تخطط كوريا الشمالية لضرب أهداف عسكرية أميركية في جزيرة غوام بصواريخ باليستية متوسطة المدى؛ لأجل خلق "نار مُحدِقة"، هكذا أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية. تبدو تهديدات كوريا الشمالية -الدولة التي تمتلك صواريخ ورؤوساً نووية- بإحراق جزيرة غوام الأميركية جادةً نظرياً على الأقل؛ إذ قالت الوكالة الكورية: "وصلت هستيريا الحرب النووية لدى السلطات الأميركية، ومن ضمنها ترامب، إلى مرحلة مُتهوِّرة وطائشة إلى حدٍ مُتطرِف باتجاهِ حرب حقيقية"، حسبما نقل عنها جوناثان تشينغ، رئيس مكتب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في سيول، على حسابه بموقع تويتر. ولا يبدو المواطنون الأميركيون العاديون ولا المسؤولون قلقين كما ينبغي من تعرُّض قطعة من الأرض الأميركية لهذا التهديد الفج، فما قصة جزيرة غوام؟ ومَن أهلها الذين قد يكونون أول ضحايا أي حرب قد تنشب بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة؟ وجاءت التهديدات الكورية بعد ساعاتٍ من التحذير الذي وجَّهَه ترامب إلى كوريا الشمالية، الثلاثاء 8 آب 2017، قائلاً إنها سوف "تُقابَل بنارٍ وغضب وقوة لم يرَ العالم مثيلاً لها من قبل" إن لم تتوقف عن تهديد الولاياتالمتحدة. ولفت تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن استهداف كيم جونغ أون زيرة غوام، التابعة للولايات المتحدة بالتهديد، لا يُعدُّ أمراً مفاجئاً بالنسبة لسكان الجزيرة البالغ عددهم 162 ألفاً، بحسب إحصاءٍ أُجرِيَ في عام 2015، والذين يُعدّ 40% منهم من السكان الأصليين للجزيرة المعروفين باسم شعب الشامورو، بينما 25% من السكان من أصلٍ فلبيني. وتضم الجزيرة، التي تعادل مساحتها مدينة شيكاغو الأميركية، ميناءً جوياً وقاعدة بحرية استراتيجيَّين، وهي أقرب أرض أميركية لكوريا الشمالية؛ إذ تقع على بُعد 4 آلاف ميل (6437 كيلومتراً) غرب هاواي، و2200 ميل (3540.5 كيلومتر) جنوب شرقي كوريا الشمالية، وهي على طرف القوة الأميركية في المحيط الهادئ. ومدينة هاغاتنا هي عاصمة الجزيرة، التي تسود بين سكَّانِها اللغة الإنكليزية، كلغةٍ رسمية، بالإضافة إلى الشامورية، بينما تُعد ديديدو كبرى مدنها ال19. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن روبرت أندروود، رئيس جامعة غوام، ومبعوث الجزيرة السابق في مجلس النواب الأميركي: "كلما يحدث تهديد عسكري ما في هذه المنطقة، تكون غوام دائماً جزءاً من المشهد". ونشرت قيادة قوات المحيط الهادئ الجوية، التابعة للقوات الجوية الأميركية، في حسابها الرسمي على تويتر، تغريدةً تقول: "طيارو داكوتا الجنوبية يصلون إلى غوام، ويؤدون مهمات ثنائية مع اليابان وكوريا الجنوبية. الولاياتالمتحدة مستعدة للقتال الليلة". لماذا يوليها البنتاغون هذا الاهتمام؟ وهل سكانها أميركيون؟ وتوجد في غوام منشأة "Joint Region Marianas"، التي تجمع ما بين القوتين البحرية والجوية، وهي الميناء الرئيس للغواصات النووية، ومركز لقوات العمليات الخاصة، ونقطة إطلاق الرحلات الجوية لقاذفات القنابل الاستراتيجية التي تؤدي رحلات دائرية فوق مناطق يابانية وفي شبه الجزيرة الكورية. وصارت غوام محوراً استراتيجياً لأميركا منذ سلَّمتها إسبانيا، التي استحوذت عليها منذ عام 1565، إلى البحرية الأميركية بعد الحرب الإسبانية-الأميركية عام 1898. وقد سارعت القوات اليابانية بالوصول إلى الجزيرة بعد الهجوم على "بيرل هاربر" عام 1941، واستولت عليها، وعرَّضت سكانها لعنفٍ، يُقدر بعض المؤرخين أنه قد أودى بحياة 10% منهم. ولدى غوام حكم ذاتي محدود وحاكم منتخب، وعلى الرغم من أن سكانها مواطنون أميركيون بالمولد إلا أنهم لا يدفعون ضرائب دخل ولا يصوتون في انتخابات الرئاسة الأميركية، ولهم ممثل في مجلس النواب، ولكن لا يحق له التصويت، حسب تقرير لموقع "إن بي سي نيوز". بناء حضور عسكري وصلت قاذفتا قنابل من طراز "B-1B" إلى غوام من ولاية داكوتا الجنوبية هذا الأسبوع، لتطيرا مع نظيراتها اليابانية والكورية الجنوبية. وتتبع هذه المهمة عملية تمت فوق شبه الجزيرة الكورية أواخر شهر تموز 2017، انطلقت فيها الطائرات الحربية من غوام، في ردٍّ للاختبار الثاني الذي أجرته كوريا الشمالية لتجربة صواريخ باليستية عابرة للقارات، يقول خبراء إنه كان يمكنها الوصول إلى نيويورك. وتوجد في الجزيرة أيضاً منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض-جو، تستهدف الصواريخ الباليستية. وقد أثار وجود منظومات كتلك في كوريا الجنوبية قلق كوريا الشمالية والصين، اللتين تعُدَّان هذا النظام الدفاعي حضوراً تصعيدياً. (وكالات)