كانت المعاملات تجري على قدم وساق بالوكالة البنكية التابعة للبنك الشعبي بشارع علال الفاسي بمراكش، بالنظر إلى حالة الإقبال الشديد من طرف الزبناء والمواطنين، على اعتبار أنه اليوم الأخير قبل عطلة نهاية الاسبوع، حين بدأت بعض الموظفات يتساقطن كأوراق الخريف، وهم في حالة إغماء شديد. خرت الموظفة الأولى ساقطة على الأرض، أمام اندهاش الجميع، لتعقبها زميلة لها كانت تجلس بجوارها، ما جعل الأسئلة تتناسل عن أسباب هذه المشاهد، حين فوجىء الجميع بسقوط زبون آخر، لتنطلق داخل الوكالة حالة خوف وتشنج، ويسارع الزبناء والمواطنون في مغادرة الفضاء، قبل أن تنتقل إليهم العدوى. لم يطل الأمر كثيرا، حين انتبه الموظفون للأسباب الحقيقية الكامنة خلف انهيار الأجساد البشرية، خصوصا بعد أن عمت المكان روائح غاز قوية، تكاد تزكم الأنوف من فرط قوتها وشدة انبعاثها، ومن ثمة الإسراع في ربط الاتصال بمصالح الوقاية المدينة،التي سخرت بعض سيارات الإسعاف، لنقل المغمى عليهم، صوب بعض مستشفيات المدينة، فيما اضطر مسؤولو الوكالة إلى إغلاق الأبواب في وجه الزبناء، وتوجيههم صوب وكالات أخرى قريبة. وحسب بعض موظفي الوكالة، الذين كانت علامات التذمر والامتعاض بادية عليهم، فإن التسرب الغازي، منبعث من فرن مجاور للوكالة، مع التأكيد، بأن المسؤولين ما انفكوا يتقدمون بشكايات في الأمر، لتحسيس الجهات المسؤولة محليا بهذا الخطر الداهم، المحذق بموظفي الوكالة وزبنائها من المواطنين المغاربة والأجانب، غير أن جهة لم تحرك ساكنا، بالرغم من إيفاد العديد من لجن المراقبة والمعاينة، التي وقفت على طبيعة الإكراهات والمخاطر التي تشكلها قنينات الغاز الضخمة، التي يتم اعتمادها داخل الفرن المحاذي مباشرة لمبنى الوكالة البنكية، وبالتالي استمرار الوضع الخطير، الذي كان من نتائجه حادثة التسرب الغازي، والتي كادت تسبب في كارثة.