بإلغائها لحلقة من برنامج حوار تضع الأولى نفسها أمام إشكال قانوني في عيون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. إلغاء الحلقة بالنسبة للأولى يعني إخلالها ببند من بنود دفتر تحملاتها وتكون بذك قد خرقت القانون المنظم لتعاقدها، سواء مع الجمهور أو مع الهاكا، وبالتالي فإنها تستحق إنذارا ستحسم فيه الهيئة في الأيام القادمة بعد تدارسها للموضوع الذي سيفضي لا محالة إلى إصدار قرار ينذر الأولى بعد الخطأ المهني الذي وقعت فيه. فبغض النظر عن الضرر المعنوي الذي تعرض له المشاهد المغربي، فإن ما قامت به القناة يعتبر خرقا لبند من بنود دفتر التحملات الذي صادقت عليه داخل مكاتب الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. هذا الدفتر الذي ينص في بند من بنوده على أن القناة لا يمكن لها حذف برنامج من شبكتها دون أن تخبر الجمهور بذلك. كما يمنع عليها القيام بأي تعديل في البرمجة دون إخبار سابق للجمهور، ويمكن لها أن لا تتقيد بهذا الإخبار في الحالات القاهرة أو في الحالات التي يقع فيها طارئ تقني يستعصي بموجبه على القناة أن تفي بالتزامها مع المشاهد. وهو الشيء الذي لم تفعله القناة ولم تمتلك من فضيلة الاعتذار ما يجعلها تتنازل ولو مرة وتقبل على نفسها التوجه ببلاغ للمتلقي المغربي بعدم بثها لبرنامج حوار. مسألة إنذار الأولى ليس بعصي على الهاكا مادام أن دركي السمعي البصري كان فعل نفس الشيء مع القناة الثانية حين وجه لها إنذارا قبل سنوات بعد أن قامت قناة عين السبع بإلغاء حلقة من برنامج مباشرة معكم من دون أن تخبر الجمهور بذلك. فهل سيسري على الأولى ما سرى على الثانية؟ وتكون بذلك الهاكا وقعت على ثاني سابقة لها في علاقتها بالأولى بعد حادث عدم التحكم في البث والمائتين وخمسين ألف درهم غرامة التي تسبب فيها المعلق الرياضي عزيز ريباك. من ناحية أخرى وارتباطا بموضوع مقاطعة الأحزاب لبرنامج حوار من عدمه. فإن الصائب في الظرفية الحالية و المنطق السليم يقول بأن برنامج حوار يجب أن يقاطع نفسه. لماذا؟ لأن هذا البرنامج ونظرا لطبيعته وفلسفته التي تعتمد استضافة مسؤول حزبي، فإن هذا الأمر لم يعد ممكنا على اعتبار أن المغرب مقبل قريبا على تنظيم انتخابات تشريعية. ومن هنا ومادام أن حوار يخصص حصته الزمنية في التلفزيون لمسؤول حزبي، فإن الوقت ليس في صالحه لكي يقوم باستضافة أربع وثلاثين مسؤولا حزبيا يمثلون المشهد الحزبي الوطني في ظرف شهرين تقريبا. و إلا سيجبر مصطفى العلوي على الحضور إلى فندق حسان يوميا لكي يتمكن من دمقرطة برنامجه ومنح الفرصة للظهور لكل الأطياف السياسية. وهو أمر مستحيل. كما أن الظرفية الحالية تستدعي انتفاء مثل هذه النوعية من البرامج الحساسة، وفسح المجال لبرامج النقاش الذي يفتح المجال أمام كل الهيئات السياسية لكي تقول ما تريد أن يسمعه المشاهد الذي سيتحول إلى ناخب يوم الجمعة خامس وعشرين نونبر القادم. من هنا يطرح السؤال. هل سيستمر «حوار» في محاورة الزعماء السياسيين؟ أم أنه سيحجب نفسه حتى يبتعد من أي بوليميك قد يخلقها في صفوف الأحزاب وزعمائها التي لن تدخر جهدا في ترصد كل تقصير من قنوات المغرب العمومية قد يكون له تأثير على نتائج الاقتراع الهام والمصيري المقبل؟ سنجلس وننتظر لنرى ما ستتفتق به عبقرية منظري التلفزيون المسكين في مغرب ما بعد دستور الفاتح من يوليوز.