يشكل ضريح مولاي بوشعيب بأزمور قبلة للنساء العاقرات اللواتي حال العقم دون تحقيق رغباتهن في إنجاب الأطفال خاصة الذكور منهم، لتترسخ لدى العامة اعتقادات بأن مولاي بوشعيب يهاب الوِلدان للعاقرات اللواتي يقمن بزيارته حتى أصبح يلقب ب”مولاي بوشعيب عطاي العزارى”... يستوطن هذا الضريح مركز مدينة أزمور إذ يقع في مكان يتميز بنوع من العلو عن مستوى سطح أرض المدينة ذاتها، ما يمكن زواره من رؤية مختلف أرجاء أزمور، فهو عبارة عن باحة فسيحة تقوم على أعمدة و سواري ضخمة، يعبرها الزائر نحو قبر الولي الصالح مولاي بوشعيب الرداد الذي حمل أيضا لقب “السارية” لأنه كان إذا قام للصلاة انتصب واقفا لمدة طويلة و كأنه إحدى سواري المسجد بالنظر إلى درجة الورع و الخشوع التي كان يصلها أثناء الصلاة. ويحيط بضريح مولاي بوشعيب العديد من باعة لوازم الزيارة كالشمع والحناء وماء الورد و التمر... إذ تقتضي الطقوس أن يودع الزوار هذه المواد كلها أو بعضها لدى القيمين على الضريح أو ما يصطلح عليهم “الحفظان” و إلا استعاضوا عن ذلك بأداء مبلغ مالي حتى ينالوا بركة “السيد”. وبمجرد دخول الضريح تشرع النساء الراغبات في الإنجاب في التمسح بقبر مولاي بوشعيب “عطاي العزارى”، بل و تطوف المرأة بقبره عديد مرات وهي تتوسل إليه بأن يرزقها مولودا لطالما انتظرت قدومه منذ زواجها، سيما و أن هؤلاء النسوة يدخلن في سباق محموم مع الزمن من أجل الولادة، إذ غالبا ما يراودهن إحساس بأن الأزواج سيعمدون إلى تطليقهن في حال ما إذا عجزن عن تحقيق رغبتهم في إنجاب أطفال يساهمون في طرد روتين الوحدة من حياتهم. وتستمر هؤلاء النسوة في التمسح بقبر الولي الصالح مولاي بوشعيب حتى ينخرطن في موجة من البكاء تصل حد الهستيريا. تنتابهن بعد ذلك حالة من العياء الشديد يدخلن على إثرها في حالة غيبوبة لا يستفقن منها إلا بعد مدة طويلة، قد يتم اللجوء فيها إلى “الحفيظ” لتلاوة بعض الآيات القرآنية بموازاة مع ممارسة بعض الطقوس عليهن (كرش أجسادهن بالماء البارد أو وضع قليل من العطر بأنوفهن). وتكاد تتشابه حكايات العديد من النسوة اللواتي ترسخ لديهن أن مولاي بوشعيب فك عقمهن ومنحهن “العزارى”، فغالبا ما يحكين بأنهن عجزن عن الإنجاب رغم مرور سنوات عديدة من زواجهن، حتى أضحين عرضة لتهديدات الأزواج بالطلاق، بل و تَعِبن من الاعتماد على الوصفات الطبية التي لم تجد نفعا مع عقمهن، ولعله التعب ذاته الذي عانينه جراء استخدام طلاسم و تمائم المشعوذين و”بخور” الدجالين، بل و زيارة العديد من الأضرحة الواقعة بمناطق مختلفة من المغرب، قبل أن يتم إرشادهن إلى ضريح مولاي بوشعيب “عطاي العزارى”! إذ ما إن تمر مدة قصيرة على قيامهن بالزيارة وفق طقوس معينة تتوفر فيها النية و”طلب التسليم” وتقديم “الباروك”، حتى تنفك عقدة الإنجاب وتتحرك أحشاؤهن باحتواء أجنة غالبا ما تتحول إلى مواليد ذكور! وتلتزم هؤلاء النسوة في أعقاب إنجابهن بالعودة إلى ضريح مولاي بوشعيب محملات بمختلف الهدايا مع تقديم قربان للقيمين عليه، وهو ما يعرف داخل أوساطهن ب”الذبيحة” التي غالبا ما تكون عبارة عن خروف أملح، بما يعكس حجم الشكر الذي يقدمنه للولي الصالح اعتقادا منهن بأنه ساهم في استقرارهن الأسري و جنّبهن ويلات الطلاق بعد أن “رزقهن” المواليد ودبّت الفرحة في نفوس أزواجهم الراغبين بدورهم في إنجاب أطفال يكسرون بشغبهم فراغ بيوت الزوجية. عبدالفتاح زغادي