نظرا لما تزخر به الحياة من تعقيدات ومشاكل استجدت مع متغيرات العصر الحديث ومصاعب الحياة اليومية علي الصعيد المادي والأجتماعي والمهني وقسوة وتيرة الحياة،ازدادت الأمراض النفسية انتشارا وكلما كانت الأسباب المؤدية لهذه الأمراض مركبة، كلما أصبح المرض ذاته مركبا. وبالتالي يكون العلاج صعبا وفقا لمستوي شدة المرض، ومن أبرز الأمراض الخفية التي يعاني منها الكثيرون هو مرض الأكتئاب، ويصيب مرض الأكتئاب مختلف الفئات الأجتماعية والعمرية، فليس غريبا أن نري طفلاً في الثانية أو الثالثة من عمره مصابا بالأكتئاب أو شيخا كبيرا بلغ من العمرأرزله. لكننا في هذا التحقيق سوف نسلط الضوء علي المرأة نظرا لأنها من أكثر الفئات المعرضة للأكتئاب لأسباب سوف نسوقها في السطور التالية. وبالطبع سوف نفسح المجال لأحدث ما توصلت إليه النظريات العلمية الحديثة التي تتصدي لهذا المرض النفسي الذي قد يصل الأمر به إلي أن يودي بحياة الشخص بعد إذ يأس من إيجاد حلول لمشاكله أو سبباً تكمن وراءه حياته. المرأة هي الضحية الأولي للاكتئاب! من هم الناس الأكثر تضررا من الاكتئاب؟ دون شك،إنها المرأة ... فهي عرضة لنوبات الأكتئاب بنسبة تصل إلي الضعف قياسا بالرجل. ويزداد خطر التعرض لهذا المرض إذا كانت المراة مطلقة أو غيرعاملة. من هم الناس الأكثر تضررا من الاكتئاب؟ قامت إحدي الدراسات بإدارة البحث والتقييم والأحصاء بفرنسا Direction de la Recherche des Etudes de l'Evaluation et des Statistiques (DREES) بمحاولة الإجابة علي هذا السؤال ... وكانت النتيجة: المرأة على رأس جميع الفئات. النساء الأكثر تضررا من الاكتئاب النساء هن أولي ضحايا الأكتئاب ... حيث تبين مختلف الدراسات الاستقصائية التي أجريت في فرنسا أنه هناك ما بين 3 و 4 نساء متضررات من الاكتئاب في مقابل اثنين من الرجال. وهذا الأمر لا علاقة له بالظروف المعيشية للنساء (كانخفاض الأجور، متوسط العمر المتدني المتوقع...). هذا المعدل حقيقي حتي إذا ما ربطناه بعوامل الخطر في نفس المستوي العمري لدي الرجال...(وضع وظيفي متساوى، نفس مستوي المؤهلات الدراسية): لكن النتيجة أن المرأة كانت أكثرعرضة مرتين من الرجل للإصابة بنوبات الأكتئاب . أسباب الاكتئاب لدي الإناث: ما هي أسباب ذلك الضعف لدي المرأة؟ أولا: تجدر الإشارة إلى أن الفجوة بين الرجل والمرأة غير واقعية، فالرجال أكثر عرضة للاكتئاب إلا أن الأرقام لا تظهر ذلك. فإلاكتئاب يصعب تقديره لدي الرجال لأنهم لايعترفون بسهولة بالأكتئاب وقليلا ما يطلبون المشورة بهذا الصدد. ولكن حتى مع هذه المراوغة، من الواضح أن هناك ضعفا أكثر في صفوف النساء. فالمرأة بطبيعتها مخلوق ضعيف، مرهفة الاحساس، عطوفة وعاطفية، تتأثر بشكل أكبر بما تصادفه من مشكلات أو عراقيل أو منغصات، فبالإضافة إلي الضعف الجسماني قياسا بالرجل فهي أكثر ضعفا من الناحية النفسية وهي بحاجة دائمة إلي من يتفهم مشاعرها وتقلباتها النفسية، العصبية والمزاجية، وهي تحتاج دائماً، علي عكس الرجل، إلي من يدعمها أو يقدم لها العون فيما تجابهه من مصاعب الحياة، لكن بالطبع، لا تتسني تلكم الأمور بشكل دائم، مما يعرضها للسقوط في نوبات الأكتئاب. وقد تعتري الحياة كثيرا فقدان أناسا نكن لهم حباً جارفاً أو أعزاء أو أقرباء أو التعرض لفقدان علاقة حميمة، ونظراً لحس المرأة المرهف، فهي لا تتحمل تلك الأمور بشكل يسير وتتأثر بالصدمات. أما الرجل فبوسعه أن يكتم آلامه لأنه في أغلب الأحوال يخجل من مجرد إبداء حزنه أوضعفه أو هزيمته ومنهم من يعتبر الأمر في سياق تحدي ينبغي أن يفوز بمعركته. لكن ربما كان ذلك الكتمان من ضمن العوامل التي تؤدي إلي تفاقم الأكتئاب (لدي البعض) نتيجة للكبت. الزواج يحمي من الاكتئاب: هناك عدم مساواة أخرى تكشفت عنها التحقيقات: يعتبرالزواج من العناصر الواقية من الاكتئاب. فوجود شخص نعتمد عليه، يمكننا من مواجهة العواصف. ونري اختلافا في مخاطر الإصابة بالاكتئاب على أساس الوضع العائلي: فالشخص المتزوج أقل عرضة للاكتئاب من الغير متزوج، ومن بين الأشخاص الذين يعيشون وحدهم ولديهم احتمالات أكبر للتعرض للأكتئاب هن المطلقات والأرامل.لأن الأنفصال يضاعف من احتمال الإصابة بالأكتئاب إلي مرتين أو ثلاثة . ملاحظة: الرجال أكثر تعرضا للترمل، والنساء أكثر للانفصال. البطالة : من عوامل الخطر للاكتئاب : ولا غرابة، فالخمول هو أحد عوامل الخطر الرئيسية المؤدية للاكتئاب. فقد أصيب ما لا يقل عن 16% من العاطلين عن العمل بنوبات الاكتئاب. الرجال هم الأكثر تضررا من نقص العمل. ومستوى الدخل لا يحمي من مشاكل الاكتئاب: بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية، فالعاطلين عن العمل هم المتضررين من فقدان وظيفتهم. المرأة، العاطلين عن العمل والمطلقات هم الفئات الأكثر تضررا من الاكتئاب. وينبغي لدي هؤلاء تحديداً أن تكون الوقاية والسيطرة أقوى لتفادي الدخول في نوبات الاكتئاب. أعراض الاكتئاب: كثيرا ما يتعرض الناس لنقصان في الطاقة ونوبات الحزن. ولكن إذا ما ظل هذا الوضع قائما ولم يتم استعادة الروح المعنوية، هنا ينفتح الباب للإصابة بالاكتئاب. ولكن كيف يمكن التعرف عليه؟ وما العلامات التي تعكس هذا المرض؟ وما هو الحد الذي ينبغي التدخل عنده في أقرب وقت ممكن. الاكتئاب : إشارات الإنذار والتدخل المبكر: من المهم التعرف علي علامات الاكتئاب في وقت مبكر جدا. لأنه كلما كان التعامل مع هذا المرض في وقت مبكر، سيكون من السهل الشفاء منه . ولكن كيف نتعرف على أعراض هذا المرض الذي يصيب الحالة المزاجية والنفسية ؟ وما هي الاضطرابات المصاحبة التي قد تظهر مشكلة الاكتئاب؟ الصلة الوثيقة بين الاكتئاب والنوم الاكتئاب والنوم تربطهما صلة وثيقة جداً. فمشاكل النوم والاستيقاظ في الليل كثيرا ما تكون من بين الأعراض المصاحبة لنوبات الاكتئاب. لأن المخاوف تعيق النوم. عليك باكتشاف العلاقة بين الأفكار السوداء والليالي المؤرقة. هل تعانين من اضطرابات النوم؟ هل أصابك التعب؟ ماذا لوكان هذا هوالاكتئاب؟ النوم أول ضحية للاكتئاب النوم والصحة العقلية تربطهما صلة وثيقه. فبمجرد حدوث مشكلة نفسية، يكون هناك اضطراباً في النوم . وهذا الأمر ينطبق بصفة خاصة علي الاكتئاب. فعادة ما يتلازم الاكتئاب باليقظة المبكرة: الشخص المصاب بالمرض يستيقظ في وقت مبكر جداً، أحيانا من الساعة الثالثة فجراً! ويتقلب كثيراً في فراشه مستعرضا الأفكارالسوداء، وأخيراً يستطيع النوم ... عندما يحين الوقت للأستيقاظ! من الضروري تحديد هذه المشكلة باعتبارها من أعراض الاكتئاب. لأن العديد من الأشخاص يتعاملون مع هذا الأمر بوصفه اضطرابا في النوم، ويعمدون إلي تناول الحبوب المنومة، دون معالجة السبب الحقيقي، ألا وهو الاكتئاب. ومع ذلك، إذا ما تم تحديد الاكتئاب مبكرا وإيلاءه عناية كبيرة، فسوف يمكن علاج النتائج المترتبة على الأرق كما يمكن أن ينظر إليه على أنه علاجا مكملاً. الشعوربالتعب من أعراض الاكتئاب من ضمن الأعراض الأخري المعروفة للاكتئاب هو الشعور بالتعب . وليس التعب الجسماني فحسب (كنقص الطاقة، والنعاس...) بل والتعب النفسي أيضاً: عدم وجود الطاقة، وفقدان الحافز على العمل، بل أيضا في أوقات الفراغ... كما أن هناك علاقة بين الاكتئاب ومرض آلام الألياف العضلية الfibromyalgie.... وهو المرض الذي يؤدي الى شدة التعب، واضطرابات النوم والألم. بعض الخبراء أيضاً يشيرون إلى أن هذا الهجوم قد يكون في الواقع نوعاً من الاكتئاب. الاكتئاب الموسمي والعلاج الضوئي قد يصاب بعض الناس بحالات اكتئاب موسمية تقترن بقدوم بعض الفصول الغير محببة إلي نفوسهن فيشعر البعض بأنقباض أو خو ف عند اقتراب موسم الخريف علي سبيل المثال ويشعر ان هذا الموسم يرتبط بالشيخوخة واقتراب النهاية والبعض لايحب فصل الشتاء فتعتريه موجة من الحزن . من المعروف تأثيرالأكتئاب الموسمي على النوم إذ يصاحبه شعوراً بالتعب في الصباح، حتى بعد مرور 12 ساعة من الراحة! ويأتي الحل عن طريق الخضوع لدورات علاج ضوئية، وبالتحديد خلال فترة الصباح للحصول علي طاقة ضوئية كاملة. مع ملاحظة أننا نتحدث بشكل متزايد عن أوقات الأسيقاظ المعروفة .. ساعة "ضوء الفجر" التي من شأنها فقط أن تسمح باليقظة الطبيعية والتعرض لضوء طبيعي مكثف بدءا من وقت اليقظة. لكن لم تؤكد أي دراسة جادة فوائد التعرض للضوء لعلاج الأكتئاب الشتوي . مضادات الاكتئاب والنوم انتبهي، عند التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بعد التعرض لموجة اكتئاب في بعض الحالات، يمكن أن تحدث اضطرابات في النوم. يجب أن يتم وقف العلاج بشكل تدريجي. عليك بطلب المشورة من طبيبك ليرشدك عن كيفية التعامل مع هذه الاضطرابات. لكي تستعيدي نوما هادئا وابتسامتك ايضاً.! شخص واحد من بين 13 يعاني من الصداع في الصباح لدي الأستيقاظ . وكانت اضطرابات النوم هي السبب الرئيسي حتى الآن، إلا أن دراسة أوروبية جديدة اكتشفت أن هذه الآلام تعد مؤشرا جيداً للاكتئاب. فما يكاد المرء يستيقظ في الصباح حتي تستولي عليه آلاما في الرأس... لست وحدك، فالصداع الصباحي هو الضيف الثقيل الذي يفاجيء عدد كبير جداً من الأوروبيين. اضطرابات النوم وصداع الصباح عادة ما يصاحب الصداع الصباحي اضطرابات النوم : انقطاع النفس يعرقل النوم، صوت الشخير، صك الأسنان أو في بعض الأحيان تزامن أمراض عصبية في الساقين (التهيج وألم الأعضاء). ولكن في الآونة الأخيرة استطاعت دراسة وبائية أن تحدد العوامل الجديدة المتسببة ... قامت دراسة استقصائية أوروبية واسعة النطاق بسؤال 18980 أوروبي من الذين تزيد أعمارهم على 15 عاما مما يشكل عينة تمثيلية من خمس دول (بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، البرتغال واسبانيا) عن مشكلة الصداع المزمن. وقام الدكتور موريس اوهايون رئيس لجنة البحوث الوبائية المتعلقة بالنوم في مدرسة الطب في جامعة ستانفورد (كاليفورنيا)، قام بتقييم مستوي الصداع الصباحي لكل المشاركين وكذلك الاضطرابات السريرية، استهلاك العقاقير ذات التأثير العقلي، اضطرابات النوم والاضطرابات النفسية. ووفقا للدراسة، فإن نسبة الأشخاص الذين يعانون من الصداع الصباحي المزمن وصلت يوميا إلي 7.6% (1.3% يوميا ، 4.4% في كثير من الأحيان و 1.9% في بعض الأحيان). المرأة هي الضحية الأولى (8.4% مقابل 6.7% للرجال) والفئة العمرية 45-64 سنة هي الأكثر تأثرا (9%). الصداع والاكتئاب والقلق من أكثر العوامل المرتبطة بالصداع الصباحي المزمن هو القلق الأكتئابي (28.5%)، والاكتئاب الشديد (21.3%) علي الرغم من أن هذا الأرتباط لا يزال من الصعب تفسيره، ويعتبرالدارسين أن وجود أحد هذين العاملين يمكن أن يشجع كلا منهما الآخر. لكن في الوقت الحاضر، فإنه من المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الآلام الصباحية تعتبر مظهراً من مظاهر الاكتئاب أو إذا كانت من ضمن الأسباب المؤدية إليه. يرتبط هذا الصداع المزمن كذلك بتوقف التنفس أثناء النوم (15.2%)، وارتفاع ضغط الدم (11%)، والاضطرابات العضلية الهيكلية (14.1%)، واستخدام العقاقير المضادة للقلق (20.1%) أو الافراط في شرب الخمر (12.6%). ويستخلص الدكتور اوهايون حديثه: "يعد الصداع الصباحي المزمن من المؤشرات الرئيسية الجيدة للأرق ونوبات الاكتئاب. وخلافاً لما كان عليه في السابق، فهي ليست محددة لتوقف التنفس أثناء النوم". هذه الاضطرابات في الصباح تحدث على الأرجح نتيجة لتفاعل عوامل عديدة. وتحديدها في المستقبل قد يساعد المتخصصين العاملين في مجال الصحة علي إدراجها في الفحص السريري. آليات بين الصداع النصفي والاكتئاب؟ كشفت دراسة سابقة عن وجود نزعة للشقيقة (الصداع النصفي) لدى المرضى الذين يعانون من الاكتئاب والميل إلى الاكتئاب الشديد لدي المصابين بالصداع النصفي. لكن لا يزال التفسيريحتاج إلي ان يحدد... وثمة صلة متطورة بين الكيمياء الحيوية والقلق وألم الصداع النصفي، تعتبر مواضيع الاكتئاب والصداع النصفي شديدة الحساسية من قبل مستقبلات السيروتونين، والموصلات العصبية مسؤولة عن القلق والاكتئاب، وبكل تأكيد أيضا عن حدوث آلام الصداع النصفي بشكل أكثر سؤاً. مع ذلك، هذا الافتراض يحتاج إلي مزيد من الدراسات لتؤكده. من جهة، فالاكتئاب يعد من العوامل المعروفة التي تسبب ألم الصداع النصفي. ومن جهة اخري، فالإعاقة الناجمة عن الصداع النصفي قد تشجع على حدوث الاكتئاب. لوضع حد لهذه الحلقة المفرغة، فإن الخطوة الأولى هي التشاور. إذا كنت تعانين من أية آلام مستمرة أو نوبات الصداع، عليك بالتحدث إلى طبيبك. وتوجد علاجات فعالة لمعالجة هذين المرضين. علاج الاكتئاب أولا : التحليل النفسي والعلاج في نهاية القرن التاسع عشر، توصل طبيب الأعصاب الفييني (نسبة إلي فيينا) فرويد إلي اكتشاف كبير من خلال الاستماع إلي الأمور التي يفضي بها مرضاه إليه. وفهم الدورالمحدد الذي يوجد لدينا في اللاوعي والصراعات التي تدور في داخله (اللاوعي) منذ طفولتنا وحتي مستقبلنا الحاضر، وأيضاً في تشكيل مختلف أعراض الأمراض النفسية. هذا الاكتشاف مكنه من تطوير طريقة الفحص وحسم هذه الصراعات بوجه خاص. العلاج بالتحليل النفسي: هذه الطريقة في حل الصراعات والمقاومة النفسية، ترتكز علي حرية التعبير المطلقة. كيف يمكن العلاج بالتحليل النفسي؟ يرتكز العلاج عن طريق التحليل النفسي علي وضع المريض في حالة من الاسترخاء، التمدد، بعيدا عن أنظار المعالج الذي يجلس علي مسافة منه حتى لا يؤدي إلى اضطراب حرية المريض في التعبير. تتكررجلسات العلاج بصورة منتظمة، عدة مرات في الأسبوع 3 أو 4 مرات بوجه عام... وهذه المسافات الدورية أساسية . المريض يتحدث، وهو مدعولأن يقول كل شيء يجول بخاطره. ولكن هذا الأمر ليس بسيطاً كما يبدو: فهناك مقاومة نفسية تتعارض مع حرية الفكر بسبب تضارب الأفكار. تعتمد الطريقة إذا علي الحد من المقاومة لتحقيق حرية التعبير كليا. لذلك، يقوم المعالج بتقديم تفسيرات لما يقال، وتوجيه مسار الأفكار، دون أن يعطي المشورة أو أوامر خاصة. علي الطبيب المعالج أن يبقى محايدا ولكن برفق. ويركزالمعالج علي العلاقة التي تنشأ بينه وبين المريض، والتي أكد فرويد أنها تستنسخ أنماط العلاقة التي شهدها المريض مع والديه في طفولته. من يستطيع متابعة علاج التحليل النفسي؟ لا يستطيع أي شخص أن يقوم بإجراء هذا النوع من التحليل. فهو يحتاج لبعض الصفات التي ينبغي أن يهتم بها المعالج بعناية قبل بداية العلاج، مرونة الأداء الذهني، القدرة على التأمل في المحتوى اللفظي والعقلي. قبل كل شيء، يجب أن يكون المريض على اقتناع بأن متاعبه متأصلة بداخله، وليس من خارجه. قد يكون التحليل مجرد فرصة للاستكشاف والتطويرالشخصي. في أغلب الأحيان، يمكن للاضطرابات النفسية أن تكون ذات دلالة في التحليل النفسي ويوجه التحليل في المقام الأول إلي الاضطرابات العصبية والاضطرابات النفسية الكبري التي توجد لدي كثير من الناس. هذه الاضطرابات تنشأ بسبب المخاوف، الميول الاكتئابية واختلال الوظائف الجنسية، وغير ذلك. هل هناك علاج للأكتئاب الاكتئاب مرض يمكن علاجه والشفاء منه. لعلاجه، يلزم بالضرورة تناول الأدوية (مضادات الاكتئاب). هذه الأدوية تكون أكثر فاعلية إلى جانب متابعة العلاج النفسي. العديد من الناس يعتقدون خطأ أنه لابد من الاختيار بين العلاج النفسي والأدوية. ليس هذا صحيحاً بل على العكس تماما، إنهما علاجين مكملين، والأدوية والعلاج النفسي يتوحدان ضد الاكتئاب. يحتاج علاج الاكتئاب إلى وقت. ويرى الخبراء أنه ينبغي أن يستغرق ستة أشهر على الأقل. وأقل من هذه الفترة، هناك خطرالتعرض للانتكاسة. إذا كنت قد تعرضت للاكتئاب مرة واحدة في حياتك، وليست لديك الرغبة في تكرار العلاج فأعلمي أنه لا بد من متابعة العلاج بصورة منتظمة للشفاء. وهذا هو مفتاح النجاح، ولكن من المعروف أن مريض واحد من كل ثلاثة لا يتابع علاجه. ضمان التقيد بالعلاج هل بسبب عدم وجود معلومات؟ ربما، يجب عليك أن تطرحي علي طبيبك جميع الأسئلة التي تهمك، و يجب عليه أن يجيب. إذا لم تفهمي ما قاله (كما يحدث في أغلب الحالات)، لا تترددي في إعادة طرح الأسئلة نفسها، وعليك أن تعرفيه أنك لا تفهمي. إذا كان الطبيب، بدوره لا يمكنه الرد على أسئلتك، يجب أن يقول لك ذلك، لأنه في الطب هناك أشياء عديدة نجهلها. وغالبا ما يشعر مريض الأكتئاب بالذنب، لأنه يفتقر إلى الإرادة، وهو يفتقد أيضا إلي الرغبة في أي شيء. وهذا الأفتقاد في الرغبة يعد جزءاً من مرض الاكتئاب. والسبب على وجه التحديد لأنك ببساطة مكتئبة، وسوف تستعيدين رغبتك عندما تتحسن حالتك. علاج فعال مع العلاج سوف تشعرين بتحسن سريع، وعادة في غضون أسبوعين من أخذ العلاج المضاد للاكتئاب. وبعد شهرين سوف تصبحين كما كنت قبل المرض. لكن يجب مواصلة العلاج حتى إذا كنت علي ما يرام لعدة أشهر أو عدة سنوات. ونادرا جدا ما يفشل العلاج. أحيانا لا بد من تجربة العديد من مضادات الاكتئاب للعثور العلاج الملائم. وللأشخاص المحيطين دورا مكملا لا غنى عنه لنجاح العلاج : لا تترددي في طلب الدعم من عائلتك، أصدقائك وزوجك، والتحاور معهم حول المرض. ومن المفيد أن يعرف طبيبك عائلتك وأن يتحاوار معهم ويمدهم بالمعلومات اللازمة. في معظم الأوقات مرضى الاكتئاب لا يتلقون العلاج فى المستشفيات. ومع ذلك فإنه ضروري جدا في بعض الأحيان عندما يكون الاكتئاب شديدا للغاية أو حين تكون العلاقات مع الأقرباء سيئة أو عندما تزداد خطورة الإقدام علي الأنتحار. يعتبر الممارسين العامين في مقدمة التعامل مع مرضي الاكتئاب حيث يقومون بإجراء نحو 73% من التشخيصات. ولكنهم يواجهون اختلافات في الرأي، حيث ترتفع أصوات توجه لهم اللوم علي التدخل العلاجي المبكر والعلاج، وبالتالي عدم إتاحة الوقت للمرضى للخروج من المرض من تلقاء أنفسهم والنجاح في التغلب على هذه المشكلة. في المقابل، يشكو البعض الآخر من تأخرالعلاج حيث يترك الشخص المصاب بالاكتئاب يناضال وحده ويعيش معاناة حقيقية ضارة. يبدو أن هذا الأختلاف الدائم يتجاهل أن نصف حالات الأكتئاب لايتم علاجها، بينما بلغ الذين يوقفون علاجهم عدداً غير قليل . اعتلال الحالة المزاجية وتشخيص الاكتئاب يشدد البروفيسورموريس فيريري على ضرورة التمييز بين الاكتئاب والكآبة، فالكآبة حالة عابرة يمكن الخروج منها بسهولة. أما في حالة الاكتئاب المرضي، فهناك بعض الدلائل التي لا تكذب: • عندما يكون الحزن مرضياً . • عندما يري المريض أن كل شيء يبدو ثابتا . • هناك عدم اهتمام بأي شيء. • عندما يكون هناك افتقادا لأي متعة . • عندما نعتبر فكرة الانتحار هي الحل الأمثل (لأي شيء ولماذا العيش؟). عندما تكون هذه الأعراض موجودة علي مدي أسبوعين دون ملاحظة أي توقف، هنا إذا يمكن أن نتحدث عن الاكتئاب. الطبيب والمريض معاً لمواجهة الاكتئاب علي سبيل المثال، يصل خطر السقوط في حالات الاكتئاب لدي الفرنسيين من وقت أو آخر طوال حياتهم إلي نسبة 17% . والانتكاسات متكررة. لذلك، من المهم أن ينجح الطبيب في إقامة علاقة من الثقة لتمكينه من الأستماع جيداً لشكاوى المرضي الغير محسوسة. النظرات، الصمت، التنهد... كلها يمكن أن تكون علامات ذات مغزى كبير. فعلي الطبيب أيضاً إجراء تقييم دقيق للمسائل الأسرية والمهنية والاجتماعية المحيطة بمريض الاكتئاب لتحديد عوامل الخطر. يعد "التحالف العلاجي" جزءاً أساسيا من تشخيص وعلاج نوبات الاكتئاب. ويقول الدكتور فيليب نوس: "إن التشخيص هو التحالف مع المريض وليس مجرد وصف مضادات الاكتئاب فحسب ". الاكتئاب : الخروج من الدوامة الجهنمية: الاكتئاب يمكن أن يعالج بصورة فعالة. هناك الكثير من العلاجات يمكن الآن أن توصف للمريض. ولكن أهم خطوة تتعلق بالمريض نفسه، عليك باتخاذ الخطوة الأولى، فبالرعاية الطبية سوف تتغلبين على هذا المرض. ويتضمن العلاج مختلف البدائل في كل حالة : العلاج النفسي، ومضادات الاكتئاب والعلاج بالصدمات الكهربائية. من ضمن العلاجات المتاحة، هناك العلاج النفسي، ومضادات الاكتئاب والعلاج بواسطة الصدمات الكهربائية. الآن هذه العلاجات تتيح الحصول على نتائج جيدة، وهي تستخدم منفردة أو مجتمعة على أساس عدة عوامل مثل حجم ونوع الاكتئاب وكذلك مستوي الآثار الجانبية. في جميع الحالات، طبيبك هو أفضل شخص يمكنه وصف العلاج الأنسب لك. في معظم الأحيان، يتم الجمع بين مضادات الاكتئاب والعلاج النفسي للسيطرة سريعا على المرض. الأكتئاب: العلاج النفسي: يعتبرالعلاج النفسي فعالاً لدي الأشخاص المصابون بنوبات اكتئاب خفيفة. هذه العلاجات تسمح للمريض بتذكر بعض المشاهد العاطفية، العلاقات الشخصية التي أدت إلى موجة الاكتئاب. الأهتمام بالمحيط الأسري من قبل الطبيب المعالج حيث يمكن أن يتيح لجميع الأقارب حضورجلسات العلاج النفسي. وتبين دراسات حديثة أن التقارب الأجتماعي- النفسي يعتبر فعالا مثل العلاج بواسطة مضادات الاكتئاب لعلاج حالات الاكتئاب الخفيف. غير أن الدكتور بيغو بخدمات الطب النفسي بمستشفى كوشين يؤكد على أن العلاج لابد أن يجمع دائما بين الأدوية والعلاج النفسي. وفي أغلب الأحوال يحتاج إلي العلاج النفسي. بالنسبة لسائر العلاجات النفسية (التحليلية والسلوكية، وما إلى ذلك)، لا يمكن وصفها منفردة في حالات الاكتئاب الخفيفة مع المريض الذي يحتفظ بقدرته على التفكير. في حالات الاكتئاب الأكثر شدة، يصبح من المستحيل استخدام العلاج النفسي، والعلاج الطبي لازم". مضادات الاكتئاب ويقول الدكتور بيغو: "هناك أنواع مختلفة من العقاقير المضادة للاكتئاب، ولكن كل هذه العقاقير مخصصة لتصحيح الاختلالات البيوكيميائية لدي المرضي. وبالتالي، فإنها تميل إلى زيادة تدفق مقاديرالإرسال العصبي إلي المخ". مختلف أنواع مضادات الاكتئاب ذات دورات ثلاثية، من مثبطات متخصصة لكبح السيروتونين (ISRS)، ومثبطات للمونوآمين أوكسيديز (IMAO)، وأنواع جديدة من العقاقير المضادة للاكتئاب. وعادة تستغرق مضادات الاكتئاب حوالي عشرة أيام ليظهر تأثيرها، وفي حالة عدم ملاحظة أية فاعلية للعلاج، يمكن للطبيب النفسي أن يزيد الجرعة أو يغيير العلاج في حالة عدم وجود فاعلية بعد ستة أسابيع. ويستغرق العلاج نحو أربعة أشهر بالجرعة الكاملة، والتي ينبغي أن يضاف إليها شهرين مع مراعاة خفض الجرعات تدريجيا قبل وقف العلاج نهائيا". ويمكن أيضا استخدام الليثيوم نظراًُ لتأثيره المنظم لأضطرابات الاكتئاب الهوسي حيث يظل النشاط البيولوجي من الصعب تحديده. كل هذه الأدوية تحتوي علي آثار جانبية، لذلك لا بد من إبداء مظاهرهذه الآثار علي طبيبك. الذي قد يغير جرعة الدواء أو إذا كان العلاج مؤلماً للغاية. العلاج بالصدمات الكهربائية هذا النوع من العلاج قد تطورعلى الرغم من أن الحديث عنه مثير للقلق. العلاج بالصدمات الكهربائية ليس مؤلماً، ويحقق معدلات نجاح في غاية الأهمية. فالعلاج بالصدمات الكهربائية يستخدم بشكل رئيسي لحالات الاكتئاب الشديد جداً، والتي تصل إلي حد الهذيان وكذلك في حالات الحظر من تناول مضادات الاكتئاب. ووفقاً للدكتور بيغو: هذا العلاج فعال جداً لهذا النوع من الاكتئاب، بخاصة لدي المسنين، نظراً لكثرة المحاذير ضد مضادات الاكتئاب، وفاعليته أسرع بكثير من العقاقير. ويعتبرآمناً، إلا أنه يحتوي علي بعض الآثار الجانبية مثل النسيان الطفيف أو الألتباس، والتي تختلف من شخص لآخر. حالما يقرر طبيبك العلاج الأمثل، يجب تجنب خطر الانتكاس. وفي الوقت الراهن، ما يقرب من 90% من حالات الاكتئاب يمكن علاجها. وكلما تم تقديم الدعم في وقت مبكر، كلما يكون العلاج أكثر فاعلية. إذا لا تترددي، فليست هناك حاجة إلى المعاناة في صمت. قد يستغرق العلاج بعض الوقت . إلا أنه الطريق الموصل إلي الحرية والتفتح النفسي، ويؤدى إلي المزيد من الإبداع، العلاقات الأجتماعية المتوازنة والمتناغمة. سوف تختفي الأعراض المرضية لتبقي بعض الصراعات في اللاوعي والتي سوف تجد طريقها للأختفاء بعد فترة من العلاج.