إلى أي حد يبقي الرهان على الطلب الداخلي أساسيا لتحريك عجلة النمو وتجاوز إكراهات الأزمة العالمية ؟ قد تبدو عناصر الإجابة عن هذا التساؤل واضحة في خلاصة الحسابات الوطنية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بعدما أفادت بأن مساهمة الطلب الداخلي في نمو الناتج الداخلي الخام بدت جد إيجابية خلال الفصل الرابع من سنة 2011. لتبرير أسباب هذا المعطى الإيجابي، استدلت المندوبية السامية للتخطيط في حساباتها الوطنية الفصلية بواقع التحسن الذي عرفته نفقات الإستهلاك الأسري خلال آخر فصول السنة الماضية، ولم تغفل التدكير بكون ارتفاعها بنسبة 8,4 ٪ قد أسهم بزائد 4,7 نقطة في النمو الإقتصادي المسجل خلال هذه الفترة الزمنية . ذلك لم يحل دون حدوث تراجع ب 3,2 نقطة في معدل الإدخار بعدما انخفض مستواه إلى 26 في المئة عوض 29,2 سنة قبل ذلك، والسبب بررته نتائج هذه الحسابات الوطنية بارتفاع قيمة الدخل الوطني الإجمالي المتاح بنسبة 5,5 في المئة ونمو نفقات الإستهلاك النهائي بنسبة 10,3 في المئة . وعندما وضعت حسابات المندوبية اليد على واقع المبادلات الخارجية للسلع والخدمات خلال الفصل الرابع من سنة 2011 عرجت مؤشراتها نحو مسار سلبي حددت مستواه في ناقص 6,6 في المئة كمساهمة من هذه المبادلات في النمو الإقتصادي المسجل خلال هذه الفترة. ففي الوقت الذي تسبب فيه تراجع صادرات السلع والخدمات بناقص 3,9 ٪ في النمو الإقتصادي، كان لارتفاع وارداته منها تأثير سلبي تحدد في ناقص 2,7 في المئة، تبرز نتائج الحسابات الفصلية الوطنية . صعوبة الظرفية الإقتصادية التي ميزت الفصل الرابع من العام المنصرم، لم تنحصر تداعياتها عند حدود هذه المؤشرات السلبية، فتراجع معدل الإدخار الوطني ب 3,5 ٪ تسبب أيضا في مفاقمة عجز التمويل الذي ارتفعت نسبة تمثيليته داخل الناتج الداخلي الإجمالي إلى حدود 8,2 في المئة عوض 2,3 في المئة خلال نفس الفترة من سنة 2010. أما في صدد معدل النمو الإقتصادي ومستوى التضخم المسجلين خلال سنة 2011 ، لم تذهب الأرقام المرتبطة بهما بعيدا عما توقعته المندوبية السامية للتخطيط مع مطلع هذه السنة، حيث بلغت نسبة النمو 4.9 في المئة مقابل 0.4 في المئة بالنسبة لمعدل التضخم، بعدما سبق للمندوبية أن توقعت لهما معدلين في حدود 4,8 و 0,6