تتعدد عادات وتقاليد المغاربة في الاحتفاء بالمولود الجديد حسب المناطق. وكما أن هناك كثيرا من مظاهر الاحتفال التي توحد احتفاء المغاربة بالمولود الجديد، وتتجسد في استدعاء الناس لحفل العقيقة، فإن هناك مظاهر متعددة للاختلاف في الاحتفال حسب غنى أو فقر كل منطقة، كما تتنوع بعض العادات التي تمارسها أم المولود النفساء، وفيما يلي بعض مظاهر احتفال المغاربة بالمولود الجديد نقدمها من خلال هذا الاستطلاع. زغرودة للأنثى وثلاث للذكر بعد الولادة وإعلان جنس المولود، ما يزال سكان بعض مناطق مدينة البيضاء يحرصون على إطلاق زغرودة واحدة إذا ولدت فتاة، وثلاث إذا كان المولود ذكرا، تقول عزيزة من مدينة البيضاء: "عندما ترزق أسرة في منطقتنا بمولود ذكر تطلق امرأة ثلاث زغرودات كدليل على الفرحة الغامرة، وبالمقابل تكون واحدة إذا كان المولود أنثى، غير أن هذه العادة بدأت في الاندثار"، نفس العادة ما تزال ببعض المناطق بمدينة بني ملال، تقول نجاة عبد النبي من مدينة قصبة تادلة: "بضواحي مدينتنا تصدح من البيت الذي يرزق بمولود زغرودة واحدة لتعلن للجيران أن سيدة البيت وضعت أنثى، وتصدح بثلاث زغرودات للإخبار أن الأسرة رزقت ذكرا، والملاحظ أن بعض الأسر ما تزال تنزعج من ازدياد أنثى". إفطار النفساء يكون الإفطار الذي يعد للنفساء عبارة عن سوائل عموما، وبعض الأعشاب والدجاج والبيض، وفي هذا الموضوع تحدثنا خديجة من منطقة الرشيدية: "الطعام الذي يقدم للنفساء بعد ولادتها يكون عبارة عن حليب ممزوج بالبيض و"حب الرشاد"، كما يقدم لها بعد ذلك حساء بالحليب، والبيض المسلوق"، وتشاطرها الرأي مريم من مدينة مكناس قائلة: "أغلب النفساء يقدم لهن بعد الولادة الحليب الممزوج ب "حب الرشاد"، ويقدم لها كذلك حمام مشوي"، هذا بخصوص أكل أم المولود لليوم الأول، أما المولود فيقدم له شراب "اللويزة". كحل على العينين... وبخور ضد العين وعن بعض عادات منطقة الريصاني يقول الحاج: "بمنطقتنا تأخذ امرأة زليفة من الفخار إلى فقيه المدينة فيكتب عليها بعض الآيات القرآنية، فتقوم بمحوها بالماء قتقدم للنفساء قصد الشرب"، ، ويوضع له الحكل، كما أخبرتنا نجاة من أكادير بقولها:" عندما يولد المولود نقوم بوضع الكحل على عينيه وعلى حاجبيه لكي يتمتع بعيون وحاجبين سوداء عندما يكبر"، ونفس الطقوس يستقبل بها المولود ببعض مناطق بني ملال، مع إشعال بعض أنواع البخور>الشبة والحرمل<، حجبا للمولود وأمه من العين< وعن عادات بعض المغاربة كذلك في ما يخص درء العين تقول أم أمين: بمنطقة الرشيدية يغطى المولود بثوب أسود، وتضع أمه غطاء أسودا أيضا على رأسها، وبقرية آيت اربع التابعة لمدينة قصبة تادلة تحكي نجاة عن العين قائلة: " يتم تزيين يد الطفل بتميمة مصنوعة من العقيق الأسود لمدة قد تفوق الشهر، اعتقادا منهم أن ذلك يذهب العين ويحفظ الطفل، كما أن هناك من يلجأ للفقيه من أجل الضفر بتميمة توضع بمعصم المولود مع عقيقة حمراء " الرفيسة" أو "المضهوصة" أو"الحميس" طعام للجيران في اليوم الثالث في يوم الثالث يتم استدعاء الجيران وبعض الأقارب لأكل طعام تعددت أسماءه وطريقة طهيه "الرفيسة" و"الثردة" و"المضهوصة"و"الحميس"، ويبقى القاسم المشترك بينها الدجاج من أهم العناصر المكونة لها ، ففي مدينة بإقليم بني ملال يتم تتبيل الدجاج بعشب يدعى "رأس الحانوت"، ويطبخ إضافة إلى المواد المتعارف عليها كالعدس والفول ويسقى بهذا المرق الرغيف المقطع قطعا صغيرة، وهذا الطعام يسمونه "الحميس" أو "الرفيسة" باختلاف المناطق، وهناك من يستدعي الناس لتناول الكسكس في اليوم الثالث كما هو الشأن بإحدى ضواحي مدينة خنيفرة. حمام للنفساء وطقوس خاصة وبمدينة الرشيدية، تذهب النفساء إلى الحمام، تقول خديجة:"في اليوم الثالث ترافق بعض النساء النفساء إلى الحمام، لمساعدتها على الغسل، و يستعملن بعض الأعشاب مثل الخزامة والورد الفيلالي أثناء الغسل بهدف إعادة الرحم إلى مكانه". وبمدينة وادي زم تستحم النفساء في اليوم السابع، بعد أن تخضب يديها ورجليها بالحناء، وتقدم هدية >البياض<لصاحبة الحمام وهي عبارة عن قالب من سكر. "السابع" و "السمية" و "السبوع": "يوم السابع" أو "السمية" أو "السبوع" هو اليوم الذي يمضي فيه سبعة أيام على ازدياد المولود، وأما ما يسمى بالعقيقة فهو أن تقوم الأسرة المغربية بذبح شاة أو كبش واحد أو اثنين، ويختلف ذلك حسب غنى أو فقر الأسرة، فيدعى للعقيقة كل من قدموا التهاني للأسرة عند ازدياد المولود خاصة النساء، أما الرجال فلا يكون تقديم التهاني شرطا لدعوتهم لها، تقول رشيدة من منطقة ورزازات: "نقوم بدعوة النساء اللواتي قدمنا التهاني للنفساء، وفي اليوم السابع تتزين النفساء، ونضع للمولود الزينة بجعل بعض "الكحل" في عينيه اعتقادا منا أن المرأة ستبقى دائما تتمتع بالجمال"، وتضيف رشيدة "في اليوم السابع نحلق شعر المولود ونزنه بالذهب أو الفضة، ونتصدق بثمنها"، وتقول فاطمة: "في اليوم السابع نستدعي النساء لتناول الطعام، ويكن محملات بهدايا عبارة عن ألبسة أو نقود، مع العلم أنه قبل يوم العقيقة وعندما تقدم النساء التهاني ويمنحن للأم نقودا تسمى "الزرورة". حفظة القرآن في العقيقة كما يتم استدعاء حفظة القرآن>الطلبة< للعقيقة من أجل تلاوة بعض سور القرآن والدعاء للمولود ولوالديه، تقول فاطمة من مدينة الخميسات:> في اليوم السابع يذبح الخروف كناية عن تسمية المولود، ويستدعى الأهل والأحباب نساء ورجالا، و>الطلبة< لقراءة القرآن الكريم والدعاء للمولود وأسرته بالصحة وطول العمر، وتبارك النساء لأم المولود وتحتفلن به بالزغاريد والأهازيج للتعبير عن الفرح<. وعن بعض التقاليد يقول علال: "بمنطقة الريصاني نغسل الدم المتبقي في السكين الذي ذبحت به شاة العقيقة قرب "الرتاج" (وهو العمود الذي يدور حوله باب المنزل" ويضيف علال: "تقدم أسرة الأم عند الولادة الأولى الهدايا إلى أسرة الزوج/الأب تكون عبارة عن مواد استهلاكية كالسكر والزيت والخضر". ومن عادات منطقة سيدي قاسم أن تتكفل عائلة الأم بإعداد العقيقة للمولود البكر من حيث المصاريف، ويفوض لهم حق اختيار الإسم المناسب له. خلاف في التسمية من العادة أن يختلف أفراد العائلة في اختيار الإسم المخصص للمولود، وأحيانا يفضي الاختلاف إلى النزاع والتشنج، وقد يحتكم إلى نظام القرعة تطييبا لكل الآراء، يقول عبد الغني:> كنت حيران في اختيار اسم ابني، فعائلة زوجتي اخترت له اسما وعائلتي اخترت إسما آخرا، وحسم الخلاف بخيار أم الوليد<، أما فاطمة فكان نظام القرعة حكما فاصلا في تسمية ابنتها، وسردت لنا قصة الخلاف في التسمية أدت بالزوجين إلى التفكير في الطلاق، وغالبا ما تتدخل عائلتا الأبوين في اختيار إسم المولود، خصوصا عند الرغبة في اختيار اسم أحد أصوله. خديجة عليموسى