المتتبع للحياة السياسية في بلادنا،على الأقل في الآونة الأخيرة ، سيقف على أن الوضع يشكل حالة نفسية تستدعي العلاج. الجميع يتخاصم مع الجميع، والجميع له قاموسه في السباب ضد الجميع وهكذا... والصورة التي يمكن أن يكونها الإنسان العادي عن حياتنا السياسية يمكن تشكيلها من خلال بنكيران، رئيس الحكومة خاصة حين يصرخ في البرلمان، يليه في ذلك بنشماس رئيس فريق المستشارين لحزب «الأصالة والمعاصرة» وهو يرد الصاع صاعين،أو شباط وهو يتفنن في محاولة إحراج خصومه من أعلى منصات خطابة أثناء نشاط حزبي، ثم الوزراء وهم يجيبون على أسئلة البرلمانيين بنرفزة، وهؤلاء يعقبون عليهم بنرفزة أكبر. ألا تستدعي هذه الصورة إخضاع هؤلاء الناس الذين يمثلون نخبة البلد السياسية إلى جلسات التحليل النفسي،على الأقل لإعادة تقويم السلوك؟ الصورة في ظاهرها كاريكاتورية، لكنها في العمق مأساوية للغاية. للأسف، مصير البلد يوجد بين أيدي هؤلاء الناس. وهذا أمر مقلق لأن نمو البلاد وازدهار اقتصادها وتنميتها المستدامة لا يمكن أن تقوم على العبث و «لعب الدراري» الذي يسود في الوسط السياسي. لقد وجه المجتمع تنبيها للسياسيين من خلال العزوف عن المشاركة وهجر صناديق الإقتراع، وهو سلوك نابع من كون السياسيين لا يحترمون المواطنين. المواطن وهو يقاطع الاستحقاقات الإنتخابية يعي أنه يقوم بسلوك سياسي من خلال اتخاذه لذلك الموقف. لكن الساسة في هذا البلد لم يفهموا جيدا الرسالة وهم يواصلون عبثهم المرضي ويخربون كل مسالك تصالح المواطنين مع الممارسة السياسية الإيجابية. على ساسة البلد أن يفهموا أن وضعهم لا يشرفهم هم أولا قبل أن يشرف بلدهم. والمطلوب أن يتقوا الله في أنفسم وفي هذا البلد.