مكنت الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لروسيا الاتحادية من فتح صفحة جديدة في سجل العلاقات القائمة بين البلدين، والتي تطبعها الصداقة والاحترام المتبادل، بما يحفز تطورها النوعي على جميع المستويات. وتعزز هذه الصفحة الجديدة الشراكة التي يريدها البلدان ، استراتيجية ونموذجية ومربحة لكلا الطرفين، كما تعكس العزم على تعزيز الإطار المؤسساتي لتعاونهما من خلال الاتفاقيات الموقعة، والتي تهم عددا من المجالات من شأن عددها وحمولتها جعل هذا التعاون يرتقي إلى مستوى أرفع. وهكذا، فإن العلاقات التجارية والاقتصادية، المتينة منذ التوقيع في 2002 على إعلان الشراكة الإستراتيجية بمناسبة الزيارة الأولى التي قام بها جلالة الملك لموسكو، انتقلت إلى وتيرة أسرع بفضل هذه الزيارة الرسمية الثانية، الحاملة في طياتها لمستقبل واعد ينسجم تمام الانسجام مع العلاقات العريقة التي تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قد حل مساء يوم الأحد الماضي بالعاصمة الروسية موسكو، في زيارة رسمية لروسيا الاتحادية . ولدى وصول جلالة الملك إلى مطار فنوكوفو الدولي، وجد جلالته في استقباله ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية، الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا . وكان صاحب الجلالة مرفوقا خلال هذه الزيارة بوفد مهم يضم على الخصوص، السادة الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة مستشاري صاحب الجلالة، وصلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومحمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، وعزيز الرباح وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، وعبد القادر اعمارة وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة. كما كان جلالته مرفوقا بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، والوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون ناصر بوريطة، والوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن المكلفة بالبيئة حكيمة الحيطي، والمدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة عبد الرفيع زويتن، وسفير صاحب الجلالة بموسكو عبد القادر الأشهب، ورئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف المهدي قطبي. ويوم الثلاثاء الماضي، قام صاحب الجلالة بزيارة لقبر الجندي المجهول بموسكو. حيث قام جلالته بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول، تلتها دقيقة صمت ترحما على أرواح الجنود الذين سقطوا في ساحة الشرف. وفي نفس اليوم، أجرى جلالة الملك ورئيس فدرالية روسيا فلاديمير بوتين، مباحثات بالكرملين، حضرها عن الجانب المغربي، مستشارا صاحب الجلالة، السيدان الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة، وعن الجانب الروسي، وزير الشؤون الخارجية سيرغي لافروف ومستشار الرئيس يوري أوشاكوف. إثر ذلك، ترأس صاحب الجلالة وفخامة السيد فلاديمير بوتين، حفل التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجالات عدة. وتتعلق هذه الاتفاقيات باتفاقية في ميدان تسليم المجرمين، والخدمات الجوية، والتعاون في مجالات حماية البيئة والاستخدام العقلاني للموارد الطبيعية، واتفاق للتعاون في مجال الصيد البحري، واتفاق بشأن تشجيع وحماية الاستثمارات على وجه التبادل. كما وقع البلدان اتفاقا بشأن الحماية المتبادلة للمعلومات المصنفة في الميدان العسكري والعسكري التقني، وإعلانا لمحاربة الإرهاب الدولي، ومذكرة تفاهم للتعاون في ميدان الطاقة، ومذكرة تفاهم بين المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري ، ومذكرة تفاهم بين المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الفلاحة والسيد البحري بالمملكة المغربية والهيئة الفدرالية للمراقبة البيطرية والصحة النباتية لروسيا الاتحادية، حول التعاون في مجال المراقبة البيطرية، وقعها السيدان عزيز أخنوش وسيرغي دانكفرت فضلا عن برنامج عمل مشترك للسنوات 2016- 2018 يهدف لتنفيذ اتفاقية التعاون في الميدان السياحي، المبرمة بين حكومة المملكة المغربية وحكومة روسيا الاتحادية. وتميزت الزيارة الملكية أيضا بالتوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون الإسلامي بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية والمنظمة الدينية المركزية (مجلس شورى المفتين لروسيا)، وكذا اتفاقية إطارية للشراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ومتاحف الكرملين بموسكو، واتفاقية إطارية للتعاون بين المؤسسة الوطنية للمتاحف (المملكة المغربية) ومتحف "إيرمتاج" (روسيا الاتحادية) فضلا عن بروتوكول بشأن تبادل المعلومات قبل الوصول والمتعلقة بالبضائع والمركبات المتنقلة بين المملكة المغربية وروسيا الاتحادية وقعه بالأحرف الأولى السيد عزيز أخنوش والمدير الفدرالي لمصالح الجمارك السيد أندري بليانينوف. وأول أمس الأربعاء، أجرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس مباحثات مع الوزير الأول الروسي ديمتري مدفيديف. إثر ذلك، أشرف جلالة الملك بمتحف بوشكين بموسكو، على افتتاح معرض "المغرب وروسيا تاريخ قديم مشترك". ويأتي هذا المعرض المنظم من قبل المؤسسة الوطنية للمتاحف، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى روسيا الاتحادية، للتعريف بالتاريخ العريق والغني للمملكة، كمصدر لفهم المغرب المعاصر والحديث. ويضم المعرض قطعا أثرية كبيرة من مجموعات المتحف الأثري بالرباط، من بينها قطع برونزية من المواقع الرومانية القديمة الكبرى في المغرب. وينبع هذا الاختيار من الرغبة في تعريف المواطن الروسي على واحد من أوجه ثقافة غنية ساهمت في نشأة الحضارات ما بين القرن الأول والسابع الميلادي. كما تميزت هذه الزيارة بإحداث مجلس اقتصادي مغربي- روسي يهدف إلى إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية، وذلك عبر تمكين الفاعلين الخواص بكلا البلدين من الانتقال إلى السرعة القصوى في العلاقات التي تجمع الطرفين. وفي أعقاب هذه الزيارة، صدر بيان حول الشراكة الإستراتيجية المعمقة بين فدرالية روسيا والمملكة المغربية، والتي تروم ، بالخصوص،المساهمة في السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين، والعمل من أجل الدفاع والحفاظ على المصالح الإستراتيجية للبلدين في إطار من التضامن والتشاور، والحفاظ على الوحدة الترابية للبلدين وتعزيز وحدتهما، وتطوير مبادرات للتعاون والشراكة على مجموع ترابهما. كما تضمن البيان الصادر حول الشراكة الإستراتيجية تنويها صريحا لروسيا الاتحادية بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نفذتها المملكة المغربية في مختلف المجالات، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا عزم البلدين على تكثيف العلاقات الثنائية القائمة بينهما، لاسيما من خلال إنجاز مشاريع مشتركة في مجالات من قبيل الطاقة، والسياحة، والتكنولوجيات المتطورة، والفلاحة، والصيد البحري، والبنيات التحتية للنقل.