متسلط،جبار،لايرحم ،لايتكلم خشبا،يعرف كيف يطوع ضيوفه.من طينة الصحفيين المتمرسين الذين لايدخلون ساحة ما بدون سلاح. سلاح العلم والمعرفة الأكاديمية الذي يستنبط من الجرأة أفكارا،تشتت وتفجر النمطية والإبتدال،وتعطي فرصة للنقاش الجاد الشفاف،غير المنمق بمساحيق تزول مع انتهاء البرنامج. قوة بلال مرميد تكمن في ذلك الطفل الشقي الذي يستيقظ فجأة خلال دروة النقاش،عندما يريد ضيفه الهروب إلى الأمام ليختبئ وراء الضبابية،عندها يخرج سيفه البتار،ويكشر عن أنيابه،ليعيده إلى جادة الصواب وإلى السكة الصحيحة،المبنية على الصراحة،ولاشيء غيرها. الحلقة الاخيرة لfbm كانت جد متميزة،طبعها جو إنساني،عرف من خلال بلال كيف يحاصر الفنان بوبكر رفيق بممر مسدود impasse،لم يخرج منه إلا وهو رافع راية البوح .فرفيق هو هكذا، إنسان ذو شخصية قوية،يتفاعل مع إحساسه وقلبه،غير متصنع،أفكاره متناغمة مع عواطفه. عندما كنت أسمع لبلال مرميد على امواج ميدي 1 تيفي،كنت أبحث عن الشفرة السحرية الذي يتوفر عليها هذا الصحفي لمحاصرة ضيوفه،وكنت اظن ان تكوينه الاكاديمي وتخصصه في الميدان هما ذلك السلاح الذي يستخدمه خلال البرنامج،لكن عندما أصبحنا نراها كل أسبوع على الشاشة،تيقنت ان عينيه الحادتين تخرجان سهاما تظل نائمة إلى حين محاولة الضيف الإختباء وراء مصطلحات هشة ،للهروب من أسئلته المحرجة.عندها يخرج بلال قوسه،ليرميه بسيل من الرماح،تعيده إلى طريق الصراحة. وبما ان الرجلين،يتمتعان بنفس الأسلحة،لكن كل حسب موقعه،استسلم بوبكر رفيق وتتبع إحساسه،وباح بكل شيء،تكلم عن عالمه الشخصي ،عندما أسر على انه مليء بالإخفاقات ،انطلاقا من حياته الزوجية،وتكلم أيضا عن أدواره التي اداها طوعا،وعن أسرار المهنة التي يدور في فلكها "اللقايجية"،وعن عدم وجود سناريوهات حقيقية،معتبرا السينما فضاء ل(بريكولاج). كل هذه اسرار نابعة من القلب،لم تكن إجابات عن أسئلة نمطية مباشرة،لكن بلال عرف كيف يستفزه من خلال أفكار قد تبدو هامشية،لكنها غير ذلك.إنها الحرفة والحس الصحفي الذي يطوق الضيف بذكاء ونعومة تنومه،وتسلط عليها مغانيطسها،فيصير كذاك الطفل الذي يسبح في عالمه الوردي،يقول كل شيء.الفنان رفيق بوبكر بشخصيته القوية وقلبه الكبير،كان مهيأ لدخول عالم الصفاء كعادته،عرف كيف يحبس دموعه التي ساحت في دواخله،رغم ان الكاميرا التي أصر المخرج على الصاقها بوجهه،لم تستطع العثور عليها، لكن بلال مرميد ونحن احسسنا بها وتعاطفنا معها . ماأحوجنا إلى مثل هذه البرامج في ميدان الأغنية وميادين أخرى،التي تكبر لنا الصورة الباهتة التي تقف وراءه بعض الأجناس الفنية. البرنامج نجح كثيرا في تسليط الضوء على شخصية رفيق بوبكر الناعمة،وتمكن بلال من فتح كل الفناجين في البرنامج ألاف المرات.كما غناها القيصر كاظم الساهر. "لم أعرف أبدا أن الدمع هو الإنسان وأن الإنسان بلا حزن،ذكرى إنسان"