استورد المغرب خلال العام الماضي ما يقرب عن 355 مليار درهم ولم يصدر سوى أقل من نصف هذه القيمة، فكانت النتيجة “تفاقم عجز الميزان التجاري بأزيد من 185 مليار درهم” يشير مكتب الصرف. لم تكن دلالة هذا الرقم لتؤشر على حسن أداء الإقتصاد الوطني الذي اكتوى خلال العام الماضي بلهيب غلاء فاتورة النفط ومواد الغذاء وغيرها. لقد تجاوزت قيمة هذا العجز حدود القيمة الإجمالية للصادرات الوطنية التي لم تقو على تخطي 169 مليار درهم خلال سنة 2011. ومقارنة بسنة 2010، بدا العجز التجاري للمغرب أكثر تفاقما، حيث لم يسهم ارتفاع قيمة الصادرات بنحو 21 مليار درهم خلال السنة المنصرمة في تخفيف هوة هذا العجز، والسبب يعود لتنامي الواردات التي زادت خلال العام ذاته بنحو 58 مليار درهم، الأمر الذي نتج عنه اتساع قيمة العجز التجاري بأزيد من 35 مليار درهم مقارنة بسنة 2010. مكتب الصرف، وبعدما برر تزايد اختلال الميزان التجاري بارتفاع قيمة الواردات المرتبطة بمنتوجات النفط والغذاء، إلي جانب مواد استهلاكية أخرى، لفت الإنتياه إلي أن مشتريات المغرب من هذه المواد بالسوق الخارجي كلفت ما يقرب عن 182 مليار درهم، وهو الرقم الذي يشرف على بلوغ القيمة المسجلة في عجز الميزان التجاري للمملكة. أزيد من نصف هذا المبلغ، استحوذت عليه فاتورة المحروقات التي عادت مسببات ارتفاعها لعامل غلاء سعر برميل النفط، وكذا تزايد مشتريات البلد من منتوجات الغازوال والفيول بعدما ارتفعت فيمتها داخل الحجم الإجمالي للواردات الوطنية بحوالي 66 في المئة خلال العام الماضي، لتقفز بذلك إلي أزيد من 32 مليار درهم، تؤكد إحصائيات مكتب الصرف. وبشكل أدق، أفادت إحصائيات هذا الأخير، بأن مشتريات البترول ارتفعت بنسبة 3,3 في المئة على مستوي الحجم، مقابل 27 في المئة تقريبا من حيث القيمة في مؤشر يدل على غلاء ثمن الطن المستورد. وهو المنحي الذي ميز أيضا مشتريات المغرب من المواد الغذائية، وخاصة منها الحبوب والسكر والزيت النباتي، حيث أفادت إحصائيات مكتب الصرف بأن تحسن الموسم الفلاحي المنصرم لم يحل دون توجه المغرب إلي مضاعفة وارداته من الحبوب مرتين خلال العام الماضي. أما بخصوص صادرات البلد من المنتوجات الفلاحية والغذائية من قبيل الحوامض والبواكر ومصبرات السمك ومنتوجات البحر وغيرها فقد سجلت تراجعا في قدرتها على ولوج الأسواق الخارجية. بالمقابل شهدت صادرات قطاع النسيج ارتفاعا طفيفا تأرجح بين 2 و 5,6 في المئة، في الوقت الذي واصلت فيه مبيعات الفوسفاط ومشتقاته ارتفاعها بالأسواق، وذلك بعدما بلغت حدود 35 مليار درهم، محققة زيادة بنحو 30 في المئة مقارنة بعام 2010. مداخيل الدولة من النقد الأجنبي لم تسهم في تحسنها فقط صادرات النسيج والفوسفاط ، بل أيضا تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلي جانب عائدات القطاع السياحي، فقيمتهما ارتفعت على التوالي إلي 58 و 49 مليار درهم، فيما تراجعت قيمة الإستثمارات الخارجية الأجنبية بنحو الثلث، ليتقلص مستواها خلال العام الماضي إلي حوالي 24 مليار درهم