أظهرت نتائج التحقيق الروسي في حادث تحطم طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي في أبريل الماضي في روسيا والتي أعلنت أول أمس الأربعاء إن مسؤولين بولنديين كبارا مارسوا ضغوطا على طيارين لا يتمتعون بالخبرة للهبوط في ظروف مناخية خطيرة. وقضى كاتشينسكي مع 95 شخصا آخرين عندما تحطمت الطائرة التي كانوا على متنها في 10 ابريل الماضي أثناء محاولتها الهبوط وسط الضباب في مدينة سمولنسك شمال غرب روسيا, في أسوأ مأساة تشهدها بولندا في فترة ما بعد الحرب. وأشار التقرير إلى نقص في كفاءة الطاقم البولندي أدى إلى الكارثة ما قد يثير توترا مع وارسو. كما أشارت نتائج التحقيق الروسي إلى أن مسؤولين اثنين بارزين دخلا قمرة القيادة للضغط على الطيارين للهبوط تفاديا لإثارة انزعاج كاتشينسي. وقالت تاتيانا انودينا رئيسة لجنة الطيران التي اجرت التحقيق ومقرها موسكو في مؤتمر صحافي, ان الطيارين كان ينقصهم التدريب وتجاهلوا نصائح متكررة من برج المراقبة للهبوط في مكان آخر. وقالت إن «وجود مسؤولين كبار بينهم قائد سلاح الجو ومدير المراسم في قمرة القيادة إلى جانب رد الفعل السلبي المتوقع من جانب الراكب الرئيسي شكلت ضغطا نفسيا على أفراد الطاقم وأثرت على قرارهم الهبوط في ظروف مناخية غير مؤاتية». ولم تحدد أنودينا هوية «الراكب الرئيسي» لكن واضح أنها تشير إلى كاتشينسكي. غير أن اللجنة أكدت عدم رصد أي تعليق من كاتشينسكي نفسه يأمر الطائرة بالهبوط في تسجيلات الصندوق الأسود. وقالت «كان لديهم دافع قوي للهبوط في المطار الذي يقصدونه بالتحديد». وأشار رئيس الفريق الفني في لجنة التحقيق أليكسي موروزوف إلى سماع صوت أحد أفراد الطاقم على التسجيلات وهو يقول «سوف يجن» في إشارة واضحة لرد الفعل المتوقع للرئيس كاتشسينسكي فيما لو لم تهبط الطائرة. وعرضت اللجنة مقتطفات مروعة من تسجيلات الرحلة حيث كان الطيارون يناقشون مسألة الهبوط فيما كان صوت كمبيوتر يكرر القول «ارتفع! ارتفع! أمامك يابسة!». ثم يتوقف التسجيل. وأوضحت أنودينا أن الطاقم وخلال الرحلة تلقى «بشكل متكرر معلومات عن انعدام الظروف المناخية الملائمة» من مطار سيفرني في سمولنسك ومن طاقم طائرة ياك-40 كانت هبطت هناك في وقت سابق. وأضافت «رغم ذلك لم يتخذ طاقم التوبوليف-154 قرارا بالهبوط في مطار بديل. وهذا ما يمكن اعتباره إيذانا بوضع خطير خلال الرحلة». وقالت انودينا إن الخبراء رصدوا أيضا كحولا بنسبة 6,0 غرامات في الليتر في دم قائد سلاح الجو اندرجي بلاسيك الذي كان في قمرة القيادة. ومن ناحية أخرى, فان الطيارين كانوا «يفتقرون بشكل كبير» للكفاءة في التدريب. وطائرة التوبوليف-154 الروسية الصنع كانت تقل الرئيس البولندي لحضور مراسم أحياء الذكرى السبعين للمجزرة التي راح ضحيتها حوالي 22 ألف عسكري بولندي كانوا أسرى لدى الجيش السوفياتي وقتلوا على أيدي عناصر من الشرطة السرية السوفياتية خلال الحرب العالمية الثانية في كاتين قرب سمولنسك. وحضور كاتشينسكي تلك المراسم كان يعتبر لحظة تاريخية لكاتشينسكي نفسه, إذا كانت موسكو في السابق تتجنبه بسبب مشاعره غير الداعمة لموسكو. وساد التوتر علاقات بولندا بروسيا منذ انهيار الشيوعية قبل عقدين من الزمن. ومع ذلك فان البولنديين تأثروا بحجم التعاطف والحزن الشعبي والرسمي في روسيا عقب الكارثة. غير أن حادث التحطم والتحقيق الذي تلاه سرعان مع أصبح مسيسا إلى حد كبير, حيث انتقدت بولندا طريقة تعاطي روسيا مع التحقيق. وبعد أن أثنى في البدء على تعاون موسكو, غير رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك موقفه ووصف نتائج التحقيق الأولية بأنها غير مقبولة وتشوبها أخطاء. وما زاد من التوتر, قول شقيق الرئيس التوأم رئيس الوزراء السابق ياروسلاف كاتشينسكي أنه يشك في أن تكون الجثة المدفونة في كاتدرائية بولندية هي جثة شقيقه. وتم تسليم التقرير النهائي في وقت سابق أول أمس الأربعاء إلى «ممثل بولندا عن طريق السفارة البولندية في روسيا».