فُتِحت الملفّات القديمة بين ألمانيا وبولندا نتيجة توتّر العلاقات بينهما، فبعد أن تنازلت بولندا مرّتين عن حقِّها في مطالبة ألمانيا بتعويضات عن الخسائر التي تكبَّدتها خلال الحرب العالمية الثانية، عادت وارسو لتطالب برلين بما اعتبرته حقّها، والذي قد يبلغ تريليون دولار بحسابات اليوم. وبدأ الأمر عندما طَرَحَ ياروسلاف كاتشينسكي، زعيم حزب "القانون والعدالة" الحاكم في بولندا، القضية في مؤتمر الحزب، في تموز 2017، رداً على انتقادات ألمانيا لسياسة قضائية جديدة تعتزم بولندا انتهاجها، ولكن بقي السؤال معلقاً حول إمكانية تطبيق ذلك قانونياً. وجاءت الإجابة الإثنين، 11 أيلول 2017، حين أكّدت هيئةٌ برلمانية بولندية أن وارسو لديها الأساس القانوني للمطالبة بتعويضٍ من ألمانيا، عن الخسائر التي تكبَّدتها في أثناء الحرب العالمية الثانية. وخلُصَت الهيئة إلى أنَّ "مضمون القوانين الدولية القابلة للتطبيق وممارسات تعويضات ما بعد الحرب، من بينها السياسة التمييزية العنصرية التي انتهجتها جمهورية ألمانيا الإتحادية تجاه بولندا ومواطنيين بولنديين بالمقارنة مع دولٍ أخرى، يُبرِّر سعي بولندا للحصول على تعويضاتٍ من ألمانيا"، بحسب صحيفة "فاينينشيال تايمز" البريطانية، الثلاثاء 12 أيلول 2017. وقدَّرت الهيئة قيمة الخسائر التي تكبَّدتها بولندا في العام 1939 بنحو 258 مليار زلوت بولندي أو 48.8 مليار دولار أميركي. ولم يذكر المكتب القيمة المكافئة لهذا المبلغ وفقاً لقيم العملات الحالية. وكان مسؤولون حكوميون بولنديون قد قالوا في وقتٍ سابق إنَّ هذا الرقم قد يبلغ نحو تريليون دولار، وفقاً لقيم العملات الحالية. وتعقيباً على ردّ الهيئة البرلمانية، قال وزير الخارجية البولندي فيتولد فاشيكوفسكي لهيئة الإذاعة العامّة البولندية (تي في بي): "قبل أن تتّخذ الحكومة موقفاً رسمياً بشأن التعويضات، ستكون هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الإطّلاع، بالإضافة إلى إجراء تحليل مُعقَّد للخسائر في أثناء الحرب العالمية الثانية". وأضاف: "قد لا تؤدّي المناقشات حول التعويضات إلى تحقيق النتيجة المرجوة، ولكن يجب إجراء المناقشات لجعل الجانب الألماني يُدرك حجم الضرر الذي تسبَّبَ فيه". يُذكَر أنَّ الحكومة الشيوعية في بولندا قد قالت في العام 1953، إنَّها تنازلت عن الحقّ في التعويضات، وفي العام 2004، حين انضمت بولندا إلى الاتحاد الأوروبي، أكَّدت الحكومة البولندية آنذاك أنَّ إعلان العام 1953 لا يزال سارياً. وقال ستيفن شيبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الجمعة، 8 أيلول، إنَّه في الوقت الذي اعترفت فيه ألمانيا بمسؤوليتها عن "الجرائم غير المعقولة" في الحرب العالمية الثانية، اعتبرت إعلان العام 1953 مُلزِماً.