رُزق أحمد قبل أسبوع بمولود ذكر، فعمت الفرحة بيت الأسرة، خاصة وأن هذا المولود بكر ازدان بعد نحو سنتين من عقد القران بين أحمد وجميلة. لكن هذه الفرحة سرعان ما تحولت إلى مأساة مؤلمة وكابوس مرعب، عقب وفاة مفاجئة للمولود بعد حياة قصيرة لم يُكتب لها الاستمرار أكثر من أربعة أيام. كانت الأمور كلها تسير وفق ما اشتهاه الزوجان، لقد وضعت جميلة مولودها بكيفية طبيعية بمستشفى ابن الخطيب بفاس. لكن ما حصل أن المولود لم ير النور في كامل قواه، لكونه لم يكتمل النمو، ما فرض وضعه داخل حاضنة الإنعاش الخاصة بالرضع من أجل إنقاذ حياته واكتمال شروط نموه. لكن الصدمة كانت كبيرة عندما تم إخبار والدي المولود بغياب حاضنات الرضع داخل المستشفى، بسبب محدودية عددها ووجود المتوفر منها مشغولا من قبل مواليد جدد غير مكتملي النمو أيضا. ظل أحمد يصارع الزمن طوال أربعة أيام من أجل إنقاذ وليده، فاتصل بمسؤولي جناح الولادة وبإدارة المستشفى لعل الحظ يقف بجانب الصغير، لكن أمله خاب واشتد الخناق عليه بمرور الوقت، خاصة بعد عجزه عن نقله إلى مصحة خاصة، بسبب ظروفه الاجتماعية المزرية. عاد الزوجان إلى البيت بعد أن استحال وضع الرضيع في الحاضنة، وظل بصيص من الأمل يراودهما في أن ينتعش المولود مع مرور الوقت... لكن الموت لم يمهل طويلا وأتى على حياة الصغير تحت وقع حسرة كبيرة لدى والديه. ما حصل لأحمد وزوجته ليس الحادث الأول من نوعه بمستشفى ابن الخطيب وباقي المستشفيات العمومية بفاس، بل تكررت حالات مشابهة خلال الأشهر الأخيرة، بسبب عدم توفر أقسام الولادة على ما يكفي من حاضنات الإنعاش الخاصة بالمواليد الجدد غير مكتملي النمو، حيث لا يتجاوز عددها 20 حاضنة مقابل أزيد من 30 مولودا جديدا يحتاجون يوميا إلى هذه الوسيلة، حسب ما كشف عنه مسؤول طبي بفاس. ونتيجة هذا الوضع، يتربص الموت بعدد من المواليد الذين يتعين وضعهم داخل حاضنات الإنعاش، غير أن محدوديتها يحول دون إنقاذ الكثير منهم، بينما يضطر آباء آخرون ممن توفر لهم الإمكانيات المادية بذلك، إلى إدخال مواليدهم إلى المصحات الخاصة، بعد أن تتم عمليات الوضع داخل المستشفيات العمومية. وتعيد هذه القضية بالأذهان إلى الحادث المأساوي الذي حصل قبل عدة أشهر بمستشفى ابن الخطيب عندما فقدت أسرة فقيرة ثلاثة توائم، بعد أن تعذر وضعهم داخل الحاضنات، نظرا لكونهم ولدوا غير مكتملي النمو وكان يستدعي إنقاذهم بهذه الكيفية.