من المفروض أن يقوما معا بخدمة المجتمع. كل حسب الدور المنوط به. الأول انطلاقا من كونه بلغ منصبه من خلال الثقة التي وضعها فيه المواطن والثاني انطلاقا من مبادئ مهنة المتاعب وعلى رأسها الصدق والاستقلالية عن دوائر النفوذ. من أجل كل هذا تظل العلاقة متوترة. السياسي يريد صحافيا يطمئن له لتمرير خطابه وتلميع صورته لا صحافيا يفضح ممارساته، والصحافي يحتاج لسياسي يكون مصدرا للخبر من أجل تنوير الرأي العام حول مختلف القضايا التي تشغل باله. ما يقع في بعض الأحيان من توتر بين الطرفين هو ما يعكس هذه العلاقة غير المستقرة والتي لا يجب لها في الحقيقة أن تكون كذلك لأن المستفيد طبعا هو المواطن. أول أمس عبر العديد من البرلمانيين عن تضامنهم مع زميلتهم نبيلة بنعمرو التي روجت صورتها في المواقع الاجتماعية على الانترنت، وهي صورة التقطت لها داخل قبة البرلمان عندما كانت جالسة في قاعة الجلسات العامة بمجلس النواب وقد خلعت حذاءها ومدت قدميها إلى المقعد الأمامي. هذه الصورة التي تصف حالة تعب بَلَغَتْها البرلمانية المذكورة، عرضت على موقع الفيسبوك وأعقبتها عدة تعليقات مسيئة للبرلمانية وهو ما دفع زملاءها إلى التضامن معها، وهو ما نعبر عنه أيضا صراحة لأننا ضد الاعتداء اللفظي أو السب والشتم الذي يناقض النقد البناء. إلى هنا كل شيء عادي غير أن بعض الأصوات الشاذة داخل البرلمان استغلت الفرصة لشن هجوم على الصحافيين المصورين الذين يلتقطون مثل هذه الصور لبرلمانيين في أوضاع مختلفة هم الذين اعتاد بعضهم على «التبندير» أمام الكاميرات، بل أكثر من هذا دعا بعضهم بشكل غير مسبوق إلى منع الصحافيين من ولوج قبة البرلمان. سبب النزول بهذا المطلب المعادي لحرية الصحافة التي من المفترض أن يدافع عنها السادة البرلمانيون هو السوابق المتعددة لنشر صور لبرلمانيين نائمين تحت القبة أو يلتهمون الحلوى خلال افتتاح دورات البرلمان. يعتبر البرلمانيون أن هذه الصور تسيء إليهم وترسخ في ذهن المواطن صورة نمطية للبرلماني المغربي، هذا في الوقت الذي يعتبر فيه الصحافي أن مثل هذه الصور لا تسيء إلى البرلمانيين النشيطين سواء داخل القبة أو خارجها والمتواصلين باستمرار مع مواطني دائراتهم ومع أحزابهم والذين يساهمون بقوة في التشريع، لأن الصور تنقل وجوها معينة يعرفها الناس وبذلك فهي لا تسقط في التعميم. قيام الصحافي بدوره في نقل الخبر النزيه غير الكاذب الذي يصف الواقع كما هو ويفضحه لا يجب أن يتير تذمر السياسي الذي عليه أن يسرع لتغيير هذا الواقع ويصححه، وبذلك يكون كلا الطرفين قد أديا دورهما في خدمة المجتمع.