تنقسم الأمراض النفسية إلى عدة أنواع، ولها تأثيرات متفاوتة الخطورة على سلوكات المريض ومشاعره. نجد في مقدمتها الاكتئاب وحالات القلق والرهاب الاجتماعي والفوبيا بكل أنواعها، والاضطرابات النفسية التي تنتج عن بعض الصدمات بالإضافة إلى مرض الوسواس القهري. هاته الأمراض تجعل الشخص غير قادر على التحكم في مشاعره وفي تصرفاته، وتخلق لديه حالات الأرق واضطرابات النوم. وتدخل الأمراض العقلية في خانة الأمراض النفسية وتعتبر جزءا منها، إلا أنه يتم الفصل بينهما في حالات معينة، وذلك عندما يوصف الشخص الذي تنعدم لديه القدرة على الإدراك بالمريض العقلي، لأن هاته الأمراض تجعل الشخص غير مسؤول عن أفعاله، وهذا الأمر يحدث في الأمراض التي ترافقها حالات الهذيان مثل مرض الفصام أو السكيزوفرينيا الذي يصنف كمرض عقلي كما هو الشأن بالنسبة لحالات البارانويا. ويكون الشخص الذي يوصف بالمريض العقلي منفصلا عن واقعه بشكل كلي، ويعيش في عالمه الخاص، كما لا تكون لديه القدرة على التعامل مع المواقف التي يواجهها في الحياة اليومية. وترتبط الأمراض النفسية بما فيها العقلية بعوامل عديدة ومتداخلة، منها ما هو بيولوجي واجتماعي ونفسي دون أن ننسى العوامل الوراثية. بالنسبة للعوامل البيولوجية فهي تتمثل في التغيرات التي تطرأ على بعض المواد في المخ مثل مادة الدوبامين التي ترتفع نسبة نشاطها في بعض المناطق، فتخلق في عقل المريض أشياء غير حقيقية، ويصاب بالتالي بحالات الهذيان والهلوسة، بينما تقل فعاليتها في مناطق أخرى، فتجعل من المريض شخصا منطويا يميل إلى العزلة، وتنعدم لديه القدرة على الإدراك، وتصبح أقواله وأحكامه على الأمور متضاربة. هناك مواد أخرى تتحكم في الحالة النفسية للمريض مثل السيروتومين والنورادرينالين والكاتيكولامين، في حالات الاكتئاب والقلق التي تندرج في خانة الأمراض النفسية. فعندما تقل فعالية هاته المواد يصبح الشخص غير قادر على التحكم في تصرفاته والسيطرة عليها، ويصاب بحالات الهلع والخوف. العوامل الوراثية تتدخل بشكل غير مباشر في الإصابة بالأمراض النفسية، فالشخص الذي ينتمي إلى عائلة يعاني أفرادها من أحد الأمراض النفسية يكون بدوره عرضة للإصابة بنفس المرض، وإذا قارنا بين عائلة المصاب بالاكتئاب مثلا وبين محيطهم الاجتماعي، سنجد أن نسبة الإصابة بهذا المرض تكون مرتفعة بين أفراد عائلة المريض مقارنة مع باقي الأشخاص داخل المجتمع. وهناك أمراض أخرى مرتبطة بالعامل الوراثي مثل ثنائي القطب واضطرابات المزاج وأمراض القلق مثل الوسواس القهري، لكن عامل الوراثة في حد ذاته الذي يعتبر نوعا من الهشاشة البيولوجية لا يكون كافيا لظهور المرض، فالأمر يتطلب ظروفا معينة، لأن المرض النفسي يكون نتاجا للتفاعل بين الجانب البيولوجي والجانب الاجتماعي والنفسي للشخص مع البيئة التي يعيش فيها. عندما يتعرض الشخص الذي يعاني من هاته الهشاشة البيولوجية لصدمات في حياته، يحدث نوع من الاختلال في توازنه النفسي، ويهتز كيانه، فتتغير شخصيته بشكل تدريجي، بعد أن تتأثر بمحيطه الاجتماعي والأسري بالإضافة إلى ظروفه المعيشية والاقتصادية، فعندما تتفاعل كل هاته الجوانب فيما بينها تقود إلى الإصابة بالأمراض النفسية. طبيب نفساني