هل يتعرض العالم لموجة من الأوبئة، أو جائحة جديدة بسبب الاحتباس الحراري، إنه ليس مجرد خيال، بل هو احتمال يدرسه العلماء بجدية. هذا الاحتباس الحراري الذي اعتبره الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريح له قبل انتخابه "خدعة من الصين من أجل إيقاف الصناعة الأميركية"، أصبح الشغل الشاغل للعلماء٬ بعد قرار ترامب المثير للجدل. فقد استطاع الإنسان على مدار التاريخ التعايش مع البكتيريا والفيروسات، وتَعَامَل معها بشتى الطرق، وحقَّق الإنسان طفرةً كبيرةً في حربه عليها منذ نحو 100 عام مضت، عندما عرفت البشرية المضادات الحيوية، ولكن البكتيريا استجابت بتحسين مقاومتها ضد هذه الأدوية. واكتشف أول مضاد حيوي على يد العالم ألكسندر فليمنغ عام 1928، عندما لاحظ أن البكتيريا التي كانت في وعاء مخبري قُضي عليها بعد أن تكونت عليها طبقة من العفن الأخضر الحاوي لمادة البنسلين؛ ما فتح الباب بعد ذلك لإنتاج العديد من المضادات الحيوية حسب البكتيريا والفيروسات التي تستهدفها، وقضى هذا الاكتشاف العلمي على الكثير من الأمراض المعروفة. ولكن ماذا إذا ظهرت فيروسات تعيش بعيداً عنا، وبالتالي لم نطور مقاومة لها بينما طورت هي مقاومة للمضادات الحيوية. موقع BBC Mundo الإسباني نشر تقريراً حول علاقة الإنسان مع البكتيريا والفيروسات، جاء فيه أنها "معركة لا نهاية لها"، متسائلاً عما يمكن أن يحدث إذا "تعرَّضنا فجأةً لخطر الفيروسات القديمة، التي كانت في حالة "سُبات" منذ آلاف السنوات، أو تلك التي لم نعرفها من قبل؟ الموقع أجاب عن هذا التساؤل في تقرير تعرَّض فيه إلى إمكانية حدوث ذلك حال تطورت مشكلة الاحتباس الحراري، والذي يمكن أن يؤدي إلى ذوبان الجليد وعودة أمراض عرفتها البشرية قبلنا ونسيناها. حسب موقع BBC Mundo فإنه نتيجة للتغير المناخي الذي يؤدي إلى ذوبان الطبقة الجليدية المتجمدة بشكل دائم في المناطق القطبية، يمكن أن تتحرر فيروساتٌ وبكتيريا قديمة ويُطلق سراحها، وتعود إلى الحياة بعد أن ظلت نائمة ومدفونة بعيداً عن البشر. في غشت 2016، توفي صبي يبلغ من العمر 12 عاماً، وأُصيب عشرون آخرون على الأقل بمرض الجمرة الخبيثة في شبه جزيرة يامال في منطقة نائية من التندرا في سيبيريا الروسية، الواقعة داخل الدائرة القطبية الشمالية. وتقول النظرية إنه منذ 75 عاماً، توفيت مريضة بالبكتيريا، وظلت جثتها المتجمدة محاصرة تحت طبقة من الجليد الدائم. وهكذا ظلت جثة المرأة حتى جاءت موجة حارة في عام 2016 لتحررها من الجليد. ما حدث تسبب في تحرير عدوى الجمرة الخبيثة وتسللها إلى مصادر المياه والتربة القريبة وحتى الغذاء. أصيب أكثر من 2000 من حيوانات الرنة، وعدد قليل من السكان. ولكن، الأمر المخيف هو أن ما حدث ليس حالة نادرة. ويتناسب ارتفاع درجات الحرارة تناسباً طردياً مع ذوبان الجليد، فكلما زادت درجة الحرارة زاد ذوبان الجليد. في الظروف العادية، تذوب طبقة من الجليد يبلغ سمكها 50 سنتيمتراً في فصول الصيف، ولكن ما يحدث الآن بسبب الاحتباس الحراري في العالم يتسبب تدريجياً في ذوبان طبقات الجليد الدائمة، التي تجمدت منذ آلاف السنوات. وتتزايد درجات الحرارة في الدائرة القطبية الشمالية أسرع من بقية دول العالم بثلاث مرات تقريباً، كما أن هذا الجليد سيتسبب في تحرير الأمراض المعدية لدى ذوبانه، حسب التقرير. يقول عالم الأحياء التطورية جان ميشال كلافيري في جامعة إيكس مرسيليا، فرنسا: "التربة الصقيعية المستديمة جيدة للغاية في حفظ الفيروسات والبكتيريا؛ بسبب البرودة والظلام وعدم وجود الأكسجين". واكتشف العلماء وجود شظايا من الحمض النووي الريبي (RNA) لفيروس الإنفلونزا الإسبانية لعام 1918 في جثث دُفنت في مقابر جماعية في تندرا- ألاسكا. ربما توجد كذلك جثث لأُناسٍ قضوا بسبب الجدري والطاعون الدبلي في سيبيريا.