في إطار الدورة الثالثة لليلة الفلاسفة، التي ينظمها المعهد الفرنسي بالمغرب بمناسبة تخليد اليوم العالمي للفلسفة يوم 17 نونبر من كل سنة، أكد مفكرون، مساء الخميس في رحاب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، على دور الأخلاق في نبذ العنف والتطرف. وتمحورت الندوة الافتتاحية، التي حضرها جمهور غفير من الطلبة والمهتمين بأم العلوم، حول موضوع "الأخلاق اليوم"، بمشاركة الباحثين مارك كريبون، مدير قسم الفلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة، وعلي بن مخلوف، أستاذ الفلسفة وعضو في المعهد الجامعي لفرنسا. وأكد الأستاذ كريبون، في مداخلته، أن "الذات الإنسانية مرتيطة بمثل أخلاقية سامية، تهدف أساسا إلى توجيه السلوك الإنساني وتنظيم العلاقة مع الغير، ذلك أن القيم والمثل الإيجابية التي تتضمنها الأخلاق، كانت منذ الأزل، حاجزا أمام السلوكات العدوانية والشريرة، وحافزا على السعي نحو الخير ونبذ الشر والعنف". وأضاف الباحث الفرنسي أن "الحديث عن الأخلاق اليوم، أصبح مرتبطا بالعنف وأشكاله، في ظل تنامي الاستعمال السيئ للقوة والإكراه بهدف إخضاع الآخرين، والتي أصبحت تمارسها وتحتكرها مجموعة من الدول باسم القانون والحفاظ على مصالح المجتمع وتماسكه". ودعا الأستاذ كريبون، في هذا الصدد، إلى تجاوز الخلافات الثقافية والهوياتية، والتي أدت في نظره، إلى دخول المجتمعات الإنسانية في دوامة من العنف ما زالت تعاني من تداعياتها إلى غاية اليوم، وذلك عبر تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات. من جانبه، ركز الفيلسوف علي بن مخلوف في مداخلته على العلاقة التكاملية التي تجمع الأخلاق بالعلوم، مبرزا أنهما من أهم ركائز المجتمعات وعناصر نهضة الأمم والشعوب، فإن كان للعلم الأثر البالغ في بناء الأفراد والمجتمعات، وتسهيل حياتهم اليومية، فالأخلاق، من جانبها، تعمل على تحصين الفرد، وتقوية وحماية المجتمعات. وشدد الأستاذ بن مخلوف على أن "التقدم التكنولوجي والعلمي ينبغي أن يصاحبه تزايد في الوعي الأخلاقي، الذي سيجعل من الواجب على كل عالم أن يسعى إلى احترام الإنسانية ومعاملتها، بشكل دائم، كغاية لا كمجرد وسيلة". وتتواصل "ليلة الفلاسفة" بمداخلات لمفكرين وأكاديميين مغاربة وأجانب من قبيل، مارك دو لونيي، وفانسان ديلاكروا، ولويك فيل، وماري غاي، وأنييس غريفو، ودومينيك غيو، وجاد حاتم، وعز العرب الحكيم بناني، وباتريس مانيغليي، ومحمد موهوب، وسمية مستيري، ونبيل ملين، ومليكة ولباني، ومجيد صفوان، ومريم السبتي، ووداد تباع، وستيليوس فيرفيكاكيس، في مواضيع كبرى تتمثل في "التفكير الكوني"، و"الحوار حول الدين والمجتمع"، و"مساءلة التاريخ والذاكرة". يشار إلى أن "ليلة الفلاسفة"، التي ينظمها المعهد الفرنسي بالمغرب، ستحط الرحال غدا بمدينة الدارالبيضاء، حيث ستشهد ندوة افتتاحية مماثلة في موضوع "الأخلاق" من تأطير الباحثين سمية مستيري وفانسان دولاكروا. وسيشكل هذا الحدث مناسبة لتسليم جائزة "الفلاسفة الناشئين"، المنظمة بشراكة مع مجموعة خاصة للتعليم العالي والمفتوحة أمام جميع المغاربة الحاصلين على الباكالوريا.