رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يدعو إلى تطوير الشراكة مع المغرب لتشمل القارة الإفريقية    منسوب اليقظة ينبغي أن يظل مرتفعا لتحييد المخططات الإرهابية المستهدفة للمغرب (سبيك)    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    اعتقال مواطن فرنسي بمراكش في قضية ترويج المخدرات والاختطاف ومحاولة القتل    عن تنامي ظاهرة العنف المادي والمعنوي ضد أطر التربية..    غوتيريش يدعو إلى "العمل المشترك" من أجل النهوض بحقوق الإنسان    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    الحسيمة.. بركة يترأس أشغال المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي اللوكوس    مراكش.. اجتماع حول المخطط الشامل للتعاون العسكري المشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية    المتحدث باسم حماس: تصريحات أبو مرزوق لا تمثل موقف الحركة    إسبانيا تطرد حلاقا مغربيا من برشلونة بتهمة تجنيد مقاتلين لتنظيم داعش    العداؤون المغاربة يتألقون في ماراثون اشبيلية    البنك الدولي: القطاع الزراعي في المغرب يواجه تحديات كبرى بسبب الجفاف    الصيادلة يدعون أخنوش للقاء عاجل ويهددون بالتصعيد    الاتحاد الأوروبي يعلق عقوبات على سوريا    جريمة مزدوجة تهز المحمدية ..سبعيني يقتل ابنته وصهره ببندقية صيد    الطالب الباحث مصطفى المحوتي يناقش رسالة الماستر حول البعد التنموي لقوانين المالية بالمغرب    ندوة بالحسيمة تسلط الضوء على حقوق النساء الراعيات للأشخاص في وضعية إعاقة    منخفض جوي يقترب من المغرب مصحوب بامطار غزيرة وثلوج    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    فرنسا تدين استهداف قنصلية روسيا    الملك يهنئ رئيس جمهورية إستونيا    الاستخبارات المغربية تتعقب مصادر الأسلحة الإجرامية إثر تفكيك "خلايا داعشية"    حريق يداهم الحي الجامعي بوجدة    الكاتب الأول إدريس لشكر يهنئ الميلودي موخاريق بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    غزة ليست عقارا للبيع!    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    ميناء طنجة المتوسط يستقبل سربًا من مروحيات الأباتشي    حموني: لم يعد مقبولا أن يغزو "تسونامي" المال والمصالح الانتخابات والأحزاب والمؤسسات التمثيلية    بوبكر سبيك: التشكيك في العمليات الأمنية يُعدّ جزءا من العقيدة الإرهابية    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الحكومية: الممارسة الديمقراطية وصعوبة التغيير
نشر في الأحداث المغربية يوم 20 - 07 - 2013

لتشخيص وتحليل الوضع الذي تتخبط فيه الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية في المغرب ما بعد دستور 2011 الذي وعد المغاربة بحياة ديمقراطية فعلية وتغيير حقيقي في ظل استثنائهم السياسي الذي يزيد غموضا يوما بعد يوم، تابعوا معي أحداث هذا المسلسل الذي يعد بمزيد من مشاهد الفضح والمكاشفة السياسية والحزبية.
حزب سياسي من ضمن مكونات الائتلاف الحكومي يقرر مغادرة الحكومة، وبغض النظر عن الأسباب والتداعيات، بقي ينتظر لعدة أسابيع رأي أو تحكيم الملك محتكما إلى الفصل 42 من دستور 2011، وبعد أن فهم الحزب متأخرا أن قرار الانسحاب أو البقاء في الائتلاف الحكومي هو قرار يخص الحزب وأجهزته التقريرية، وأن هذه العملية السياسية البسيطة ليست نهاية العالم أو بداية التاريخ، بل هي مجرد إجراء عادي في سير الحكومات وسيرورة الديمقراطيات، بعد ذلك وتنفيذا لقرار الإنسحاب قدم الوزراء المنتمون إليه استقالاتهم لرئيس الحكومة وفق منطوق الدستور، ليتضح أن أحد المستوزرين باسم الحزب له فهمه الخاص للممارسة الدستورية والحزبية ففضل مصلحته الشخصية بمبرر يؤكد صعوبة التخلص من التقليدانية وصعوبة تطوير الكائن السياسي والحياة الحزبية في مغرب ما بعد 2011. رئيس الحكومة يتوصل باستقالات خمسة وزراء ويتماطل في رفعها إلى الملك بمبرر أنه من حقه أخذ الوقت الكافي للنظر فيها وقبولها أو رفضها! وهو يشكك في عزم وجدية المستقيلين ويثني على خصالهم وتفانيهم في عملهم، وهو ينتظر لعلهم يندمون أو يمزحون ويتراجعون. هؤلاء الوزراء بدورهم وبعد أن قدموا استقالاتهم إلى رئيس الحكومة عادوا إلى مكاتبهم بالوزارات ليستئنفوا عملهم وحضروا المجلس الحكومي وكأن شيئا لم يقع. رئيس الحكومة وبحثا عن أغلبية جديدة يلتقي رئيس حزب سياسي آخر من المعارضة، كان قد وصفه بالعاجز، مما سيطرح سؤال المصداقية التي هي شرط أساسي للعمل الديمقراطي. والبقية تأتي.
إن مختلف مشاهد هذا المسلسل المنقول من واقع الممارسة السياسية والحزبية في المغرب، وبمشاركة عدة فاعلين، لا تزيد الحياة الديمقراطية والممارسة الدستورية إلا مزيدا من اللبس والابتذال، وانتظارات المواطنين والمتتبعين إلا مزيدا من الإحباط والتأكد من حجم الصعوبات والعوائق التنظيمية والثقافية والسياسية والأخلاقية التي تعقد مسار الانتقال الفعلي إلى وضع ديمقراطي عادي، وبالأحرى الانخراط في التأسيس لتقاليد وممارسات سياسية حديثة تنتصر لروح العمل الديمقراطي والتأويل الجريء لبعض مقتضيات دستور 2011 المعلقة والمرهونة بمستوى وقدرات الفاعل السياسي الحزبي على التحرر من مكبلاته ورقابته الذاتية ومن ركام التقليدانية، والتحلي بالجرأة والنزاهة في تعاطيه مع مجريات الممارسة السياسية.
ففي الحياة الديمقراطية تعتبر المبادئ وأخلاق الممارسة بديهيات تلزم الكيانات والكائنات الحزبية، ومنها معنى الانتماء والاستوزار باسم تنظيم معين أو ائتلاف حكومي محدد ووفق برنامجه الانتخابي ومشروعه أو تصريحه، ومعنى التموقع في الحكومة أو المعارضة، ومقتضيات تحمل المسؤوليات والاستقالة منها، وحدود الممارسة والسجال أو الخطابة، وكذا معاني استقلالية التنظيمات والأشخاص وسلوكيات النزاهة والمسؤولية واحترام النفس وبقية مكونات المشهد السياسي والمجتمعي وعموم المواطنين والمواطنات.
فمختلف الأحداث والمراوغات السياسية التي طبعت المسلسل الحكومي المذكور، ومنها ما هو صادر عن حزب الاستقلال ووزرائه، ومنها ماهو صادر عن رئيس الحكومة وحزبه، أبانت عن تمسك الفاعل الحزبي بأهداب التقليدانية السياسية ونمط الممارسات التي تكرست في الفضاء السياسي بالمغرب على امتداد عشرات السنوات، ومنها الخوف والاجتهاد في الخنوع، وانتظار التعليمات أو الإشارات، والانحياز للجمود والانبطاح بدلا من التغيير والجرأة وتحرير الفعل السياسي، ثم تغليب الخطابة والصراع الصغير والذكاء الفج، والتملص من المسؤوليات وأخلاق الممارسة الديمقراطية أملا في ضمان مصالح ذاتية أو فئوية ضيقة.
فمهما كانت نتائج الأزمة الحكومة الحالية، ونجاعة التحاليل والسينريوهات الممكنة، وشكل الخروج منها بمسوغ سياسي وحزبي وإجراءات استوزارية وتنظيمية أو برنامج جديد، فالمؤكد أن السنتين المنصرمتين من عمر أول حكومة بعد سن دستور 2011 الذي جاء في سياق انتفاضات الشعوب وحركاتها الاحتجاجية التي كسرت جدار الصمت وطالبت بصوت مرتفع، مرفوق بدماء ومعاناة المواطنين والمواطنات الأحرار وحرقة التغيير، بالديمقراطية وإسقاط الفساد والاستبداد، إضافة إلى أحداث هذا المسلسل المرشح للمزيد من المفاجآت، فإن واقع الممارسة السياسية والحزبية أبان عن عجز ذاتي لدى بعض التنظيمات ونخبها وافتقارها إلى القدرة على المبادرة والجرأة والفعل الديمقراطي والسياسي الجريء والنزيه. كما استطاعت أن تراكم ردود وأشكال تعاطي تقليدانية في تصريفها للنص الدستوري والتأسيس لممارسة جديدة، ولا شك أن تلك أكبر النتائج التي ستعيق الانتقال الديمقراطي الفعلي وتصالح المواطنات والمواطنين مع العمل السياسي.
رشيد الحاحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.