أحد المحللين الاقتصاديين قارن مشاكل أوروبا، وهو يتحدث في ندوة لتلفزة فرنسية، عن آثار الأزمة المالية العالمية على أحوال الدول الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، بالإشكالية التي قد يواجهها، في كثير من الأحيان، من يقيمون في شقة بعمارة ما يسمى بالملكية المشتركة، إشكالية صعوبة التعايش جراء عدم احترام بعض سكان العمارة لنظام السكن الجماعي بعدم أداء الواجبات الشهرية وغير الشهرية للحفاظ على المستوى اللائق للعمارة. نحن المغاربة وغيرنا من المجتمعات نواجه العديد من الحالات الناتجة عن كون بعض أصحاب الشقق يكتشفون، بعد شراء ملكيتهم الجديدة، أنه مازال عليهم أداء مبالغ أخرى، بعد كل التحملات المالية التي دفعوها لشراء السكن الجديد علاوة على واجبات التسجيل والمحافظة. لهذا يتأخرون في تسديد واجبات السكن الجماعي رغم إلحاح الجار المكلف بمهمة “سنديك العمارة” والذي يقول لهم مثلا: “إن واجبات السانديك لا تختلف عن واجبات الماء والكهرباء أو الضريبة البلدية لجمع الأزبال” . “السانديك” يتوفر على إمكانيات قانونية للحصول من الجيران على الواجبات إلا أنه لا يتوفر على سلطة إكراههم على الدفع، ولهذا يمكن أن تتوسع دائرة من لا يؤدون الواجبات ويتوقف مصعد العمارة ويحرم سكانها من الإنارة الجماعية التي تساعدهم ليلا للصعود من طابق إلى آخر وتصبح الممرات معرضة للتلوث لأن لا أحد سيتكلف بالتنظيف وجمع الأزبال. إلى هذه الحالة يمكن أن تتدهور ظروف التعايش بين المتساكنين في عمارة الملكية المشتركة، لأن البعض من السكان لا يدفع الواجبات بسبب عدم القدرة على تحمل ذلك أو لأسباب تعود إلى انعدام الوعي وهذه حقائق لا يتم اكتشافها إلا بعد فوات الأوان. إن الذي قارن الأزمة القائمة داخل منطقة العملة الأوروبية الموحدة بالإشكالية التي يمكن أن يواجهها سكان أي عمارة من عمارات الملكية المشتركة، قام بمقارنة وجيهة. فالأقطار الأوروبية الأعضاء في منطقة العملة المشتركة، ليسوا كلهم على نفس المستوى من تراكم الثروات الوطنية ودرجة الوعي بمتطلبات الإنتماء إلى منطقة “الأورو” وما يجب القيام به من سلوك اقتصادي وغير ذلك من المستلزمات التي يقتضيها الاستمرار في الانتماء إلى هذا الكيان الأوروبي الموحد. منطقة العملة الموحدة الأوروبية تتعايش فيها ألمانيا كأغنى مجتمع في أوروبا واليونان كأفقر الأعضاء في منطق العملة الموحدة. اليونان يواجه حالة اقتصادية خطيرة بسبب تراكم نتائج سوء التدبير المالي والسياسي، فعلى سبيل المثال، الكنيسة الأرتودوكسية تعتبر أغنى مقاولة بالبلاد ومع ذلك لا تدفع للدولة الواجبات الجبائية. هذا ما يجعل اليونان بلدا عاجزا عن تحمل واجبات الانتماء إلى منطقة “الأورو” : يريد أن يأخذ كل شيء ولا يعطي أي شيء. وهنا تكمن الأزمة حيث أوجه الشبه بين دولة اليونان العضو في منطقة العملة الموحدة الذي لا يقوم بواجبات العضوية وصاحب الشقة الذي لا يؤدي واجبات السكن للمكلف بإدارة الملكية الجماعية للعمارة. وبالنسبة لمستقبل منطقة العملة الأوروبية المشتركة، فهناك أصوات ترتفع في ألمانيا تنادي بالرحيل عن “عمارة” الأورو وتشكيل مجموعة تنخرط فيها، إلى جانب ألمانيا، بلدان مجاورة لها كهولندا بلجيكا والنمسا.