهجي، كما رصدت "تقارير توقف حجب بعض المواقع التي تؤيد استقلال الصحراء أو تدعم جبهة البوليساريو والتي كانت محجوبة قبلا"، لكن و"مع ذلك - تضيف الشبكة- فإن الأشهر الماضية عرفت تصاعدا لانتهاكات الحكومة لتعهداتها بحرية الرأي والتعبير، ومحاكمة العديد من الصحفيين والمدونين". ومازالت هناك، حسب هذه المنظمة الحقوقية، بعض المواقع المحجوبة في المغرب مثل منصة المدونات www.livejournal.com وبعض مواقع البروكسي والتصفح مثل www.anonymizer.com، كما وجهت جماعة العدل والإحسان المعارضة اتهامات إلى السلطة بتكرار حجب موقعها في 2009، وقالت إن السلطات لم تحجب فقط الموقع الرئيسي للجماعة www.aljamaa.com ولكن كذلك مواقع المرشد عبد السلام ياسينwww.yassine.net وابنته ندية ياسين والقسم النسائي للجماعة. سجناء الإنترنت اعتبرت الشبكة أن قضية المهندس فؤاد مرتضى، الذي اتهمته السلطات بانتحال شخصية شقيق الملك "مولاي رشيد" على الموقع الاجتماعي الشهير فايس بوك في بداية 2008، وحكم عليه بالغرامة والسجن 3 سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه بعد 43 يوما بموجب عفو ملكي، "مازالت تسجل صفحة سوداء في سجل النظام المغربي"، و"أعادت إلى الأذهان أن الحرية النسبية في الفضاء العنكبوتي ليست بعيدة عن أعين الأجهزة الأمنية، وثارت تساؤلات حول كيفية معرفتها بصاحب الحساب وكيفية وصولها إلى منزله وبياناته". كما تحدث تقرير الشبكة عن قضية المدون محمد الراجي كأول مدون مغربي يعتقل بسبب ما يكتب، وذلك بتهمة انتقاد الملك قبل أن تعود محكمة الاستئناف لتفرج عنه، في شتنبر 2008، وعن المدون حسن برهون الذي حكم عليه بالسجن 6 أشهر في مارس من هذه السنة، بسبب نشره عريضة تندد بالفساد وتطالب بمحاكمة متورطين في هروب أحد كبار تجار المخدرات من مدينة تطوان. وقد حظي برهون بعفو ملكي قبل أشهر قليلة من انقضاء المدة المحكوم عليه بها. التدوين في المغرب "يعد الفضاء التدويني في المغرب أحد أنشط الفضاءات من تلك النوع في العالم العربي، ولعل ذلك يعود في المقام الأول إلى ما يتمتع به المجتمع المغربي من حيوية اجتماعية ومكانة ثقافية، بالإضافة إلى هامش من الحرية والتعددية السياسية لا تحظى به معظم الدول العربية الأخرى"، تقول الشبكة في تقريرها، مضيفة أن التقارير تشير إلى كون سنة 2006 نقطة الانطلاق الأكبر للتدوين في المغرب، مع بدء انتشار الإنترنت السريع ADSL، "ولعل محاولات القمع وإخراس الأصوات أدت أيضا إلى مزيد من اتساع التدوين بالمغرب". المدونات الاجتماعية، التي تتمحور حول الأمور الشخصية والحياة الاجتماعية للمدونين، كانت هي السائدة في البداية، كما هو الحال في بعض الدول العربية، إلا أن المدونات العامة والسياسية أخذت موقع الصدارة مؤخرا، وامتدت مساحات الاهتمام لتشمل "تقريبا" كل القضايا والموضوعات العامة والسياسية الموجودة على الساحة، وإن كان غالبية المدونين، كما الصحفيين، حسب الشبكة، يمارسون الرقابة الذاتية على أنفسهم في ما يتعلق بالنظام الملكي وقضية الصحراء.