نفى أحمد الغزالي رئيس الهيئة العليا للسمعي البصري ما تداولته بعض الصحف الوطنية حول «وجود عبارات وبنود عنصرية يحتوي عليها دفتر تحملات القناة الأمازيغية»، وقال في حوار ل«المساء»: «أنا هو الناطق الرسمي والوحيد باسم الهيئة العليا للسمعي البصري أو من أنتدبه رسميا للقيام بهذه المهمة»، ونفى الغزالي أيضا أن تكون «الهاكا» تعرضت لأي ضغط من أي جهة أثناء فترة دراستها لدفتر تحملات القناة الأمازيغية الذي أعدته الحكومة، وعلق على هذه النقطة قائلا: «الهيئة، كسلطة إدارية مستقلة، وباعتبارها حكما ومقننا، يجب أن تحَصن نفسها من المعادلات والحسابات والمصالح السياسية». - صادقت الهيئة العليا للسمعي البصري مؤخرا على دفتري تحملات كل من «القناة الأمازيغية» و«قناة أفلام»، لماذا كل هذا التأخير؟ < نعم صادقت ا(الهاكا) على دفتري تحملات كل من «القناة الأمازيغية» و«قناة أفلام»، الذي تم منذ بضعة أيام فقط (29 فبراير). لا نعتبر أن هناك تأخرا في اتخاذ هذا القرار بالنظر إلى المسار الذي قطعه هذا الملف منذ أن أحالت الحكومة السابقة على الهيئة العليا دفتري تحملات القناتين للمصادقة في 24 شتنبر 2007، حيث اشتغلنا تطبيقا للضوابط القانونية المتحكمة في هذا الموضوع، واعتبارا كذلك للسلطات المخولة للهيئة العليا في هذا الباب، فوضعنا داخليا ملاحظاتنا واقتراحاتنا، ولكن لاعتبارات الأجندة السياسية وقدوم الحكومة الجديدة كان لزاما أن تعود هذه الأخيرة إلى الهيئة لطلب المصادقة من جديد، وهذا ما تم بالفعل في 15 يناير 2008. مباشرة بعد ذلك تمت مناقشة أولية في اجتماع حضره ممثلوا المؤسسات المعنية بمسلسل المصادقة وهي: وزارة الاتصال و«الهاكا» والمتعهد العمومي، قدمت فيها الهيئة ملاحظاتها واقتراحاتها على الدفترين، دائما على أساس كون اشتغالنا داخل الهيئة، لا يقوم فقط، كما يصرح البعض، على «أننا غرفة تسجيل». نحن لسنا فقط «غرفة تسجيل»، ولكن على العكس من ذلك تماما، لقد طلب منا التدخل لممارسة سلطاتنا في هذا الباب، وأدلينا بدلونا في الملفين المعروضين علينا، وحاولنا أن نأتي بقيمة مضافة من موقعنا كهيئة إدارية مستقلة تعنى بتدبير وضبط هذا المجال، على أساس الاستباقية والتعاقدية القانونية، التي اشتغلنا بها دائما. سهرنا طيلة هذه المدة على أن تجتمع لجينة تقنية مكونة من ممثلين عن وزارة الاتصال، وكذلك المتعهد المعني بالأمر المتمثل في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالإضافة إلى أعضاء الهيئة، وطرحنا في إطار هذه اللجنة، بنوع من الشفافية والمسؤولية والوضوح، اقتراحاتنا وملاحظاتنا، واستطعنا في النهاية أن نغني دفتري تحملات القناتين لتقديم خدمة إعلامية جديدة. هذه اللجينة قامت بعملها، وبطبيعة الحال في هذا النوع من العمل قد تكون هناك معطيات أو قضايا تستوجب تدخل المسؤولين المباشرين المعنيين للحسم نهائيا في بعض الخلافات الجزئية، وهذا ما تم بالفعل في 19 فبراير 2008، حيث كان هناك اجتماع ثان ثلاثي جمع وزير الاتصال والرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ورئيس الهيئة في هذه القضايا وهو ما تم بالفعل. - دفتر تحملات «القناة الأمازيغية»، عكس كل الملفات التي تناولتها الهيئة في السابق، حصل على نصيب الأسد من الجدل السياسي. هل كان الهاجس السياسي حاضرا لدى مسؤولي الهيئة في التعاطي مع هذا الملف، خصوصا أنه كان يتسرب باستمرار من داخل الهيئة أن هناك جهات معينة تريد استغلال الملف سياسيا؟ < هذا السؤال حقيقة يعطي الفرصة لرئيس الهيئة العليا للسمعي البصري لكي يوضح بعض الأشياء في هذا الباب، وسأبدأ بملاحظة جوهرية أساسية تتعلق بممارسة الهيئة لمهامها، سواء في هذا الملف أو في ملفات أخرى: منذ البداية والهيئة تعمل على توضيح موقعها في الساحة الإعلامية السمعية البصرية الوطنية وعلاقة هذا الفضاء بمحيطه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وذلك أننا كنا نسعى دائما لكي لا ننجر في عملنا، كمقننين مسؤولين على التطبيق السليم للقانون بمعناه الواسع، وراء النقاشات، المشروعة، التي تنشط المجال السياسي، على اعتبار أن الهيئة يجب أن تحصن نفسها من هذا الجدل السياسي الذي يمكن أن يؤثر على قراراتها، باعتبارها مقننا المفروض فيه أن يكون خارج المعادلات والحسابات السياسية. هذا موقف مبدئي نعمل دائما على وضعه نصب أعيننا حين نشتغل. بالطبع إن النقاشات المشحونة بالقضايا والمصالح السياسية تطرح داخل الهيئة العليا وداخل المجلس، ونحن نقول دائما وقلناها أثناء دراستنا لدفتر تحملات القناة الأمازيغية: نحن لا نتكلم باسم أحد ولسنا رافعة أو آلية أو قنطرة لمصالح أي شخص. كما لا يمكن أن نستغل سياسيا، في علاقة بهذا الموضوع، من طرف أي جهة. مهمتنا نحن هي أن نطلع على دفاتر التحملات المعروضة علينا، وأن نساعد الحكومة من موقعنا كحكم خارج المعادلة السياسية، بإغناء هذه الملفات بمقتضيات قد تمكن المتعهدين من تقديم خدمة سمعية بصرية تلبي حاجيات الجمهور، وتمكن الهيئة من الاطلاع بمهامها بواسطة آليات مضبوطة ومحكمة مسبقا. - سأعود هنا إلى أمر مهم وخطير، وهو منطق تسريب المعلومات من داخل «الهاكا» إلى الصحفيين. أنتم أعطيتم 9 حوارات صحفية فقط منذ بداية اشتغالكم داخل الهيئة، وكل الأخبار التي تم تداولها حول «القناة الأمازيغية» فيما بعد كانت من «مصادر مطلعة داخل الهيئة»، ووصل الأمر في إحدى المرات إلى حدود كتابة أن «دفتر تحملات القناة الأمازيغية يحتوي على بنود عنصرية في حق الأمازيغ» وأنتم لم تردوا على ذلك ولو بتصريح واحد؟ < أشكرك على هذا السؤال لأنه سيمكنني من التوضيح للرأي العام الوطني شيئا مهما هو: أن الناطق الرسمي والوحيد باسم الهيئة العليا للسمعي البصري هو رئيسها أو من ينتدبه الرئيس رسميا للقيام بهذه المهمة. من جهة أخرى نحن نعلم أننا نشتغل في مجال الإعلام بصفة عامة، والإعلام السمعي البصري بصفة خاصة، وبأن هذا المجال هو من الأهمية بمكان ليجلب إليه من طرف الصحافة المكتوبة، وهذا أمر طبيعي، ونعلم كذلك الطرق والتقنيات المستعملة في الحصول على الأخبار والتي قد تضع سؤال المهنية على المحك. هنا أقول إنه لا يمكن أن نسائل الهيئة على مواقف وتصريحات إن لم تصدر بكيفية رسمية من طرف رئيسها أو المنتدب لهذه المهمة. وعلى هذا الأساس أؤكد بكل صراحة وكل صرامة أنه لا أساس من الصحة لهذه الأقوال لأننا لسنا هنا لنصدر أحكام قيمة على محتويات دفاتر التحملات المعروضة علينا. من جهة أخرى أتساءل كيف يمكن أن يتبادر إلى ذهن صحفي مهني أن الحكومة المغربية الرسمية قد تسمح لنفسها بأن تدرج في وثيقة من هذا النوع محتويات عنصرية. هل هذا معقول؟ وأؤكد لك مرة أخرى أن هذا الكلام غير صحيح ويمكن للجميع أن يتأكد من ذلك في دفتر تحملات القناة الذي سينشر على موقع الهيئة على الإنترنت يوم الأربعاء المقبل. - لكن في مقابل ما أدليتم به نجد مثلا أن هناك مسؤولين من داخل الهيئة يتدخلون في حل مشاكل إعلامية بصفاتهم الرسمية، ماذا تقولون في هذا الصدد؟ < هذه مسألة مهمة ينبغي أن توضح للرأي العام. وأعود إلى مفهوم سرية معالجة الملفات داخل «الهاكا»، وفي هذا المستوى منطق اشتغالنا هو الآتي: نحن نعتبر أنفسنا مؤتمنين على مصالح جوهرية للمتعهدين وفاعلين آخرين، وبالتالي فهذه مصالح الناس، فيها الشخصي، والهوياتي، والسياسي والاقتصادي، ويجب أن نستوعب جميعا بدءا برئيس الهيئة، وأعضاء المجلس، وكذلك كل الأطر والمسؤولين عن الأجهزة التقنية والإدارية أن علينا مسؤولية الحفاظ على السر المهني و«واجب التحفظ». العراك مع الواقع اليومي داخل مجتمع في تطور دائم نحو ديمقراطية حقيقية، يجعل من الواجب علينا جميعا أن نعي إلزامية الحفاظ على السر المهني، أو كما أسميه أنا «الفرز بين السجلات» وأقصد به الفصل بين المصالح الشخصية خارج الهيئة وبين العمل المهني داخلها. الأكيد أن هناك نوعا من الثغرات في الالتزام بهذا المبدأ لكن هذه الثغرات لا تشمل فقط الهيئة لكونها جزء من محيط عام.