أزواج في مواجهة أسئلة لا تنتهي أزواج يراودهم حلم الإنجاب، لكنهم بالرغم من ذلك يرفضون تحقيقه عقب الزواج، ويفضلون تأجيل هاته الخطوة من أجل الاستمتاع بالحياة الزوجية، والتأكد من التوافق بينهم، وتوفير المتطلبات المادية الخاصة بهاته المرحلة. غير أن المحيطين بهم لن يتقبلوا هذا التوجه، وسيصرون على التدخل في موضوع الإنجاب الذي يرى هؤلاء الأزواج أن الخوض يجب أن يقتصر على طرفي الزواج. «والدتي تشعرني بأن استمرار البشرية رهين بإنجابي لطفل في أسرع وقت»، بهاته العبارة الساخرة اختزل أشرف الوضع الذي يعيشه منذ دخوله القفص الذهبي، نتيجة إصرار والدته على التدخل حياته الزوجية من خلال مطالبتها الدائمة له بالإنجاب. إلحاح الوالدة لا ينكر الرجل الثلاثيني المتزوج حديثا، أن إنجاب أطفال من صلبه كان دوما الحلم الذي يداعب مخيلته، إلا أنه يفضل تأجيل هاته الخطوة، كي يتسنى له ادخار ما يكفي من مال، ليستطيع تحمل مصاريف الولادة وحفل العقيقة، ويضمن الرعاية المثالية للمولود، لأنه يدرك جيدا أن هاته المرحلة ستجعله يتحمل تكاليف تفوق قدرته الإنفاقية، وهو نفس الموقف الذي تتقاسمه معه زوجته، التي ترفض بدورها فكرة الإنجاب قبل أن تتأقلم مع ظروف الحياة الزوجية، وتضمن القدرة على التوفيق بين عملها ومتطلبات البيت. في المقابل تصر والدة أشرف على ضرورة أن يعجل بخطوة الإنجاب، لأنها تؤمن بالمقولة الشهيرة «كل ولد يجي برزقو»، وتعتبر أن الإنجاب يجب أن يكون في سن مبكرة، لذلك فهي تتفنن في العزف على الوتر الحساس لدى ابنها من أجل إقناعه بضرورة الإنجاب، بالرغم من أنه لم يمض على زواجه سوى بضعة أشهر. «بغيت نشوف ولادك قبل ما نموت»، عبارة صارت بمثابة اللازمة التي تتردد على مسامع أشرف كلما ذهب لزيارة والدته، ولا تبدي أي استعداد لاحترام رغبته، رغم كل محاولاته لإقناعها بوجهة نظره، ما جعله يفضل التقليل من زياراته لها كي يتفادى الخوض في موضوع الإنجاب. روايات كاذبة نفس الوضع ينطبق على كريمة التي وجدت نفسها في مواجهة سيل من الروايات الكاذبة حول أسباب تأخر إنجابها، بالرغم من أن تأجيل هاته الخطوة كان برغبة منها ومن زوجها. جمعت بين الزوجة العشرينية وشريك حياتها قصة حب دامت لسنوات قبل تنتهي بالزواج، غير أنهما فضلا الاستمتاع بامتيازات هاته المرحلة الجديدة قبل الانغماس في دوامة المشاكل والأعباء المادية المرتبطة بالإنجاب، وهو ما سيجد المحيطون بها صعوبة في تقبله واستيعابه. لم يمض على زواج كريمة سوى سنة واحدة حتى بدأت والدتها تبدي قلقها من احتمال عدم قدرتها على الإنجاب بسبب خلل يعاني منه زوجها ويحاول إخفاءه بالتظاهر بعدم الرغبة في الإنجاب، بينما كانت حماتها وشقيقات زوجها يبدين للأخير نفس المخاوف، ويرفضن الاقتناع بموقفه. تؤكد الزوجة الشابة أن صديقاتها وزميلاتها في العمل لا يتوقفن بدورهن عن استفسارها حول أسباب تأخر حملها، ويبدين دهشتهن من كون قرار تأجيل الإنجاب نابع من رغبتها الشخصية. «لا أفهم لماذا يصر الجميع على التدخل في هذا الموضوع»، تقول كريمة، مؤكدة على أنها لم تعد قادرة على إخفاء انزعاجها من إصرار المحيطين بها على التدخل في موضوع الإنجاب، إلى درجة أنها أصبحت تثور في وجه أفراد عائلتها عندما تتكرر أسئلتهم في هذا الخصوص. تلميحات مستفزة هشام ذو السابعة والعشرين عاما، لم يسلم بدوره من تدخلات المحيطين به في حياته الزوجية، ويتعلق الأمر بحماته التي يؤكد أنها تبذل كل ما بوسعها لإقناع زوجته بأن تنجب، بل وتحاول زرع العديد من الوساوس والأفكار السوداوية في مخيلتها، لتجعلها تعتقد أن رغبته في تأجيل خطوة الإنجاب ليست سوى لكونه لا يتمنى استمرار زواجهما وينوي التهرب من مسؤولية الأبناء. يؤكد هشام أن كلمات حماته التي ترددها دوما على مسامع زوجته كان لها وقعها على علاقته بالأخيرة، إذ لمس تغيرا واضحا في موقفها، لكونها قررت تقليص المهلة التي حدداها للإنجاب. «تلميحاتها الدائمة تستفزني»، يقول هشام، مؤكدا أن حماته لا تفوت أي فرصة للتعبير عن وجهة نظرها في موضوع الإنجاب الذي يرى أن الحديث بخصوصه يجب أن يقتصر عليه وعلى شريكة حياته، وهو ما جعلة يستشيط غضبا في أحد الأيام ويطالب حماته بعدم التدخل مجددا في هاته المسألة. إصرار الحماة على التدخل في هذا الشأن كان حسب هشام السبب الرئيسي في توتر العلاقة بينهما، بحيث لم يعد قادرا على أن يستقبل برحابة صدر أي ملاحظة توجهها مهما كانت بسيطة، وصار يتحاشى الحديث معها كي يتفادى اندلاع الخلافات بينهما.