يبدو التناص طافحا – للعارفين بتاريخ السينما المغربية – بين عنوان هذا المقال، وعنوان فيلم/فلتة أحمد بولان " علي … ربيعة والآخرون. ومن يعرفون هذا الفيلم "المتاح" هم أقل بكثير ممكن يعرفون اليوم "الزين لي فيك" "الممنوع"، ومن يعرفون "لبنى أبيضار" أكثر بكثير ممن يعرفون "هيام عباس" التي تشاركت البطولة في فيلم "بولان" مع كبار من أمثال "يونس مكري" و"حسن الفذ"… "علي … ربيعة والآخرون" أيقونة من أيقونات السينما المغربية، بمقاييس الفن السينمائي ومعاييره. وأيضا، هو كذلك اليوم "الزين لي فيك"، لكن بمقاييس خارج- سينمائية؛ مقاييس المنع، مقاييس من لا علاقة لهم بالسينما، من تكلموا في المحظور عليهم الكلام فيه، وكان الأجدر أن ينصتوا للذين يتكلمون وهم يعرفون عما يتكلمون. لم يتكلم المركز السينمائي المغربي، وتكلمت وزارة الاتصال؛ جازمة أنها لن تسمح بالترخيص لعرض الفيلم بوصفه يتضمن إساءة أخلاقية جسيمة للقيم، وللمرأة المغربية، ومسّا صريحا بصورة المغرب. وتكلم من شاهدوا مقاطع مبتورة على الإنترنيت، وتكلم الخطباء في منابر الجوامع، وتكلم من لم تطأ رجله يوما قاعة سينمائية، وتكلم الفيزازي وتكلم… وتكلم… ولكي لا نكون مجحفين أو عدميين، تكلم بعض النقاد بكلام رصين، وقالوا بوضوح، بعد أن شاهدوا الفيلم في صورته السينمائية الكاملة، الفيلم ضعيف سينمائيا، جعله المنع قويا. قُدِّم أول عرض للفيلم في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، ثم فاز بجائزتي "فالو" الذهبية، وأفضل ممثلة ل"لبنى أبيضار" في مهرجان "أنغوليم" للفيلم الفرنكوفوني (جنوب غرب فرنسا).
وقبل يومين، أعلنت لجنة تحكيم جوائز مهرجان "سيزار" الفرنسي للسينما، اسم لبنى أبيضار، ضمن لائحة المرشحات لنيل لقب "أحسن ممثلة" لسنة 2016، ضمن لائحة ضمّت ممثلات فرنسيات من العيار الثقيل، من قبيل: كاثرين دو نوفو، وإيمانويل بيرسو، وإيزابيل هوبير، وأخريات…، و حتما، قد مرت من السينما المغربية أسماء نسائية وازنة سينمائيا، لم يذكر لهن اسم في فرنسا يوما، فيظهر بذلك، أن عطايا المنع عابرة للحدود. فهم أيضا لا يحكّمون دائما المقاييس الفنية. حتى القناة الإذاعية المقدمة للبرنامج السينمائي الأول في المغرب، وصفت استضافة نبيل عيوش قائلة: "هي إحدى أبرز المواجهات المنتظرة في الموسم الثاني من ال"FBM""، وحتما ستحقق الحلقة أعلى نسبة متابعة. سنرى تجليات المنع الباذجة في المستقبل، حين يصمت المنع وزبانيته، سنراه في القاعات السينمائية المغربية، وفي عدد المشاهدات على الإنترنيت، وفي تهافت القنوات والإذاعات على استضافة نبيل ولبنى. ستبكي لبنى وهي تسرد تاريخ منع فيلم تقدم على أنها بطلته… ويقدم لها معد البرنامج، الذي ملَّ من استضافة نفسه، "كيلنكس"، تكفكف دموعها، يتابع الآخرون المشهد النهائي من فيلم بيئس بؤس هذا العالم… إنه المنع حين يغدو عطاء. تحرير