ترى فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تتشكل من أحزاب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي والاشتراكي الموحد، أن تجربة التدبير الجماعي لم تحقق في الأغلب الأعم التنمية المحلية المنشودة ولم تساهم في بناء الديمقراطية المحلية التشاركية بسبب اختلالات عدة. ومن أجل مواجهة هذه الاختلالات، يقترح برنامج الفيدرالية، التي تخوض غمار الانتخابات الجماعية والجهوية المقررة في رابع شتنبر القادم تحت شعار "كفى.. لنعمل جميعا من أجل التغيير"، التزامات عدة من بينها ربط إعداد وتنفيذ ميزانية الجماعات بتصور شمولي لتنميتها وتلبية الحاجات الأساسية للساكنة والحفاظ على الرصيد العقاري للجماعات الترابية وتوسيعه. ويقترح البرنامج على الناخبين العمل على تنمية مالية الجماعات الترابية من خلال إعادة النظر في منظومة الضرائب والرسوم والجبايات واعتماد العدالة الضريبية، إلى جانب إيلاء الأهمية للحقوق الاقتصادية للنساء، وإحداث صندوق خاص لدعم الجماعات الترابية ذات الموارد المالية الضعيفة. ويعد الشق السياسي من برنامج الفيدرالية بالعمل على إرساء قواعد الديمقراطية المحلية، وتوفير الشروط الكفيلة بإفراز نخب سياسية كفأة ، وتشجيع مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي ، فضلا عن تفعيل آليات المراقبة البعدية ، وتنشيط دور القضاء في محاسبة وزجر الإخلال والتلاعب بالمال العام. ويعتبر البرنامج أنه ينبغي إلزام المسؤولين على التسيير الجماعي بالتصريح بممتلكاتهم، وتكوين مكاتب منسجمة للتسيير المحلي ، والعمل على توسيع اختصاصات المجالس الجماعية ، ووضع حد للتوسع العشوائي للمدارات الحضرية، وإعادة النظر في آليات التدبير المفوض. وعلى المستوى الاجتماعي، يعد البرنامج ببلورة برامج لشراكة الدولة مع الجماعات الترابية في مجال معالجة معضلة الشغل والسكن غير اللائق والخدمات الصحية، والمساهمة في تأطير المواطنين عبر تأسيس آليات لإشراك السكان في معالجة قضاياهم. وعلى صعيد متصل، ترغب الفيدرالية في تقوية علاقات التشاور مع المجتمع المدني والاهتمام بالحقوق الاجتماعية للنساء والفئات ذات الاحتياجات الخاصة وإحداث آليات لانفتاح الجماعة على محيطها وأحياء صناعية خاصة لدعم الشباب. وفي الجانب المتعلق بتنمية العالم القروي، يلقي برنامج الفيدرالية الضوء على أهمية البحث عن السبل الكفيلة بتنمية الموارد المالية للجماعات القروية والعمل على إنشاء مجالات استثمارية بالعالم القروي للمساهمة في استقرار السكان، وفك العزلة عن هذا العالم. وتشمل هذه الوعود الانتخابية أيضا إحداث تعاونيات حرفية خاصة للشباب والنساء والاعتناء بالمرافق التعليمية والاجتماعية والصحية بالعالم القروي، وتشجيع التعاونيات الفلاحية والمشاريع المدرة للدخل بالنسبة للنساء والتدبير العقلاني لأراضي الدولة التابعة للجماعات. واستعرض برنامج الفيدرالية سلسلة من الاختلالات التي تعاني منها الجماعات الترابية من بينها "غياب تصميم شمولي وهادف لإعداد التراب الوطني"، بالاضافة الى "الوصاية المالية (…) التي تحد من روح المبادرة " و "غياب آلية تشجيع التنسيق بين المجالس الجماعية ". ويرى الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي عبد الرحمان بنعمرو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الفيدرالية تخوض هذا الاستحقاق للخروج من دائرة الوعود والشعارات الفضفاضة التي يعاكسها الواقع (….) من أجل تحقيق تغيير جوهري بهذا الشأن وتقديم البديل. وأوضح أن الفيدرالية تقترح في هذا السياق بديلا ينبني على أسس عدة من ضمنها بناء ديمقراطية حقيقية وتدعيم سيادة القانون وضمان استقلال القضاء والنضال من أجل استكمال الوحدة الترابية للبلاد. وقال إن الفيدرالية "لن تتعامل في هذا الاستحقاق مع الأعيان ولن تقبل تزكية مترشحين قادمين من أحزاب أخرى"، مشيرا إلى أن نسبة تغطيتها للدوائر الانتخابية بلغت حوالي 51 في المائة . ويعتبر بنعمرو أن الشعارات والبرامج الانتخابية المطروحة في سياق هذه الانتخابات "شيء جميل لكنها تظل غير كافية"، مشددا على الأهمية البالغة التي تكتسيها مصداقية من يسهرون على تطبيق هذه البرامج وارتباطهم بالشعب. وبرأيه، فإن الحزب استنفذ مرحلة مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية ودخل مرحلة المشاركة فيها، مضيفا أنه "لن يستغل هذه الانتخابات من أجل تحقيق مصالح ذاتية".