مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، الذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها ليوم الخميس 17 مارس 2016، في عين مكونات الحركة النسائية، «يعكس الإعاقة التشريعية ويضرب في الصميم مسار والجهود المبذولة في مناهضة العنف ضد النساء»، بل «يتنكر للمبادئ المعلنة دستوريا في ما يهم المساواة في الحقوق ومحاربة التمييز المبني على الجنس. فضلا عن أنه يتنكر لكافة التزامات المغرب الدولية على هذا المستوى». إنها مضمون "صرخة" مكونات الحركة النسائية، التي لم تفلح في كتمان غضب متزايد على حكومة عبد الإله ابن كيران بشأن تعاطيها مع القضايا النسائية من خلال مختلف مشاريع القوانين، التي تقترحها وتخص النهوض بوضعية المرأة، وكان آخرها مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، الذي تقدمت به وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي. وبعد ترافعها القوي ضد مسودة مشروع القانون الجنائي، التي قدمتها وزارة العدل والحريات، ودام النقاش العمومي حولها ما يزيد عن السنة، تترصد الحركة النسائية، ممثلة بتحالف ربيع الكرامة وشبكة «أناروز» الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف، بالنقد لمشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء. وتواصل كشف عيوبه في إطار لقاءات تواصلية مع الإعلام المغربي.
وفي ندوة عقدها التحالف وشبكة «أنا روز» يوم الثلاثاء 22 مارس 2016 بالرباط، توحدت المداخلات لكشف «التراجعات الخطيرة التي يحملها مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، سواء في ما يهم المكتسبات الحقوقية للنساء أو مكتسبات المجتمع المدني الذي كرس دستور 2011 دوره». واعتبرت المداخلات المختلفة، أن «حكومة عبد الإله ابن كيران تعمدت المصادقة على مشروع القانون هذا في هذا التوقيت تحديدا لتمريره بالبرلمان في ظل أجواء محافظة لا تتعاطى مع حقوق النساء من منطلق أنها شرط أساسي لقيام مجتمع حداثي وديمقراطي منصف لنسائه ورجاله». وأكدت المحامية والفاعلة الحقوقية، وعضو تحالف ربيع الكرامة، خديجة الروكاني، في مداخلتها على أن الصيغة الثانية من مشروع القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء «تعكس تراجعا خطيرا من الحكومة عن التزاماتها السياسية في هذا الباب»، تحمل «تراجعات خطيرة عما تضمنته الصيغة الأولى، التي تبدو وعلى علاتها أفضل من الصيغة الحالية». وأوضحت، في هذا السياق، أن الصيغة الحالية للمشروع، «لا تكفل الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف ولا لأطفالهن كما أنها لا تحمل تبسيطا للمسطرة القانونية الكفيلة بتيسير ولوج النساء لآليات العدالة والانتصاف». وزادت الروكاني موضحة أن: «المشروع لا يحترم من حيث مضامينه دليل التشريعات، الذي يبين المضامين اللازم أن يحملها كل قانون متعلق بمناهضة العنف ضد النساء، إذ يركز على الإطار المفاهيمي بشكل كبير لتحديد كافة أشكال العنف سواء كان معنويا أو جسديا أو اقتصاديا. وينص على التشاور والتنسيق مع المجتمع المدني، ويحذر من الوساطة في قضايا العنف ضد النساء. ويركز على تناسب العقوبات مع أشكال العنف الممارس على النساء. وينص على التدابير الحمائية وطرق احتساب التعويض عن الضرر. كما يحذر من اعتماد بدائل العقوبات في قضايا العنف ضد النساء. والحال أن العقوبات البديلة المتضمنة في القانون الجنائي المحال على البرلمان لم تستثن الجرائم المتصلة بالعنف ضد النساء». وأبرزت خديجة الروكاني، ضمن العيوب التي يتضمنها مشروع القانون، و وصفتها ب«الكبيرة» : «غياب تجريم العنف الزوجي علما أنه الأكثر تفشيا ضمن أشكال العنف الممارس على النساء وفق دراسات مختلفة آخرها دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، والتي كشفت أن 6 ملايين امرأة ضمن 9 ملايين يتعرضن للعنف الزوجي» تقول الروكاني، التي تتحدث كذلك عن :« تراجع مشروع القانون في صيغته الثانية عن تجريم السرقة بين الأزواج وتجريم النصب والاحتيال وخيانة الأمانة بين الأزواج إلى جانب التراجع عن تجريم وتشديد العقوبة في ما يتصل بالإيذاء الخفيف للمرأة بسبب جنسها، والمس بحرمة جسد المرأة»، فضلا عن «التراجع عن اعتماد الشواهد والتقارير الطبية لمختصين نفسيين في إثبات العنف ضد النساء». وهو ما اعتبرته الروكاني «تراجعا خطيرا». وفي ختام اللقاء التواصلي لتحالف ربيع الكرامة وشبكة «أنا روز»، الذي حضرته أيضا نساء ضحايا العنف قدمن خلاله شهادات مؤثرة تكشف أشكال المهانة، التي يتعرضن لها جراء العنف وعدم إمكانية الانتصاف القضائي، لوحت الفاعلات النسائيات والحقوقيات بالخروج إلى الشارع للاحتجاج على حكومة عبد الإله ابن كيران ، داعمات فعلهن الاحتجاجي هذا بفعل ترافعي قلن إنهن سيواصلنه لدى الأمناء العامين للأحزاب السياسية والفرق البرلمانية لخلق الضغط السياسي اللازم للدفع باتجاه تعديل جذري وشامل للمشروع. فضلا عن تأكيد مواصلة الترافع لدن حلفائهن داخل المجتمع المدني المغربي، كما قلن بتكثيف لقاءات الترافع هذه على المستوى الجهوي للتحسيس بنواقص مشروع القانون هذا. تصوير العدلاني