أستاذ في علم الاجتماع عرف المجتمع المغربي في السنوات الأخيرة توالي الكثير من الإشاعات التي خلقت جدلا واسعا وأحيانا نوعا من البلبلة في صفوف المواطنين، قبل أن تخبو جذوتها بعد أن أثبتت الأيام عدم صحتها، بينما لا يزال بعض تلك الإشاعات متداولا بين الناس رغم وجود حقائق ثابتة تلغيه. في الحوار التالي يتطرق الأستاذ على الشعباني إلى الدوافع الإجتماعية الكامنة وراء إقدام بعض الجهات والأشخاص على إطلاق الإشاعات وسبل التصدي لها. الإشاعة هي مجرد خبر يحتمل الصدق والكذب، ويتم تداوله بين الناس، قد يصدقه البعض منهم، ويعمل به أو يحتاط منه، لأن ذلك مرتبط بنوع الخبر الذي يتلقاه، بينما لا يصدقه البعض الآخر ويضعه بين قوسين في انتظار التيقن منه والتأكد من مدى صحته. تختلف أسباب ترويج الإشاعة باختلاف الجهات التي تصدر عنها، والمصلحة المتوخاة من إطلاقها. وتنقسم مصادر الإشاعة إلى قسمين: الأول خاص بالأفراد الذين تصدر عنهم الإشاعة التي ترتبط بالأمور الشخصية التي قد تمس الأخلاق، أو بالأحداث العامة التي يعيشها المجتمع سواء كانت سياسية أو اقتصادية. أما القسم الثاني فيرتبط بالمؤسسات التي يكون لها في الغالب ارتباط بالدولة، والتي تكون لديها مصلحة معينة من انتشار هذه الشائعات، أو لمعرفة ردود أفعال الناس حول قضية من القضايا، أو لاتخاذ مجموعة من الإجراءات، وتقوم تلك الجهات والمؤسسات باستغلال الإشاعة من أجل توجيه الرأي العام وتأطيره وتغيير اهتماماته. كما أن الإشاعة كانت دائما مرتبطة بالحروب بين الدول فكل جهة تطلق إشاعة على الأخرى من أجل خلق التشويش وسطها، للتغلب عليها وإلحاق الهزيمة بها. والمعروف أن الإشاعة تنتشر بشكل كبير داخل المجتمعات التي تعاني نسبة كبيرة من أفرادها من الجهل والأمية، ويفتقرون إلى القدرة على تحليل المعطيات والمعلومات التي يتلقونها. ومن أهم العوامل المساعدة على انتشار الإشاعات، هناك انعدام الشفافية داخل المجتمعات، التي يكون فيها هامش الديمقراطية ضيقا جدا ولا يسمح بتداول الخبر الحر بل وحتى الوصول إليه، بحيث يكون هناك تشديد في الرقابة وتكذيب بعض الأقلام والمنابر الإعلامية. فعندما يكتنف الغموض بعض الأحداث، ويعجز الناس عن التحقق منها والتأكد من مدى صحتها، يصبح المجال خصبا أمام الإشاعات، كما حدث في قضية مقتل أسامة بن لادن، فبالرغم من كل الحقائق التي تثبت موته، شكك الناس في مختلف أنحاء العالم في ظروف وفاته، وكذبوا رواية الإدارة الأمريكية، واعتبروا أن الأخيرة أرادت استعمال هاته الورقة في ظرف خاص، وهو ما جعل العديد من المراقبين بل وعامة الناس يشككون في مدى صحة الخبر، خاصة في ظل التضارب الذي ميز المعطيات والأخبار التي قدمتها الإدارة الأمريكية منذ البداية حول عملية تصفية بن لادن في باكستنان. ويبقى الحل الوحيد الذي من شأنه المساهمة في الحد من انتشار الإشاعات بمختلف أنواعها، هو التروي والتبين من الأشياء، فلا يجب علينا تصديق كل ما نتلقاه، كما لا يجب تكذيبه حتى نتيقن منه، فالله سبحانه وتعالى حبانا بالعقل والتفكير والقدرة على التبين من الأشياء، فلذلك علينا أن نأخذ هذه الأمور بحذر وباحتياط وبتحفظ، والسنوات القليلة الماضية شاهدة على الكثير من الإشاعات التي انطفأت بنفس السرعة التي انتشرت بها دون أن يكون لها أي مفعول