" ملي جيت عندك بحال إلى دخلت عيادة نفسية". جملة قوية، معبرة، ممزوجة بدموع صادقة وأحاسيس جياشة صدرت من الفنانة نعيمة إلياس وهي تجلس أمام بلال مرميد خلال حلقة يوم الجمعة 25 نونبر 2016 من برنامج FBM، التي شكلت استثناء ، إذ أنها لم تكن بتلك المواجهة التي اعتدناها خلال الحلقات السابقة، بل كانت بوحا للروح واستسلاما للدواخل، وتناغما مع الذات. درسا لانسجام واضح مع إنسانية الفنانة التي عبرت خلال دقائق معدودة عن كل شيء، عن عمر فني طويل وشاق، من دون أسئلة نمطية غارقة في الابتذال، تستغل مساحات قلوبنا تضفي عليها مساحيق اصطناعية لاستلابنا ، من أجل الضحك على ذقون المشاهدين. الذين يعرفون الفنانة نعيمة إلياس يحسبون ألف حساب لشخصيتها القوية وذكائها الخارق ونظرتها الثاقبة، لكن في لحظات من عمر البرنامج FBM اكتشفنا نعيمة إلياس أخرى، اجتمعت فيها كل الشخصيات: الفنانة، الصديقة، الحنونة، المنكسرة، استطاع بلال مرميد من خلال أسلحته غير المرئية أن يقدم لنا هذه الفنانة الرقيقة بشكل مغاير، بعدما أعادها إلى فترة البدايات مع مسرح البدوي وبعدها إبان انقسامه بين عبد الرزاق وعبد القادر. واستطاع أن يعزف على وتر حساس جدا، اكتشفته نعيمة مؤخرا، عندما استفسرها عن سبب توقفها وتقوقعها داخل انتظارات مظلمة ، لم تأتي بالجديد، واستسلامها لأدوار لاتليق بكفاءاتها وشخصيتها الفنية القوية، وظلت غارقة في مسلسلات وسيتكومات مبتذلة. ورغم أن جوابها لم يكن مقنعا، إلا أنه عرى عن وضع فني غير مستقر ، يعيشه الفنانون المغاربة، يقبلون معه على مضض أعمالا لايحبونها ،لضمان لقمة العيش. La chute كانت نقطة قوة البرنامج، جعلتنا نعيش لحظات جد مؤثرة، بعدما خرجت الدموع دون استئذان من عيون الفنانة نعيمة إلياس. هي دموع الحسرة والإحساس ب"الحكرة"، جعلتها تبتعد عن الأنانية في تحليلها للوضع المزري الذي يعيشه الفن، وفضلت الدفاع عن فنانات وفنانين، يعيشون ظروفا اقتصادية واجتماعية قاهرة، بالنظر إلى تاريخهم الفني الحافل بالإنجازات الإيجابية. هكذا هي الفنانة نعيمة إلياس، سخية الأحاسيس والعواطف، تعبر من دواخلها، إنسانة "مهاورية"، تقول ماتحس به. حلقة FBM كانت حبلى بالمواقف الإنسانية والأحاسيس القوية، رغم أن بلال مرميد ومن غير عادته ، كان متعاطفا مع مواقف ضيفته، ومتفهما لبعض قراراتها التي اتخذنها خلال مسيرتها الفنية. مخرج البرنامج من جهته كان ذكيا، عندما ركز عيون الكاميرا على وجه الفنانة نعيمة إلياس، خلال لحظات جد مؤثرة، اكتشفنا من خلالها دموعا صادقة، تدفقت من عيون فنانة رائعة.