قدمت 16 فرقة مسرحية مصرية، على مدار يومين، قضايا اجتماعية وإنسانية مختلفة، عبر عروض الدورة العاشرة من مهرجان الساقية ل "المونودراما". أبرز تلك القضايا "العنوسة"، والتي قدمت من خلال قصة امرأة في العقد الرابع من عمرها، لازالت تنتظر اللحظة التي ستجمعها بشريك حياتها، بمسرحية "برنس حمام وردي". أما مسرحية "خطأ لفظي في العقل" فقد رصدت الدوافع النفسية المختلفة التي ألقت شابا ثلاثينيا في براثن الإدمان، إلى أن لقى حتفه إثر تناوله جرعة تخديرية زائدة عقب توديع حبيبته. و"المونودراما" فن مسرحي يقوم على ممثل واحد يسرد الحدث، وظهر في أوروبا خلال القرن العشرين باعتباره أحد أشكال المسرح التجريبي الذي رافق التحولات الفلسفية ذات المنزع التجريدي حينها. ويسعى فنانون مصريون لإعادة إحياءه، من خلال تنظيم مهرجانات وفعاليات ثقافية، للتعريف به وتشجيع المواهب الشابة على احترافه. أحمد رمزي مدير قسم المسرح بساقية الصاوي لفت إلى أن "المونودراما" رغم ظهوره بالصورة الأخيرة عليه في القرن العشرين، إلا أنه يعد من الأشكال المسرحية القديمة جدا، "وتقوم فكرته على وجود بطل واحد للعرض المسرحي، يقص للجمهور حكايته أو يستفيض في التعبير عن مشاعره أو يطرح عليهم قضية مجتمعية ما". وتابع في حديث للأناضول اليوم: "اليونان القديمة هي التي عرفت هذا الفن الإنساني وقدمته للعالم، وكلمة مونودراما يونانية الشق الأول منها (مونو) يعني (فردي)، أما الثاني (دراما) فتشير إلى (الفعل)، لذلك عُرف المونودراما عبر مر العصور بالفن الذاتي". وأوضح أن هذا الفن "شهد مؤخرا طفرة كبيرة في مصر والعالم العربي، إذ بدأت كيانات ثقافية عديدة تهتم به وتقيم له مهرجانات وفعاليات مختلفة، ما أدّى لوجود حالة تنافسية بين مبدعيه تصب في صالح الارتقاء بعروض المونودراما في مصر والعالم العربي". ورفض رمزي اعتبار "المونودراما" فن قائم على الفردية الشديدة؛ لافتا إلى أن "هذا الأمر وإن صح يقتصر على الأداء التمثيلي فقط، أما العرض بالكامل، فيتطلب وجود مخرج ومصمم حركة ومسئول إضاءة وصوت وديكور". محمد حافظ أحد الفنانين المشاركين في المهرجان، أوضح لوكالة الأناضول أن فن "المونودراما" يسمح لبطله الأوحد بتقديم أكثر من شخصية ضمن العرض، وتتراوح مدته ما بين 20 و45 دقيقة، كي يصل بفكرته لجمهوره. حافظ الذي قدم مسرحية "كوتشي" والذي قدم من خلالها قصة شاب يبحث عن تحقيق أحلامه من خلال عمله في إعادة تدوير القمامة، أضاف للأناضول "يتنقل الفنان من شخصية لأخرى برشاقة وإيقاع سريع كي لا يمل الجمهور منه، لأنه وحده يتحمل مسئولية نجاح عرضه أو فشله". وأشار إلى ثمة تحديات وعقبات تواجه الفن في مصر والعالم العربي، منها "عدم تحمس جهات الإنتاج الرسمية لتقديم هذا النوع من الفنون المسرحية بوصفه يمثل مغامرة إنتاجية كبيرة". كما أن من تلك العقبات حسب حافظ "عدم وجود عدد كافي من الكتاب والمؤلفين المتخصصين في وضع سيناريو وحوار فن المونودراما". وعقدت ساقية الصاوي (مركز ثقافي غير حكومي)، وسط القاهرة، دورتها العاشرة لمهرجان "المونودراما" خلال يومي الأحد والإثنين، بمشاركة 16 فرقة مصرية.