يؤدي اكتشاف فقدان الفتاة لعذريتها يوم الزفاف إلى نشوب الكثير من الخلافات والصراعات بين عائلتي الزوجين، وإلى فضح العروس التي تكون سببا في إحساس عائلتها بالإهانة والتنقيص من كرامتها، ويكون هذا سببا في الطلاق وعدم إتمام الزواج بالرغم من أن البكارة ليست ركنا من أركان إتمام الزواج في الإسلام. في ما يلي يحاول الأستاذ عبد الباري الزمزمي توضيح حكم الإسلام من فضح العروس الفاقدة لعذريتها وجعل البكارة سببا في الصراع بين عائلتي العروسين. يجب أن يكون التكتم والسرية وعدم البوح بشيء مما حصل من الطرفين سواء العريس وعائلته أو عائلة العروس، فالمسلم يجب أن يستر أخاه لأن مثل هذا الخطأ لا يمكن أن يسلم منه أحد، فإذا وقف العريس على فقدان هذه الفتاة لبكارتها فهو غير معصوم من حدوث نفس الشيء له في عائلته إما في أخته أو إحدى قريباته اللواتي قد يتعرضن لنفس المشكل، لذلك وجب التكتم في هذه الحالة على أعراض الفتيات لأن المعروف أن البنت عندما تفقد بكارتها فإنها تفقد مستقبلها وعلاقاتها داخل المجتمع لأنها تسقط في نظر الناس وتصير في نظرهم وكأنها قتلت مدينة من الناس! فالناس يعطون للموضوع أهمية أكثر مما يستحق لأن الفتاة قد تفقد بكارتها في ظروف خارجة عن إرادتها أو مكرهة. لهذا فالموقف الصحيح لا شرعا ولا خلقا، هو التكتم والتستر، والرجل إذا أراد أن يستمر مع هاته الفتاة ويسترها فربما تكون فاتحة خير عليه وسيكون سعيدا معها لأنها ستقدر أنه ستر عليها؛ وإن لم يرد أن يستمر معها فليفارقها ويتستر عليها دون أن يكشف السبب الحقيقي لتطليقها حتى تتمكن من بناء حياتها فيما بعد مع شخص غيره بكرامتها وشرفها. والبكارة في الشريعة ليست من أركان الزواج التي حددها الإسلام في أربعة أركان، وترك للزوج حرية اختيار زوجته إما أن تكون بكرا أو ثيبا، ولكن العرف هو الذي يشترط أن تكون الفتاة عذراء، ويهولون أمر البكارة فإن وجدوها غير عذراء كان وقع ذلك كارثيا على العائلتين، وأما إن أراد الرجل الارتباط بفتاة ثيب فلا اعتراض عليه شرعا. واليوم لم يعد هذا المشكل مطروحا بشدة لأنه أصبحت هناك الكثير من الوسائل لإصلاح هذه المسألة قبل أن يدخل بها الزوج، وترقيع غشاء البكارة ليس محرما لأنه يدخل في باب الستر شريطة أن لا تكون الفتاة محترفة للذعارة وتكون قد فقدت عذريتها نتيجة حادث اغتصاب أو ظروف استثنائية وقعت أثناءها في هذا الخطأ فلها الحق في أن تستر عرضها وعرض عائلتها لأن هناك حالات تولد فيها الفتاة من دون بكارة كما يولد الطفل ميتا، لكن الرجل لن يقبل منها هذا ولن يتفهمه، لذلك يكون هذا الحل مناسبا لجميع الأطراف، أما إن كانت الفتاة محترفة الذعارة ولجأت لوسيلة ترقيع البكارة فهذا يعتبر غشا وكذبا. أما أن يقوم الرجل بفضح زوجته أمام الملأ فهذا تصرف غير شرعي وعيب لأن من يكشف عورة أخيه يكشف الله عورته كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه الرسول الكريم «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله »، هذا فيما يخص الوعيد أما الجزاء فهو من جنس العمل لأن من يفضح أخاه فلا بد أن يفضحه الله. حاورته مجيدة أبوالخيرات *رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل وعضو مجلس النواب عن حزب النهضة والفضيلة