كشفت الحالات المسجلة حديثاً للجمرة الخبيثة في أقصى الشمال الروسي حجم التهديد الصحي المتصل بذوبان التربة الصقيعية، وهي أراض جليدية تضم فيروسات قاتلة بعضها متجمد منذ آلاف السنين، وسط تساؤلات عن إمكان عودة ظهور أمراض خطيرة كالجدري بفعل الاحترار المناخي. ويعرف العلماء منذ وقت طويل الأثر المأسوي الذي يحمله ذوبان الجليد في التربة الصقيعية على أنماط الحياة والأنظمة البيئية. وقد عانى سكان شبه جزيرة يامال الواقعة على مسافة 2500 كيلومتر شمال شرقي موسكو، إحدى التبعات الملموسة للغاية لهذا الذوبان. فقد توفي طفل وأصيب 23 شخصاً آخر اثر ظهور مرض الجمرة الخبيثة في نهاية الشهر الماضي بعد 75 عاماً على تسجيل آخر الحالات من هذا المرض في المنطقة. ويرى علماء أن ظهور هذه الحالات مجدداً يعود على الأرجح إلى ذوبان الجليد عن جيفة رنة قضت بسبب الجمرة الخبيثة قبل عقود عدة. وبعد إطلاق هذه البكتيريا القاتلة انتقلت الإصابة إلى قطعان من غزلان الرنة المنتشرة في المنطقة. وحذر الباحث المتخصص في المعهد الروسي للمشكلات الحيوية في التربة الصقيعية بوريس كيرشينغولتس من خطر تكرار هذه العملية. وتشهد روسيا احتراراً بوتيرة أسرع بمرتين ونصف المرة مقارنة ببقية أنحاء العالم، كما أن هذا التغير المناخي يتسم بحدة اكبر في المنطقة القطبية الشمالية. وأوضح المدير المساعد لمعهد البحث الروسي في علم الأوبئة فيكتور مالييف أن »ثمة بقايا للجدري« في أقصى الشمال الروسي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وقد اكتشف العلماء »فيروسات عملاقة« في بقايا فيلة ماموث. وأضاف »أظن أن التغير المناخي سيحمل لنا مفاجآت. لا أريد إخافة أحد لكن يجب أن نكون مستعدين«.