كثيرة هي وصفات الشعوذة التي تستعمل فيها أجزاء من أضحية العيد من أجل الزواج أو الإنجاب أو حتى لتفريق الأحبة أو المتزوجين فمن العين اليمنى للخروف مرورا بمرارته وعظمة كتفه وانتهاءا بجلده وصوفه يتم توظيفها في استعمالات جعلت من أطراف خروف العيد مطلبا لكل باحثة عن عريس أو عن الخصوبة من أجل الإنجاب. عيد الأضحى لا يشكل فقط تلك المناسبة الدينية التي يعمل فيها المغاربة على إحياء التضحية بكبش العيد اتباعا لما جاءت به تعاليم الدين الإسلامي، وإنما أضحى مناسبة يستغلها المشعوذون والدجالون من أجل الظفر ببعض المال من زبوناتهم اللواتي يحرصن على عدم تفويت مناسبة دينية كهاته لبلوغ هدفهن المنشود خاصة أن عيد الأضحى يعرف بكونه فرصة لا تعوض للعوانس من أجل الظفر بعريس. البخور بكتف الحولي لجلب العريس ترسخ بذهنها اعتقاد أن «العكس» يطاردها أينما حلت وارتحلت، فلا تحظى بالنجاح فى أي أمر من أمورها. تكرر دائما «اللي درت فيها يدي مكاتصدقش» تعبيرا عن فشلها في كل ما تقوم به في حياتها بدءا من الدراسة وانتهاءا بالعمل والزواج وهو الأمر الذي جعلها ترجع السبب لكونها مسحورة أو “مديور ليها عكس”. بدأت سمية في البداية بدق باب أول عرافة كانت معروفة ب”ضريب اللدون” حيث أكدت لها شكوكها حول العكس الذي تعاني منه وأعطتها مجموعة من الأعشاب التي تصلح ك”تفوسيخة” تطرد عنها النحس الذي يطاردها. بين العرافة والأخرى ابتليت سمية بالجري وراء الوهم باحثة عن “الزهر” الذي سلبه منها الحساد الذين لا يريدون لها أن تتزوج وتستقر في بيتها كباقي الفتيات فوجدت الفتاة نفسها مضطرة لتقديم كل الطلبات التي تطلبها الشوافات مع تطبيق الوصفات بحذافيرها. آخر الوصفات التي نصحتها بها إحدى الشوافات كانت الحصول علي جزء من عظمة كتف خروف العيد الخاص بامرأة سبق لها أن تزوجت عدة مرات. كان عليها جلب العظمة إلى « الشوافة» من أجل خلطها ب«الفاسوخ الوسقي» الذي يجب أن تقتنيه من عشاب يكون باب دكانه “قبلة” إضافة إلى الجاوي الذي يتم استعماله كبخور يبطل العكس الذي يقف في طريق زواجها! سمية نفذت الوصفة بل ونفذت غيرها لكن كل تلك الوصفات لم تأت بنتيجة تمكنها من الحصول على العريس الذي تحلم به فكل ما نالته هو ضياع مالها وجهدها في مطاردة الوهم والتنقل بين العرافات. مرارة الخروف لتفريق الزوجين كانت الغيرة تأكل قلبها حيال جارتها. كانت الجارة تثق فيها وتتعامل معها كأخت لها. لكن مشاعر الغيرة والحقد على الجارة حولت بياض قلبها إلى سواد خاصة وهي ترى كيف يعاملها زوجها الذي كان لا يرفض لها طلبا. أما هي فلم تكن تجد من زوجها سوى قبيح القول والفعل. كانت تتساءل مع نفسها عن الوصفة السحرية التي جعلت زوج جارتها يعاملها معاملة خاصة. كانت جارة جميلة دوما تلومها، وتحملها مسؤولية خلافاتها مع زوجها لأنها لا تهتم به ولا بمتطلباته وهو الأمر الذي لم تتقبله جميلة، وجعل قلبها يحمل الكثير من الحقد والغيرة نحو جارتها، بل وتتحين لها الفرصة من أجل جعلها تجرب إحساس المشاكل وخلافات الزوجية. جميلة التي تؤمن بالسحر والشعوذة بدأت تبحث عن الوصفة التي تمكنها من تحقيق غرضها الذي صار همها الأول. فمعلوماتها في هذا الجانب صارت كبيرة، من كثرة ترددها على «الشوافات» و«الفقها» واستغلت أول فرصة للنيل من غريمتها. وليس من توقيت أفضل لذلك من «العيد الكبير». استغلت جميلة علاقتها بجارتها لتأخذ مرارة خروف العيد الخاص بالجارة وقطعا من ملابسها وملابس زوجها الداخلية لتنفذ مخططها الشرير، والتفريق بين الجارة وزوجها، وكأن مرارة الخروف هيالفيصل الذي يحكم على الزيجة بالفشل...! كديدة” للإنجاب” من بين المظاهر الأخرى للشعوذة التي يستخدم فيها أجزاء من خروف العيد خرافة ترسخت في ذهن النساء المغربيات الباحثات عن الإنجاب واللاتي لم يتمكن من تحقيق أمومتهن بشكل طبيعي. تعاني فاطمة ذات الرابعة والثلاثين سنة من العقم منذ سبع سنوات، هذا المشكل دفعها إلى دق أبواب العديد من الأطباء، وتجريب الكثير من الوصفات الطبية بحثا عن العلاج، والانضمام إلى خانة الأمهات. لم تستطع الوصفات الطبية من تحقيق غايتها وتخليصها من اليأس الذي انتابها، جراء المشاكل الزوجية التي حولت حياتها إلى جحيم، لتحول دفة البحث نحو « الفقها» والمشعوذين علها تجد ضالتها هناك. جربت فاطمة العديد من وصفات الدجالين التي لم تنفع، لتقترح عليها بعد ذلك إحدى جاراتها جمع “الكديدة” التي تعتقد أنها ستكون آخر الوصفات التي ستجربها نظرا لنجاعتها في إعادة الخصوبة إلى المرأة العقيم وتمكينها من الإنجاب كما حدث مع الكثير من النساء اللواتي حضرت “كديدتهن”. أصبحت فاطمة تتعلق بأي قشة تمكنها من الإنجاب واغتنمت فاطمة فرصة قدوم عيد الأضحى كي تقوم بجمع «القديد» من عند صديقاتها وأقاربها ومعارفها شريطة أن تكون صاحبة “الكديدة” امرأة ولودا ولها أبناء وهي الشروط التي كانت متوفرة فيمن لجأت إليهن. لم ترفض النسوة طلب فاطمة بسبب تعاطفهن معها حيث قامت هذه الأخيرة بجمع الكثير من “الكديد” الذي أضافت إليه الكثير من”المساخن” وحضرت به الكسكس مرفقا بكؤوس الشاي. وحسب نفشس المعتقد استحمت في حمام ساخن وقامت بدعوة جاراتها ومعارفها حيث قضين الوقت في الرقص وترديد الأهازيج الشعبية. في نهاية “الكديدة” قامت النسوة بإعطاء فاطمة ” الزرورة” أو ” البياض” الذي يعطى للأم عند إنجابها متمنيات لها التمكن من تحقيق مبتغاها في الحصول على طفل. مرت سنتان على حفل الكديدة الذي أعدته فاطمة لكنها ماتزال تنتظر تحقيق أملها في الأمومة. مجيدة أبوالخيرات