الرباط/ 18 دجنبر 2015 /ومع/ قال الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى السيد محمد يسف، اليوم الجمعة بالرباط، أن "الاشتغال على تثبيت قاعدة الأمن المعنوي والوطني في عقول وقلوب شبيبة الأمة وفتوتها هو ما يتعين إيلاؤه الأهمية القصوى، علما أن ثمة أشكالا وألوانا من الإرهاب كثيرة تتربص بوحدة الأمة في عقيدتها، وفي نظامها العريق لا ينبغي الاستهانة بها". وأضاف السيد يسف، في كلمة خلال افتتاح اشغال الدورة الخريفية العادية الحادية والعشرين للمجلس التي انعقدت بإذن من أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، أن إيلاء بالغ الاهتمام لما "قد يعرض الأمة للفتنة العامة العمياء، لابد أن يكون على رأس ما يشغل بال علمائها"، وأنه يتعين إعطاء الأسبقية اليوم لما يشغل بال عالم اليوم قاطبة، وبال كل قوم في خاصة أنفسهم ألا وهو الإرهاب. وأبرز، خلال هذه الدورة التي حضر جلستها الافتتاحية وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، أنه إذا كانت أجهزة الأمن المغربية قد "ضربت أروع الأمثلة في باب الحراسة المشددة، والقيام بالمبادرات الاستباقية لإفشال كل المحاولات الشريرة، وإبطال مفعول المتفجرات قبل أن تحقق غرضها، فإن "الأمة كلها نساء ورجالا، شبابا وشيبا، عليها أن تكون على قلب رجل واحد جنودا مجندين وراء قائد سفينتنا أمير المؤمنين، مولانا محمد السادس". واستعرض الأمين العام ما حققه المجلس العلمي الأعلى من مكتسبات خلال عقد من الزمن، مذكرا أنه في شهر ربيع النبوي من عام 2004، ترأس أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس جلسة من جلسات المجلس بمدينة الدارالبيضاء، حيث ألقى خطابا ساميا، أعلن فيه عن اتخاذ الجديد من المبادرات التي كانت فاتحة عهد جديد في حياة هذه المؤسسة العلمية بالمملكة، كما كان لها أثرها البعيد بما أحدثته من حركة نشيطة في باب التأطير الديني، وخاصة في عالم المرأة والأسرة والطفولة. وهكذا، سرعان ما تبلورت، حسب السيد يسف، ملامح المشروع الإطار المحدد لنشاط المؤسسة العلمية، المؤطر للأمة في عقيدتها ومذهبها، وتربيتها روحا ووجدانا، وإمامتها الضامنة لوحدتها في ظل أمنها في دينها ودنياها. وأبرز أن أهم الخطوات التي خطاها إصلاح الشأن الديني وأبعدها أثرا في ضبط الأمن المعنوي، هي تمنيع مؤسسة المسجد التي كانت مفتوحة على مصراعيها يدخل إليها كل من يشاء ليقول فيها ما شاء، "حتى تجرأ على حرمة المنابر والمحاريب، والكراسي العلمية، من ليس من العلم وأهله". وأوضح أنه بالنظر إلى أن "هذا الوضع الهش في المساجد، مرده إلى نقص فاضح في الثقافة الدينية لدى القيمين عليها، كان من الضروري والمستعجل المبادرة إلى تقوية قدرتهم على مستوى إغناء محصولهم العلمي، ورفع مستوى قناعتهم وثقتهم في الثوابت والاختيارات الدينية التي أجمع عليها السلف الصالح من علماء أمتهم، وتزويدهم بما هو أساسي من الأدلة والبراهين العلمية لرد الشبهات والطعون عنها". وأبرز أن معالجة هذا الأمر اعتمد على برنامجين اثنين وهما برنامج مستعجل ويسمى في مصطلح المجلس العلمي الأعلى بÜ"ميثاق العلماء"، موجه إلى الأئمة الممارسين فعلا ويحتاجون إلى دعم علمي ومنهجي، أما البرنامج الثاني فيقوم على أساس صياغة جيل جديد من الأئمة بمواصفات وشروط ومعايير تستجيب للتحولات الكبيرة في المفاهيم والأفكار والتصورات، التي يحتاج معها الخطاب الديني عامة، ورسالة المسجد خاصة، إلى تطوير آليات التعاطي مع مستجداتها التي لا سبيل إلى تجاهلها وصرف النظر عنها. وأبرز أن تحت نظر الدورة للتدقيق والتعميق موضوعين على جانب كبير من الأهمية، أحدهما "يخص تنمية الرصيد الإصلاحي الذي تجري سفينته بريح طيبة في الاتجاه الصحيح، وعبر طريق غير ذي عوج، وهو في طريقه يكتسب كل يوم جديدا يضم إلى تليده، أما الثاني فهو حراسة الرصيد وصيانته من كل ما من شأنه أن يطفئ شعلته، أو ينقص من وهجه، وتلك مسؤولية العلماء في حراسة الوجود والتزام الموثق في العهد الذي عاهد العلماء عليه ولي أمر الأمة أمير المؤمنين محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى بمقتضى "ميثاق العلماء" الذي يربطهم بإمارة المؤمنين". وتعكف لجان المجلس خلال هذه الدورة، التي تأتي تنفيذا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 300-03-1 الصادر في 2 ربيع الأول 1425، القاضي بإعادة تنظيم المجالس العلمية كما وقع تغييره وتتميمه، ولاسيما الفقرة الاولى من المادة الرابعة منها على دراسة عدة قضايا تتمثل في تعميق النظر في آليات تطوير اشتغال المجالس العلمية المحلية في ظل المتغيرات الحديثةÜ وتقوية المجتمع وتحصين الأسرة من أسباب الغلو والتطرف والانحلال من خلال تطوير عمل المرأة العالمة والمرشدة الدينية. كما ينكب المجلس، الذي يعقد هذه الدورة على مدى يومين، على بحث "برنامج العمل السنوي للمؤسسة العلمية .. دراسة ومصادقة"، و"حصيلة عمل الأئمة المؤطرين .. ترشيد واستثمار"، و"ميزانية تسيير المؤسسة العلمية برسم السنة المالية 2016 .. عرض ومناقشة".