قبل أربعة أيام من انتخابات الرئاسة الأميركية، أعربت ثلاثة وجوه بارزة في المجتمع الإسلامي بالولاياتالمتحدة عن تحفظها تجاه كل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، معتبرة أن الناخبين المسلمين في هذا البلد أمام "خيارين أحلاهما مر". وأظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أن 72 % من الناخبين المسلمين يعتزمون التصويت لصالح كلينتون، مقابل 4% لصالح ترامب، بينما لم يحدد 24 % وجهتهم الانتخابية. ورغم الحظوظ الكبيرة لكلينتون بين الناخبين المسلمين، إلا أن الكثير منهم يعتبرونها "أهون الضررين". خطابات سلبية المدير التنفيذي ل"مجلس الشورى"، وهو منظمة غير حكومية معنية بشؤون مسلمي ولاية نيويورك، الشيخ أحمد سيدي مبارك، وصف الحملة الانتخابية الرئاسية بأنها "كانت متشنجة للغاية؛ بسبب الكثير من الخطابات السلبية". ومضى سيدي مبارك قائلاً إن "هذا التوتر والتراشق الإعلامي بين مرشحي أكبر حزبين جعل المجتمع الإسلامي يشعر بالخوف، ويشعر بأنه مساءٌ فهمه، وصورته مشوَّهة؛ فلا حملة كلينتون ولا حملة ترامب قدمت وصفاً صحيحاً لحال المجتمع الإسلامي ومدى مساهمته في مسيرة النجاح الأميركية". وعن صورة المسلمين في خطاب المعسكرين المتنافسين، أضاف "إما أن يرانا أحد الجانبين كأعداء نمثل عنف المتطرفين القادم من وراء البحار.. أو يرانا مخبرين وعيوناً وآذاناً له (للإبلاغ عن الإرهابيين).. ونحن لسنا كذلك". بحاجة للمسلمين وفي مناظرتها الثانية ضد ترامب، يوم 9 تشرين أول الماضي، قالت كلينتون: "نحن بحاجة للأميركيين المسلمين ليكونوا جزءاً من عيوننا وآذاننا في الخطوط الأمامية، المسلمون يريدون أن يشعروا بأنهم مقبولون ومستوعبون وجزء من بلدنا وأمننا الوطني، وهذا هو ما أرغب به". وعملت منظمة "مجلس الشورى" مع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية على تسجيل 1.5 مليون ناخب مسلم لانتخابات الثلاثاء المقبل، وذلك من أصل 227 مليوناً و19 ألفاً و486 ناخباً، بحسب مكتب الإحصاء الأميركي. وبحسب "سيدي مبارك"، فإن "جهود المنظمات الإسلامية في هذا المجال لم تكن حملة مبنية على أساس أنه إذا ما فاز أحد المرشحين فسنكون (المسلمين) أفضل حالاً". ويوضح أن "حملة تسجيل الناخبين كانت أساساً للتعلم وتعليم مجتمعاتنا بالعملية السياسية والمشاركة المدنية، وكم هي مهمة ومثمرة، ويمكن أن تصبح أداة سياسية تخدم مصالحنا". ويصف "مبارك" ترامب بأنه "شخص لا يمكن التنبوء بتصرفاته، وذو عقلية تجارية.. لكن لا نعلم ما يمكن أن يفعله مستقبلاً؛ فهو يتصرف الآن (الحملة الانتخابية) على أساس الموقف الحالي.. وكيف يمكن أن يربح.. لكن ربما يكون الحديث مختلفاً بعد الانتخابات". حملات محرجة بدورها، تصف مديرة الاتصالات والإعلام بمنظمة "أميركيون مسلمون من أجل فلسطين"، "كريستين شريمسكي"، الحملات الانتخابية عامة بأنها "كانت محرجة بشكل بالغ.. لم أر أبداً حملة لاذعة وقذرة كهذه.. لا يمكن تصديق ما يحدث". ومنتقدة الملياردير ترامب، تمضى "شريمسكي" قائلة: "لدينا مرشح يرفض أن يعد بانتقال سلمي للسلطة، وأسس حملته على الكراهية والتعصب.. ويتصرف مؤيدوه بالطريقة نفسها؛ ولذلك شاهدنا تصاعداً في أحداث العنف ليس ضد المسلمين فحسب، بل ضد الأميركيين من أصول أفريقية، وبقية الملونين (من غير العرق الأبيض)". وتستطرد المتحدثة باسم المنظمة المدافعة عن حقوق الفلسطينيين بأنه "على الجانب الآخر لدينا سيدة كفوءة بشكل كبير ومؤهلة للرئاسة، لكن لا أحد بشكل عام يثق بها". وتنتقد شريمسكي حديث كلينتون عن أن المسلمين مرحب بهم إذا ما ساعدونا في الخطوط الأمامية لمحاربة الإرهاب. وفي هذا السياق تتابع معترضة: "أجد هذا مهيناً بشكل بالغ، فمن تكون هي (كلينتون) لترحب بي في بلادي، نحن أميركيون، لقد ولدت هنا وتربيت في ولاية ميشيغان؛ لذا فإن هذه مشكلة كبيرة بأن نكون مرحباً بنا فقط إذا ما ساعدناهم على مراقبة مجتمعنا (الإسلامي).. هم يريدوننا أن نبلغ (السلطات) ضد بعضنا البعض". غير أنها تعتقد أن صعود كلينتون "سيمنح فرصة عظيمة للمسلمين ليجعلوها تفهم -عبر الكثير من العمل- أن خطابها على هذا النحو ليس نافعاً"، لتحقيق التعاون مع المسلمين. "لا تعامل المسلمين كمواطنين" بينما يرى الناشط في مجال حقوق المسلمين، "هارون قندناني"، في حديث للأناضول أنه "لا جديد في حديث ترامب عن ضرورة التدقيق بشدة في خلفيات المسلمين، ورفض قبول اللاجئين السوريين، وإنشاء جدار حدودي (مع المكسيك).. فكلها سياسات جمهورية وديمقراطية موجودة بالفعل.. وما يفعله ترامب هو أنه يتحدث عنها بصراحة". وعن كلينتون، يعتبر "قندناني" وهو أحد منتجي فيلمين توعويين عن "الإسلاموفبيا"، أنها "لا تعامل المسلمين كمواطنين مثلها.. هي تعاملهم كأحجار على رقعة شطرنج سياسية.. كلينتون ستختار دوماً السلطة على حساب المبادئ". وبحسب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) "نهاد عوض"، فإن صوت الناخب المسلم سيكون له تأثير كبير في هذه الانتخابات، لاسيما في عدد من الولايات التي يحسم تصويتها بشكلٍ كبير اسم الرئيس الأميركي المقبل، ومنها: أوهايو، فلوريدا، نيفادا، فرجينيا وبنسلفانيا.