بوابة الصحراء: أوسي موح لحسن بعد حزم وصرامة الموقف المغربي حول النزاع المفتعل في صحرائه، لم تجد قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية غير ترديد أسطوانة متهالكة حول النزاع، في ظل أوضاع داخلية تعيشها خاصة اتهامها بالفساد وإلجام المعارضين. فمباشرة بعد تأكيد ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي أن اللقاء مع هورست كوهلر بلشبونة «لا يتعلق لا بمسلسل للمفاوضات ولا بمفاوضة، بل باتصال لمناقشة تطور ملف الصحراء المغربية»، رد منسق البوليساريو مع بعثة المينوسو امحمد خداد أول أمس الأربعاء بأن «المغرب متخوف من التفاوض»، وأنه «لا يبدي أي إرادة للالتزام بمسار السلام الأممي»، وهو ما فنده تصريح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، الذي أكد أن لقاءات كوهلر ببرلين «ستجري بين كل طرف من طرفي النزاع مع المبعوث الأممي على حدة، حيث سيجري سلسلة لقاءات من دون جلوس الطرفين حول طاولة واحدة، وذلك في مبادرة لإعادة المفاوضات نحو سكتها الصحيحة..». وتمادى عضو الجبهة الانفصالية في سوء قراءة الموقف المغربي، حين اعتبر في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن «تماطل المغرب في الرد على دعوة الأممالمتحدة، والتصريحات التي أطلقها وزير الشؤون الخارجية المغربي في ختام لقائه مع السيد هورست كوهلر، ما هي للأسف إلا تعبير عن غياب الإرادة في الالتزام بمسار السلام الأممي»، بل اتهم المغرب بأنه «متخوف من المفاوضات»، وأنه «اختار سياسة التعنت والهروب إلى الأمام»، وبذلك غض الطرف على أن تحركات «كوهلر» الحالية الهدف منها «إحياء عملية المفاوضات في إطار دينامية جديدة وروح جديدة تقود نحو عملية سياسية، بهدف التوصل إلى حل سياسي مقبول من الأطراف»، خاصة أن من سبقه فشل في تحقيق تقدم في المفاوضات، ولم يجر أية مفاوضات مباشرة ولم يستطع إعادة الطرفين للمفاوضات، عكس سلفه «بيتر فان والسوم»، الذي نظم أربعة اجتماعات مع الطرفين ومع دول الجوار، وأجرى مشاورات عديدة وقام بزيارات ثلاث إلى المنطقة، وأن مهمة المبعوث الأممي الجديدد مؤطرة بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي ب«ضرورة استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية، مع الأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة منذ سنة 2006 والتطورات المسجلة منذ ذلك الحين، من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل، ودائم ومقبول من الأطراف». تصريحات القيادي الانفصالي المجانبة للواقع يفندها تصريح رئيس الدبلوماسية المغربية ناصر بوريطة نفسه، والذي كشف عقب المحادثات أن «اللقاء الذي جمعه بالمبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، كان فرصة للوفد المغربي لتقديم مبادرة الحكم الذاتي بشكل مفصل، وكذا سياق إعداده، ومحتواه الغني جدا، وأسسه القانونية القوية جدا» وأن «النزاع الإقليمي والاعتبارات السياسية، والقانونية والجيوستراتيجية التي أدت إلى نشأته خلال سنوات السبعينيات»، كما أن الوفد المغربي كان واضحا وصارما كما جاء على لسان ناصر بوريطة بتأكيده أن «الوفد المغربي جاء إلى هذا الاجتماع بالمرجعية المتضمنة في خطاب الملك محمد السادس في 6 نونبر الماضي، والذي وضع فيه المحددات الأربعة لمواصلة هذا المسلسل»، مضيفا أن «الحل يجب أن يكون في إطار سيادة المملكة، ووحدتها الترابية والوطنية. ثانيا، على المسلسل أن يضم جميع الأطراف المعنية بهذا النزاع، الأطراف الحقيقية التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع الإقليمي. ثالثا، هذا المسلسل يجب يكون تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة دون تدخل لأية هيئة أخرى إقليمية أو دولية. ورابعا، يجب أن يركز المسلسل بالأساس على القضايا السياسية، بعيدا عن أية قضايا جانبية التي يتم إقحامها دائما في المناقشات من أجل الانحراف بالمسلسل عن أهدافه الأساسية». بل إن تشكيلة الوفد المغربي كان ذات دلالة لأنها ضمت الى جانب بوريطة وعمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة، كلا من حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، وهم الممثلون الشرعيون والمنتخبون ديمقراطيا لأبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة، بينما قيادة البوليساريو لا تزال تبحث عن شرعيتها التمثيلية، وتقصي أصوات معارضيها. ذلك ما تؤكدة أقلام انفصالية ذاتها، والتي تشير الى أن «القيادة الصحراوية تعيد إنتاج نفس مسرحيات الفشل المملة، والتي تستنزف المال العام المحصل من المساعدات الإنسانية» مضيفة أن «الرأي العام الصحراوي نخب ومواطنين بسطاء حول ضرورة القطيعة مع أساليب الماضي والثورة على الواقع المزري، غير أن القيادة الصحراوية لا تزال متمسكة بإنتاج نفس المسرحيات التي لا طائل منها ولم تعد مجدية منذ سنوات»، معتبرة أن «أبرز تلك المسرحيات القديمة والعقيمة ملتقى الأطر والمحافظين الذي تحول مع مرور الزمن إلا مجرد «عرظة» وطنية للإطارات التي انخرط معظمها في منظومة الفساد المتحكمة في البلاد والعباد منذ سنوات ». ليس ذلك فقط، بل أكدت المصادر الإعلامية الانفصالية ذاتها أن ما «الخطاب الجامع تحول إلى خطاب إقصائي»، وأنه «تم إقصاء أي صوت صحراوي ينادي بالإصلاح من داخل الجبهة الشعبية، وتخوين الكثير من الصحراويين بسبب أرائهم المختلفة، التي لا تتوافق مع رأي القيادة السياسية التي سرقت الجبهة منذ سنوات».