هل ألغت القناة الأولى حقا برنامج “مشارف” لياسين عدنان؟ لحد الآن لاشيء مؤكد، والجميل مع أصدقائنا في القناة الأولى هو أن عملية التواصل للتأكيد أو النفي أو الرخبار أو الإلغاء هي مسألة لاتهمهم كثيرا. برنامج ألغي بثه هنا، ثم عاد للبث ثانية هناك، أو حلقة من برنامج كانت ستمر ذات يوم ومرت في يوم آخر ه يمسآئل “كتوقع وصافي”، ولاداعي للتركيز عليها كثير أو التوقف طويلا عندها. لذلك اأستطيع أن أقول إن برنامج “مشارف” ألغي لحد الآن. ومن الناحية الأخرى لا أستطيع أن أقول إن برنامج مشارف لازال مندرجا ضمن شبكة برامج الأولى لأن الحصة التلفزيونية التي يهيذها كل أسبوع بعناية رائقة ياسين عدنان وأحمد النجم والبقية لاتمر هذه الأيام. فما الذي وقع لمشارف بالتحديد؟ الذي وقع هو أن ياسين عدنان أصابته لوثة التفكير السليم التي يعد أحد كبار المصابين بها في المغرب، فقال لنفسه : إدارة القناة الأولى تحدثت عن ضرورة الانفتاح على شباب 20 فبراير وعلى الحراك المجتمعي الكائن في البلد، وبرنامج مشارف جزء من لقناة الأولى إذن علي بمنطق سليم للغاية أن أنفتح على هذا الحراك. بالنسبة لبرنامج أدبي أو ثقافي لايمكن لياسين أن يستدعي شباب العشرين إلى بلاتو البرنامج، خصوصا وأنه م يبدعوا بعد كتابة ما ينادون به من شعارات، بل أحيانا لم يصلوا إلى درجة التعبير العادي عن مطالبهم بشكل واضح، فما العمل إذن؟ العمل هو أن يمارس مشارف دوره لأدبي والثقافي. استعن ياسين عدنان بأضية وزعها على الصحف والمجلات المغربية يقول فيها إن البرنامج سيحاول مناقشة التحولات الفكرية والثقافية التي صنعت 20 فبراير، وبدأ المسألة باستدعاء أستاذ السوسيولوجيا المحترم جدا ادريس بنسعيد لكي يقدم قراءة عاقلة ورصينة فيما يقع في الشارع اليوم. لم يكن ياسين يعلم أنه يضع بتفكيره السليم هذا نقطة لنهاية لبرنامجه، ولم يكن يتخيل هو الذي رأى شباب 20 فبراير يحلون ضيوفا على القناة الأولى والقناة الثانية وقناة “ميدي آن تي في”، بل ورأى حميد أين من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يتحدث في برنامج “مباشرة معكم” عن ضرورة إلغاء طقس تقبيل يد الملك أن كل هذا الذي رآه مسموح به في التلفزيون المغربي، وأن استدعاء عالم اجتماع لكي يناقش الظاهرة سوسيولوجيا هو أمر ممنوع. اليوم لايمتلك ياسين أي جواب عن توقيف أو عدم توقيف برنامجه. كل مايملكه هي إجابات غامضة للغاية عندما يهاتفه صحافي لكي يسأله “واش وقفو ليكم البرنامج”، حيث يريد “والله مانعرف”. لحقيقة أن من يتابعن القناة الأولى يعلمون بعض الأشياء، ويعرفون أن هناك توجها منذ القديم ينظر بعين السخط لما يقوم به ياسين على مستوى التواصل مع الصحافة المغربية والعربية حول برنامجه. مرارا قيل لياسين أو تم إفهامه أنه “ليس حسنا على الإطلاق التواصل مع الصحافة لوحده، وأن هناك خلية تواصل خاصة هذا هو دورها”. كان رد ياسين هو أنه لايمكن أن ينتظر تواصلا لايراه على أرض الواقع، وأنه يرسل إلى كل الجرائد المغربية ملخصا عن برنامجه وويبقى الاختيار الأخير للجرائد بين من تقر نشر الملخص وبين من تضرب عنه صفحا والسلام. نقاش بقي عالقا بينه وبين المشرفين على برمجة الأولى إلى أن وجد العلمي الخلوقي مدير برمجة الأولى “منين يدوز” لبرنامج “مشارف”، حين تصيد له “هفوة أو خطأ” الاهتمام بما لايجب الاهتمام به أي الانكباب سوسيولوجيا أو فكريا عل ىحراك شعبي يعرفه الشارع المغربي. لكن هناك ما هو أخطر، اليوم ومن وراء نقاش مشارف هناك توجه داخل القناوات الغربية يقول إنه من اللازم على هذه القنوات الاكتفاء “بولاد الدار” فقط. الشركات الخارجية للإنتاج أو الطاقات التي تأتي من الخارج لاتقدم أي إفادة للقنوات المحلية وكل ماتفعله هو استنزاف ميزانيات هذه القنوات دون فائدة تذكر، والحق أنه منطق أعرج للغاية يدل على ضيق أفق لم يعد له مكان في عصرنا الحديث، والتسليم به يعني يأن الطاقات التفزيونية الوحيدة الموجودة في البلد هي الطاقات الموظفة في الأولى والثانية وميدي آن تي في . ونحن قد نسلم بهذا المنطق ونقبله شرط أن يكون له مايسنده على مستوى المشاهدة والمتابعة والجودة للبرامج التي ينتجها أبناء الدار الذين يدفع بعضهم نحو هذا الانغلاق القاتل تماما لتلفزيوننا اليوم والمعاكس لكل توجهات التلفزيون الحديث. بعض أبناء الدار لهم مواهب حقيقية في مجالاتم، وهذه سهل جدا إثباتها لكن بعضهم دخل التلفزيون صدفة ذات يوم ولا يمكنه – وهذه نتعهد بها نهائيا على مسؤوليتنا – أن يقدم في يوم من الأيام شيئا للمغاربة عبر التلفزيون، لذلك علينا أن نكف عن ترويج مثل هذه المقولات الغبية للغاية التي ستزيد تلفزيوننا تخلفا على تخلف. أما بخصوص “مشارف” ياسين فلي أمل حقيقي في أن يتدارك فيصل العرايشي، والرجل لا أعرف عنه إلا كل خير، الموقف “الباسل” الذي وضعه فيه مبرمجوه وأن يسمح لمن كاوا يشاهدون هذا البرنامج أن يعودوا للإطلالة من مشارفه على واقعهم المغربي بعين إبداعية وثقافية تستحق الاعتناء بها وليس العكس هي عين ياسين عدنان وطاقم برنامجه