في زحمة الاستعدادات للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة، وفي عز الإقبال الذي تعرفه تعرفه المدينة من طرف السياح والزوار الذين اختاروا مراكش لقضاء عطلة الأعياد الميلادية، خرج صباح أمس الثلاثاء العديد من ضحايا السكن غير اللائق من تجمعاتهم الفقيرة لإعلانها صرخة مدوية وإسماع حكايات مأساتهم التي عمرت طيلة سنوات، وأجبروا على العيش خارج تغطية حقهم بالتعويض في سكن لائق يقيهم وأسرهم خطر التشرد والضياع. وجوه بائسة أثثت تجاعيد الفقر والحاجة تقاسيم وجوهها، وسربلت الثياب الرثة البالية أجسادها، اقتحمت بدون استئذان فضاء المنطقة السياحية جليز، لتنتظم في وقفة احتجاجية حاصرت عبرها مؤسسة العمران على مستوى شارع محمد الخامس، وجاهرت بملء الصوت بتفاصيل معاناتها وآلامها، وكشف حقائق فاضحة تحيل إلى مغرب آخر تحيي تفاصيله فئة عريضة من المواطنين الفقراء والمستضعفين، تخلت عنهم كل الجهات المسؤولة محليا ومركزيا، وتركتهم يواجهون مصيرهم داخل دوامة شظف العيش والحرمان من الحق في حياة كريمة، تحفظ إنسانيتهم وكرامتهم، وتدرأ عنهم أسباب التعاسة والشقاء. جموع تحدرت من دواوير الهبيشات، كوكو، الكواسم، وأولاد عراض، واتجهت صوب المنطقة السياحية المذكورة تجر خلفها كل مظاهر البؤس والحرمان، لتعلنها صرخة مدوية «كفى من الحكرة» «كفى من الظلم»، بعد أن عمرت منذ سنة 2009 حين الإعلان عن مشروع القضاء على السكن غير اللائق، وعاشت مجريات التواطؤات والتلاعبات التي لهفت الأرصدة المالية الفلكية المخصصة والأوعية العقارية المخصصة للمشروع، لتظل بعدها خارج تغطية الاستفادة ومحرومة من حقها في التعويض أسوة بباقي المستفيدين من ساكنة هذه التجمعات، التي تحول بعضها إلى تجزئات سكنية فخمة سوقت بمبالغ خيالية. إفرازات هذا النوع من المضاربات، أسقطت في طريقها الكثير من الضحايا الذين وجدوا أنفسهم محرومين من حقهم في التعويض، فدخلوا من يومها في سلسلة احتجاجات بأشكال مختلفة، مع تنظيم رحلات مكوكية لمبنى مؤسسة العمران، باعتبارها الطرف الأساسي في المعادلة، دون أن تنفع كل هذه التحركات في دفع القيمين على الشأن المحلي إلى تحريك عجلة الإنصاف ووقف نزيف المعاناة. مواقف سلبية تشي بالكثير من الحقائق، جعلت الأسر الضحايا توجه مطالبها للجهات المركزية وتناشدها بالعمل على فتح تحقيق نزيه وشفاف، يحدد كافة الجهات المستفيدة من مشاريع التنقيل والهيكلة، ويكشف عن مجالات صرف الاعتمادات المالية والعقارية التي خصصت لإنجاز وتفعيل مشاريع القضاء على السكن غير اللائق بمراكش. علما بأن برنامج التدخل لمعالجة السكن غير اللائق بمدينة سبعة رجال، يندرج في إطار اتفاقيات تم إبرامها بين وزارة الإسكان وسياسة المدينة وزارة الداخلية والجماعة الحضرية بالإضافة إلى ولاية الجهة وشركة العمران مصاحبة المشروع المنتدب، قد همت بعد تحيينها ابتداء من سنة 2011 ما مجموعه 25.303 أسرة، تقطن 185 دوارا وتجمعا عشوائيا بمراكش. تمويل المشروع اعتمد على صندوق التضامن للسكن والمجلس الجماعي والمديرية العامة للجماعات المحلية ومؤسسة العمران، بالإضافة إلى مساهمة مرتقبة للمستفيدين وملاكي بعض العقارات التي تنهض عليها التجمعات المستهدفة. بعد أزيد من ثلاث سنوات على تسطير الخطوط العريضة للبرنامج،ولهف ملايير السنتيمات في إطار عمليات التفعيل، تكشفت الوقائع و الحقائق عن استمرار أيادي أيادي «التخربيق» والتلاعبات في نهش كل مناحي المشروع، بالنظر لعدم تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة. فعلى جري العادة، لم يتردد البعض في الرفع من منسوب الأسر المستهدفة، والنفخ في قائمة المستفيدين، في إطار تواطؤات مفضوحة سارت بذكرها الركبان، وبالتالي التأثير سلبا على سيرورة إنجاح المشروع برمته. فمعالجة 120 تجمعا عشوائيا فقط، تطلب إيواء حوالي 17.200 أسرة إن على مستوى إعادة الإيواء أو على مستوى إعادة الهيكلة، ضدا على منطوق الإحصائيات التي حددت العدد المتعاقد بشأنه عند بداية البرنامج في 15.755 أسرة، لتكون النسبة المضافة «خارج لحساب «1445 مستفيد بالتمام والكمال، وبالتالي مشروعية السؤال «علاش؟ وكيفاش؟». إسماعيل احريملة