مساء الأحد في حي درب ميلا. الساعة تشير إلى الثامنة والنصف وسكان الحي كعادتهم منصرفون إلى اشتغالتهم العادية في التسوق أو مشاهدة مباريات الكرة أو لعب الكارطة في المقاهي، أو التجمع في راس الدرب للحديث عن كل شيء ولاشيء. في لحظة مفاجئة، يظهر خمسة أشخاص، أجسادهم عراة من النصف الأعلى، مدججين بسيوف طويلة. بخطى حثيثة ساروا على امتداد الزنقة 32 في اتجاه الزنقة 18 بحثا عن شخص بعينه. شكلهم المخيف ومنظرهم المثير جعل الحاضرين يختفون بسرعة من المكان، كأن الأمر يتعلق بالهروب الكبير من غزو خارجي مخيف. في دقائق حاصر المهاجمون مكان الشخص الذي يبحثون عنه، والذي كان يجالس ندمائه في مكان غير بعيد من الزنقة 18 نفسها. يختلط الحابل بالنابل وسط صرخات حادة من هذا الجانب أو ذاك. مع كل ضربة كان الحاضرون يحبسون أنفاسهم في انتظار سقوط ضحية ما... مضرجا في دمائه. أمام توالي الضربات في الاشتباك، لم يقو أحد على الاقتراب واكتفى الجميع بمشاهدة الصراع من بعيد. شاب واحد فقط تطوع لفض النزاع، كاد أن يدفع ثمنه غاليا بعد نهاية الاعتداء الأول على الهدف الأول للعصابة، الذي أصيب بجرح غائر على مستوى الوجه. فقد عاد المهاجمون الخمسة للبحث عليه بغية الانتقام، وتأديبا له على تجرأه على الوقوف أمامهم والحيلولة دون الاستمرار في البطش بالضحية الأول.ما حدث مساء أول أمس الأحد في درب ميلا ليس حدثا عابرا. إنه المشهد المعاد للمرة العاشرة، إن لم تكن المائة ... وشخص واحد على الأقل من مجموعة المهاجمين الخمس، سبق له أن عربد في درب ميلا غير ما مرة، تحت تأثير القرقوبي والماحيا، التي ما إن يفرغ من احتسائها حتى يعود إلى سلوكه العنيف في تهديد الجميع، أو على الأقل من صادفهم حظهم التعيس في المكان الذي يتواجد به، بواسطة السلاح الأبيض. قبل الحادث، عاد الحديث مجددا في الدرب الشعبي القديم بمقاطعة الفداء وسط العاصمة الاقتصادية عن التردي الأمني وعدم الفعالية في مواجهة السلوكات الطائشة لنفس الشخص، بالنظر إلى عودته مجددا إلى الفوضى والسكر والعربدة. المعني بالأمر مواظب على التردد على السجون في قضايا إجرامية، وبتهم كالاعتداء على الأشخاص والممتلكات وإحداث العاهات والضرب والجرح بالأسلحة البيضاء تخصص : سيوف !!