إلى حدود سنة 2001 كانت أسماء كلها حيوية وحركة عملت لسنوات في قطاع العقار والإشهار قبل أن تستقل وتنشئ مشروعها الخاص، وظلت تحلم كغيرها ببناء مستقبلها الخاص بالطريقة التي تريد خاصة أنها تلقت تكوينا فرنسيا خلال دراستها كباقي أشقائها. إلا أن تقدم أحد أقاربها لخطبتها غير أشياء كثيرة في حياتها... فبإصرار من العائلة، قبلته أسماء كزوج لها، بل قبلت كل الشروط واعتبرت خطيبها قريبا منها خاصة أنه يقيم بالديار الفرنسية حيث يدير هو الأخر مشروعا خاصا به. قضى الزوج أياما معدودة مع زوجته أسماء وغادر في اتجاه فرنسا إلى حين تسوية الوضعية الإدارية من أجل التجمع العائلي. وظل يزور زوجته كلما سنحت له الظروف بذلك. وفي سنة 2002، إزدان فراش الزوجين بمولود ذكر أدخل البهجة إلى بيتهما واستكملت الفرحة بتسوية وضعية الزوجة الإدارية بفرنسا، حيث غادر الإثنين أرض الوطن في اتجاه فرنسا ومن حياة الثرف إلى حياة العبودية، حيث تغير كل شيء بالنسبة لأسماء التي كانت تنتظر المزيد من الانفتاح والحياة الجميلة رفقة زوجها... إذ أصر الزوج على أن تكون كلمته هي العليا وأن لامكان لها هنا ولاقرار لها وعليها تنفيذ الأوامر فقط! استمر الحال على هذه الشاكلة لمدة تزيد عن السنتين، قرر خلالها الزوج الاحتفال بعيد الأضحى رفقة زوجته بالمغرب، حيث سيقرر الزوج تنفيذ مخططه. وبعد أيام معدودة، وفي غفلة من الجميع، غادر الزوج أرض الوطن تاركا زوجته وطفله الحديث الولادة في مواجهة المجهول. بحثت عنه في كل مكان لدى عائلته، لدى الأقارب دون جدوى لتصل في الأخير إلى أنها كانت ضحية مؤامرة مدروسة خاصة أن الزوج غادر ومعه كل الأوراق الشخصية التي تعود لها ولطفلها من جواز السفر وبطاقة الإقامة، بل حتى بطاقتها البنكية التي تدير بها حسابها بفرنسا. انتظرت كثيرا إلا أن انتظارها طال، فقررت الدفاع عن نفسها والدفاع عن طفلها. توجهت بداية إلى المحكمة التي وضعت أمامها شكاية تتعلق بسرقة وثائق أحيلت على الشرطة القضائية. ومابين الشرطة والمحكمة، قضت أسماء عدة أشهر دون أن تحصل على إجابة مقنعة لأسئلتها خاصة أن عائلته كانت غير مؤهلة للإجابة عن مثل هذه التساؤلات. إلا أن حلول زوجها بالمغرب بدد كل الغموض، فالضابطة القضائية تريد أن تتخلص من الملف بسرعة كبيرة، نظرا لنفوذ الزوج حتى أنها لم تجر مواجهة بينهما. وعندما أحيل الملف على المحكمة، كانت مفاجأتها أكبر، إذ تم حفظ القضية تحث حيتية أن لادليل على أن الزوج استولى على الوثائق الشخصية رغم إدلائها بوثيقة بنكية تفيد أن الزوج كان يتصرف في حسابها البنكي بفرنسا خلال تواجدها بالمغرب وأن البطاقة البنكية كانت من بين الوثائق التي سرقت منها وأضافت المحكمة أن لاسرقة بين الأزواج وانتهى الملف. نصائح الأصدقاء والعائلة قادت أسماء إلى فتح جبهة أخرى تمثلت أساسا في مراسلة الوزير دومينيك دو فيلبان الذي أحال ملفها على وزارة الخارجية الفرنسية وأخبرها عبر رسالة مضمونة الوصول بذلك. كما راسلت الديوان الملكي، سفير المغرب بفرنسا، سفير فرنسا بالمغرب، ومئات الرسائل التي وجهتها إلى جمعيات فرنسية تهتم بالمرأة والطفل من أجل مساعدتها على إيجاد حل لمشكلتها. وظلت تنتظر، كما راسلت عمدة المدينة التي كانت تقيم بها والمستشار القانوني بذات العمودية وأصدقاء فرنسيين الذين نصحوها بالتوجه إلى إحدى الجمعيات الفرنسية التي تناصل من أجل المظلومين بالعالم والتي يوجد مقرها الاجتماعي بفرنسا. وتجند الجميع لمساعدتها والبحث معها لإثبات ما يفيد أنها كانت تقيم بفرنسا وهو ما حصل حيث أرسلت لها وثيقة تثبت أنها كانت تقيم بفرنسا وتتوفر على بطاقة إقامة مدتها عشر سنوات. وبهذه الوثيقة حصلت على جواز سفرها وتأشيرة الدخول إلى التراب الفرنسي. وفي الوقت الذي تنفست الصعداء، واجهتها مشكلة أخرى تتمثل في جواز سفر صغيرها الذي يحتاج إلى رخصة أبوية للحصول عليه وكذلك مغادرة التراب الوطني، مما دفعها إلى القيام بدعوى قضائية للحصول على ترخيص قضائي للقيام بإجراءات حصول الطفل على جواز سفر. و بحكم أنها تتوفر على لفيف عدلي يِؤكد غياب زوجها عنها وهجره لها، فقد حصلت على حكم قضائي لتغادر أرض الوطن في اتجاه فرنسا بعد أن تأكد الزوج أن لاأمل لها في العودة بعد أن استولى على وثائقها بعد أن كانت ضحية تحولت أسماء إلى متهم! عانت بالديار الفرنسية الأمرين، فلا أب يحمي طفلها ولاعمل لها، فكل نضالها كان من أجل أن يحصل طفلها على مقعد دراسي رغم حرمانه من حنان الأب. مشاكلها لم تتوقف عند هذا الحد، فقد وجدت نفسها مطلقة من زوجها دون حضورها إذ كانت لحظة الحكم بفرنسا كما لم يتم تبليغها بالقرار الصادر عن محكمة قضاء الأسرة ولم يتم استدعاؤها بصفة قانونية ولو مرة واحدة. بعد قضاء سنتين بفرنسا عادت إلى المغرب من أجل العزاء في وفاة أحد أقربائها لتواجه مشكلة أخرى تتعلق بتقديم زوجها شكاية إلى النيابة العامة التي أحالتها بدورها على الضابطة القضائية للتحقيق فيها تتعلق بتزوير جوازي السفر والسفر بطفل إلى الخارج دون ترخيص من والده. إلا أن الأحكام واللفيف العدلي الذي يؤكد الإهمال والأحكام القضائية الصادرة لصالحها حول الاتهام إلى الزوج الذي لم يجد مخرجا إلا مغادرة المغرب، لحظتها قررت أسماء رفع دعوى قضائية به لدى المحاكم الفرنسية من أجل الإهمال والنفقة بعد أن ظلت سنوات وهي تحاول الحفاظ على الأواصر العائلية. إلا أن مفاجأتها كانت أكبر عندما وكل محامية للدفاع عنه ورفض الحضور، حيث أدلت محاميته أمام القاضية بوثيقة يتخلى بموجبها عن زيارة ابنه الأسبوعية والحضانة وحق الأبوة الذي يدعي صاحبها أنه ملتزم دينيا وحج إلى بيت الله الحرام مرتين وهو ما لم تستسغه أسماء التي قررت أن تضع كل شيء جانبا وتبدأ حياة جديدة رفقة طفلها بعد أن أكدت في ختام حوارنا أن بلادها لم تنصفها ولن تنصفها رغم ما يقال حول المدونة.