الحركة غير عادية أمام مقر الفيدرالية الديموقراطية للشغل بالدار البيضاء أول أمس، جماعات هنا وهناك منخرطة في نقاشات جانبية، إنهم أعضاء المجلس الوطني للنقابة الذين بدأ عددهم يتزايد مع اقتراب موعد الدورة الاستثنائية للمجلس ليقول كلمته النهائية في مشروع الدستور. تأخر انعقاد المجلس الوطني الفيدرالي لأزيد من ساعة ونصف عن موعده المحدد زوال أول أمس، دفع أعضاءه إلى الانتقال إلى أحد المقاهي القريبة من مقر الفيدرالية، أولى مؤشرات المصالحة انطلقت من المقهى، بعد دخولهم في نقاشات ومشاورات تهيأت معها كل الظروف لتجاوز صراعات الماضي، فكانت الفرصة مناسبة لرفاق عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية، وأنصارعبد الحميد فاتحي لتذويب الخلافات، فدخلا في عناق حار كان بمثابة الإشارة الأولى لتجاوز الخلاف حول القيادة الذي عمر أكثر من ستة أشهر كانت أحد نتائجه بروز قيادتين في جسم الفيدرالية. النقاش انتقل من المقهى إلى مقر الفيدرالية، عنذ انطلاق دروة المجلس، لكنه لم يخض في الشأن التتظيمي للفيدرالية، بل وضع على الطاولة مشروع الدستور، وإن كانت هناك اشارات فهم من خلالها الحاضرون على أن المياه بدأت تعود إلى مجاريها داخل الفيدرالية، فتدخل عبد الحميد فاتيحي خلال أشغال الدورة بقوله «إن انعقاد مجلسنا الوطني في دورته الاستثنائية هو مدخل أساسي نحو الوحدة وتحصين التنظيم الداخلي للفيدرالية قصد الاستشراف لمستقبل مركزيتنا النقابية»، اعتبرها الجميع اشارة على نهاية الخلاف، وخصوصا بعد تأكيده على إعطاء الكلمة الافتتاحية لعبد الرحمان بصفته الكاتب العام للفيدرالية. لغة الاشارات اختفت بعدما أدرك الحاضرون مغزاها، ليحتدم النقاش وترتفع حرارة التدخلات التي تجاوزت الأربعين تدخلا حول مضامين مشروع الدستور، لكن بالرغم من تعالي العديد من الأصوات المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الموحد والتي طالبت بمقاطعة الاستفتاء، أو على الأقل التصويت ب«لا»، فإن أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية استطاعوا في النهاية أن يحسموا الموقف النهائي لصالح الدستور بأغلبية مطلقة، ومبررهم في ذلك أنه جاء «متوافق مع نسبة كبيرة من المطالب التي تضمنتها مذكرة الفيدرالية إلى اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور». وإذا كانت الدروة الاستثنائية للمجلس الوطني للفيدرالية قد فرضها الحراك السياسي والاجتماعي الذي يعرفه المغرب في ظل التحضيرات الجارية للتصويت على الدستور، ووعي الأطراف المتصارعة بضرورة وحدة الصف الفيدرالي، فإنه تم الاتفاق على هامش دورة المجلس الوطني على تشكيل لجنة ستعمل على التنسيق بين الطرفين للطي النهائي للمشكل التنظيمي.