فجأة هز دوي انفجارات متتالية سكون حي هيلانة بالمدينة العتيقة بمراكش، مساء أول أمس الأحد، ما جعل العديد من المواطنين يتسابقون لموقع الانفجارات، لاستجلاء جلية الخبر، حين فوجئوا بمشهد طوفان من المياه الهادرة، تندفع عاليا من بعض قنوات شبكة الماء الشروب، لتغرق مجمل الفضاء، مسببة في إحداث شقوق وتصدعات خطيرة بالأبنية المجاورة. وقد تطلب السيطرة على الحدث، مجهودات جبارة من رجال الوقاية المدنية، فيما انصرف ممثلو السلطات المحلية، والعناصر الأمنية التي حضرت إلى مكان الحادث، إلى تحديد الخسائر والأضرار، حيث تم تسجيل تعرض 40 محلا تجاريا، ومنزلين إلى تصدعات خطيرة، باتت تهدد بانهيار الأبنية، فوق رؤوس أصحابها، ومن ثمة حث سكان المنزلين على مغادرة بيوتاتهم، وعدم المبيت داخلها، درءا لما لا تحمد عقباه. وكانت المنطقة المذكورة، قد تعرضت لحادث مماثل خلال أبريل من سنة 2007، ما سبب في تصدع العديد من المحلات، حيث ظل أصحابها يكاتبون مصالح «الراديما» لتحمل مسؤولياتها، والعمل على رفع الضرر مع تعويض المتضررين، لتبقى كل الشكايات مجرد حبر على ورق -حسب شكايات المتضررين- إلى أن تم انهيار العديد من الجدران، لتخصص لهم إدارة المؤسسة المذكورة مبلغ 200 درهم فقط كتعويض، ومن ثمة إجبار المتضررين على تحمل الخسائر المادية الناتجة عن انفجار قنوات الماء الشروب. ويذكر أن مجموعة من الأحياء بالمدينة العتيقة، قد تعرضت لحوادث مماثلة، بعد أن أدت أشغال هيكلة شبكة الصرف الصحي إلى إحداث تصدعات وشقوق بالعديد من البيوتات والمنازل، بالنظر للطريقة البدائية المعتمدة في أشغال الحفر، والتي لا تراعي خصوصية العمارة بفضاء المدينة العتيقة، حيث الدروب الضيقة، والأزقة الملتوية، ليحمل المقاولون أمتعتهم، ويتركون الساكنة تجتر معاناتها. ليفسح المجال بعدها لمصالح البلدية والسلطات المحلية لتنظيم حملة هدم واسعة للمنازل المتضررة، في إطار درء الخطر المحدق. وقد، فاجأت مصالح «الراديما»، عموم الأحياء والدروب المستهدفة، بتوقيف أشغال مد القنوات في منتصف الطريق، خصوصا بدرب بونهار بحي سيدي بن سليمان، والذي تصدعت به أزيد من سبعة منازل، وكذا بدرب برحمون الكبير بحي باب تاغزوت، وكذا قاع الصور، وباب دكالة تضررت مجموعة من الدروب والأزقة كدرب الجديد ودرب الراوية ودرب سيدي أحمد أولحاج، وغيرها كثير من الأحياء بالمدينة العتيقة، ما جعل ساكنة هذه الأحياء تعيش وضعا شاذا، بعد أن سدت في وجهها منافذ شبكة الصرف الصحي، التي تم تخريبها بأشغال الحفر. وفي الوقت الذي كان فيه المتضررون، ينتظرون من الجهات المسؤولة محليا، العمل على إعادة الأمور لنصابها، وفك العزلة عن بيوتاتهم ومنازلهم، مع وضع آلية واضحة المعالم لتعويض أصحاب المنازل المنهارة، والذين باتوا يلتحفون السماء، ويتدثرون بنجوم الثريا، كانت لمصالح «الراديما» المسؤولة الأولى عن العملية رأيا آخر، لايستقيم وطبيعة الأشياء، حين فرضت على المواطنين المعنيين، ضرورة الإدلاء بالتزام مكتوب، يبعد عنها المسؤولية في أي انهيارات جديدة، كشرط لاستئناف أشغال مد قنوات التطهير المتوقفة، ومن ثمة نهج سياسة الهروب إلى الأمام، بدل العمل على فتح نقاش والبحث عن أسباب تمكن من تعويض المواطنين المتضررين. وحتى تتسع مساحة العبث، وفي الوقت الذي اقترح فيه بعض أعضاء المكتب المسير لمقاطعة المدينة، باعتبارها المسؤول الأول عن تدبير شؤون المدينة العتيقة، تشكيل لجنة مكونة من القسم التقني للمقاطعة، وبعض المنتخبين لحصر الأضرار، وتقييم طبيعة المشاكل التي تعرضت لها بيوتات المواطنين، تم التغاضي عن هذا المقترح بشكل غير مفهوم، ومن ثمة الاكتفاء بإيفاد بعض التقنيين، لمراقبة الوضع عن كثب، دون اتخاذ أي موقف حاسم من إدارة الراديما التي فوت لها قطاع التطهير الصحي بالمدينة.