جلسا ليلة السبت ويوم الأحد هادئين على سرير بمستشفي مولاي علي الشريف بالرشيدية. أحدهما وضع يده تحت خده، بقي شارد الذهن محاولا استعادة شريط عملية «الإختطاف» التي تعرض لها رفقة زميله في الفصل من قرب حييهم بمدينة الريش، بينما يحملق فيه الطفل الثاني وكأنما يخفي شيئا ما. اسماعيل البالغ من العمر أحد عشر سنة، وجد نفسه مرميا قرب حديقة بمدينة الرشيدية. لم يعد يتذكر سوى أنه «صعد على متن سيارة رباعية الدفع يقول إنها تحمل لوحة صفراء مرقمة بالخارج». كان اسماعيل رفقة زميله الذي يحمل ذات الإسم والبالغ من العمر ثلاثة عشر سنة حين غادرا فصلهم الدراسي واتجها صوب بيت كل منهم واتفقا على الإلتقاء في الحي، وفي الطريق نحو المحل التجاري لوالدة أحدهم، استوقفتهم سيارة رباعية الدفع سوداء اللون. كان سائقها شخص أسمر البشرة. هم يجهلون هوية صاحبها ولم يتذكروا سوى أنه شعيرات رأسه غزاها الشيب.لم يتردد الصغار في الصعود إلى السيارة، فسائقها اقترح عليهم أن يوصلهم إلى حيث هم ذاهبون، ذلك ما اعتاد عليه العشرات من أبناء المدارس بالمنطقة الذين يتنقلون ذهابا وإيابا نحو منازلهم إما بواسطة الدراجات الهوائية أو بالأتوسطوب، براءة الطفولة جعلتهما يتقان في شخص يبدو عليه الوقار. حين صعدا للسيارة، مد السائق لكل منهما قطعة من حلوى أو خبر، حينها أحسا بالدوخان ثم بالإغماء، فغطاهما الشخص المجهول بغطاء حتى لا ينتبه أي كان لركوبهما معه، فتوجه بهما نحو مكان مجهول.انتظر الأب قدوم ابنه اسماعيل، فتقدم نحو مصلحة الأمن لابلاغها باختفائه. أم الطفل الثاني كذلك حاولت جاهدة البحث عليه دون جدوى. وشاءت الأقدار أن تعثر عليهما سيدة بالرشيدية على بعد حوالي ستين كيلومترا من مدينة الريش، وأبلغت عائلتيهما بالأمر بعثورها عليهما وهما فاقدا الوعي والإدراك ورافقتهم إلى مصلحة الأمن.تم اقتياد الطفلين نحو مستشفى مولاي علي الشريف، وهناك وضعا رهن العناية المركزة بقسم المستعجلات ثم جناح خاص بعيدا عن الأعين. مكثا هناك ساعات، استفاقا جزئيا من غيبوبتهما، لكن قوة المخدر أثرت على ذاكرتهم. تواجد أقربائهم برفقتهم ساعدهما على تذكر استعادة جزئا من شريط عملية اختطافهما.مصالح الأمن بالرشيدية فتحت تحقيقا في أمر اختطاف الطفلين، فلحد الآن لم يتم تحديد نوعية المخدر الذي استعمل في تخدير الطفلين، ولا سبب الإختطاف هل دافعه نية اغتصابهما أم استعمالهما في أعمال السحر والشعوذة خاصة أن أحدهما زهري أم أن وراء الأمر مافيات الإتجار في البشر وبيعهما لملكي قطعان الماشية لاستغلالهما في الرعي، فرضيات لا يزال المحققون يبحثون عن خيط للتحقق منها. العثور على السيارة المستعملة في العملية وكذا على صاحبها من شأنه أن يفك لغز عملية الإختطاف والهدف من ورائها. صبيحة يوم الإثنين أميط اللثام عن المستور. الطفلين الذين فرضا حالة طوارء بين الطاقم الطبي ورجال الأمن بمصلحة الشرطة القضائية، يتراجعان عن اعترافاتهما. لقد قررا البوح بالحقيقة. لم يختطفهما أي شخص، بل فقط حاولا السفر بمفردهما والقيام برحلة. كانت تلك فكرة الطفل الأصغر وافقه عليها الثاني. بعد انكشاف أمرهما بمحطة الرشيدية من طرف سيدة تعرفهما سيقرران حبك سيناريو قصة الإختطاف للتستر على شغبهما الطفولي.أوسي موح لحسن